الجزائر تحاول ترميم بقايا البوليساريو بعدما حطمت الخارجية المغربية كل شيء

كشف مساعد وزير الخارجية الأميركي المكلف بالشأن العسكري والسياسي، رينيه كلارك كوبر، عن مخاوف جزائرية من تطابق وجهات النظر الأميركية – المغربية بشأن قضية الصحراء، في وقت يتآكل فيه الدعم الدولي لجبهة بوليساريو الانفصالية التي باتت معزولة دبلوماسيا.

وأكد كلارك كوبر، وجود مخاوف لدى الجزائر بشأن التحولات المحتملة في الموقف الأميركي من نزاع الصحراء.

وأشار في ندوة صحافية بواشنطن، أن السؤال بشأن قضية الصحراء طُرح في كل الاجتماعات الثنائية مع الجزائريين، وليس فقط مع الوزراء.

وأدى مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية والعسكرية خلال الفترة الممتدة من 27 فبراير إلى 4 مارس، زيارة إلى كل من الجزائر وتونس وموريتانيا لمناقشة توسيع التعاون الأمني والعسكري في المنطقة المغاربية.

وأوضح المسؤول الأميركي أن الجزائر قد تربط أي تقارب لها مع الولايات المتحدة بموقف واشنطن من نزاع الصحراء.

وقدم المغرب مبادرة الحكم الذاتي كمقترح سياسي لإنهاء النزاع حول الصحراء نال دعما أمميا، إذ سبق وأكد نائب وزير الخارجية الأميركي السابق جون سوليفانو، أن “سياستنا في هذا الموضوع لم تتغير”، معتبرا الاقتراح المغربي للحكم الذاتي للصحراء يشكل أحد الخيارات الممكنة لتسوية الوضعية.

إدراج المعونات الأميركية المخصصة لإقليم الصحراء ضمن المساعدات الممنوحة للمغرب اعتراف أميركي بمغربية الإقليم

وتعزز توجس الجزائر من مواقف الولايات المتحدة في ما يتعلق بالصحراء المغربية، بعد إدراج قانون الميزانية الأميركي لسنة 2019 الصحراء ضمن المساعدات المالية الممنوحة للمغرب، وهو ما يشكل هزيمة دبلوماسية للجبهة الانفصالية، التي كانت تأمل أن يتم استبعاد الصحراء من هذه المساعدات، خصوصا بعد تقديم مجلس النواب الأميركي مشروع قانون قبل أسابيع يستثني الصحراء من المساعدات التي تمنحها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى المغرب.

وقالت وزارة الخارجية المغربية إن السلطتين التنفيذية والتشريعية الأميركيتين اللتين يمثلهما على التوالي الرئيس دونالد ترامب ومجلسا الكونغرس (الشيوخ والنواب)، تتفقان على اعتبار الصحراء جزءا لا يتجزأ من المملكة المغربية، وعلى تمكينها من الاستفادة من اعتمادات التعاون على قدم المساواة مع باقي جهات البلاد.

وجاء اعتراف واشنطن بانتماء الصحراء إلى التراب المغربي، عقب زيارة وفد دبلوماسي أميركي إلى مدينتي العيون والداخلة التقى فيها بممثلي السكان وجمعيات المجتمع المدني، وهو ما يؤشر حسب مراقبين، على أن القناعة الأميركية بالسيادة المغربية مؤسساتية.

و أشار مدير مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية، عبدالفتاح الفاتحي، إلى أن زيارة الوفد الأميركي تأكيد على أن أقاليم الصحراء مرتبطة سياسيا وترابيا وإداريا بالمغرب وهو ما تضمنه الفصل الثالث من الميزانية الأميركية، والتي قضت باستخدام موارد المساعدة في الصحراء.

ومنذ استقالة المبعوث الأممي السابق الألماني هورست كوهلر في مايو الماضي، توقّفت العملية السّياسية بخصوص ملف الصحراء خصوصا، فيما تدعم الرباط أي مباحثات أممية تحت سقف مقترح الحكم الذاتي.

وكشفت مصادر دبلوماسية أنه من المتوقع تعيين وزير الخارجية السلوفيني ميروسلاف لايتشاك مبعوثا خاصا للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية خلفا للرئيس الألماني السابق الذي استقال لأسباب صحية. وقال دبلوماسيون طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم إنه في حال عدم اعتراض أحد من أطراف النزاع على ترشيح لايتشاك في الأسابيع المقبلة، فسيتم تأكيد تعيينه.

سعدالدين العثماني: المغرب يواصل التعاون مع الأمم المتحدة وأمينها العام لإيجاد حل لهذا النزاع المفتعل

ونجح كوهلر في جمع المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا على طاولة المفاوضات بسويسرا في ديسمبر عام 2018، وأيضا في مارس 2019، لكن لم يتم إحراز أي تقدم، فيما تحتفظ الأمم المتحدة ببعثة سلام في الصحراء المغربية تعرف باسم “مينورسو”، مهمتها مراقبة وقف إطلاق النار من خلال دوريات جوية وبرية.

ويعتبر التعيين الجديد، إن تم، امتحانا يختبر مدى حرص جبهة بوليساريو الانفصالية على التسوية السياسية عبر المفاوضات، رغم أنها هددت في أكثر من مرة بإشعال المنطقة ولوحت بالحل العسكري في تصعيد يخالف كل القرارات الأممية التي تحث على الحلول السلمية.

وتدافع فرنسا عن ضرورة أن يكون المبعوث الأممي الجديد من القارة الأوروبية واعتبر وزير خارجيتها جون إيف لودريان أن “بلاده تتابع عن كثب تعيين مبعوث أممي جديد لمواصلة النتائج التي تمت مراكمتها في السابق، لعلها تفضي إلى حل ينهي الصراع العالق منذ ما يقرب من نصف قرن”.

وتدعم باريس مقترح الحكم الذاتي المتوفر على عنصري الجدية والمصداقية، ولهذا وقفت ضد أي خطوات لاختيار مبعوث أممي قد يعود بالملف إلى نقطة الصفر بدل الاشتغال على ما راكمه من سبقه.

وشدد رئيس الحكومة المغربية سعدالدين العثماني، في تصريحات صحافية على هامش مشاركته في قمة أديس أبابا، في فبراير الماضي، على أن “المغرب يواصل التعاون مع الأمم المتحدة وأمينها العام لإيجاد حل لهذا النزاع المفتعل، بالموازاة مع مواصلة ورش التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم الصحراوية”، مبرزا أن “الصحراويين يشاركون في الحياة السياسية والاقتصادية لبلدهم”.

وأبلغ زعيم تنظيم بوليساريو، إبراهيم غالي، الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في فبراير الماضي فقدانه الثقة في العملية السياسية التي ترعاها المنظمة منذ سنة 1991، مشيرا إلى أن الجبهة، لن تنخرط في أي عملية لا تحترم مبدأ تقرير المصير.

وقال الطالب عمر إنه لم يعد أمامهم سوى التصعيد واستعمال كل الوسائل من أجل تقرير المصير، بما في ذلك العمل المسلح، في حال فشل كل الحلول السياسية.

وتعكس تصريحات بوليساريو المتشنجة امتعاض الجبهة من المكاسب الأخيرة التي حققها المغرب في نزاع الصحراء أمام توسع الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء، إضافة إلى تمسك الأمم المتحدة بمبادرة الحكم الذاتي لتسوية النزاع.

تعزز توجس الجزائر من مواقف الولايات المتحدة في ما يتعلق بالصحراء المغربية، بعد إدراج قانون الميزانية الأميركي لسنة 2019 الصحراء ضمن المساعدات المالية الممنوحة للمغرب، وهو ما يشكل هزيمة دبلوماسية للجبهة الانفصالية

ونجحت الرباط في تشكيل استراتيجية ناجحة في التعامل مع قضية الصحراء ما انعكس على المستويات الدبلوماسية والاستثمارية والقانونية، في وقت تآكل فيه الدعم الدولي للجبهة الانفصالية.

ويتجلى النجاح من خلال افتتاح عدد من البلدان الأفريقية قنصليات لها في الإقليم، مرورا برصد الرباط استثمارات لتنميته، وصولا إلى مدّ ترسيم الحدود البحرية المغربية لتشمل الصحراء.

وافتتحت كل من جمهورية بوروندي وجمهورية جيبوتي قنصليتين بإقليم الصحراء المغربية قبل أسبوعين، ما يرفع عدد التمثيليات القنصلية بالإقليم إلى 9 في أقل من ثلاثة أشهر.

وعملت الدبلوماسية المغربية على مد يدها لدول تخالفها الرأي حول الملف، ونجحت في إقناع عدد منها ببدء علاقات جديدة.

وتتمسك الرباط بممارسة سيادتها وحقوقها القانونية والاقتصادية فوق صحرائها وتنمية أقاليمها الجنوبية كدولة ذات سيادة في وقت تعيش فيه جبهة بوليساريو على وقع هزائم دبلوماسية وسياسية متتالية بعدما حقق المغرب مكاسب مهمة في ما يتعلق بملف الصحراء.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: