نجاح دبلوماسي مغربي يعمق عزلة بوليساريو

نجحت الرباط في تشكيل استراتيجية ناجحة في التعامل مع قضية الصحراء المغربية ما انعكس على المستويات الدبلوماسية والاستثمارية والقانونية، في وقت تآكل فيه الدعم الدولي لجبهة البوليساريو الانفصالية.

ويتجلى النجاح من خلال افتتاح عدد من البلدان الأفريقية قنصليات لها في الإقليم، مرورا برصد الرباط استثمارات لتنميته، وصولا إلى مدّ ترسيم الحدود البحرية المغربية لتشمل الصحراء.

والجمعة، افتتحت كل من جمهورية بوروندي وجمهورية جيبوتي قنصليتين بإقليم الصحراء المغربية، ما يرفع عدد التمثيليات القنصلية بالإقليم الى 9 تمثيليات في أقل من ثلاثة أشهر.

وعملت الدبلوماسية المغربية على مد يدها لدول تخالفها الرأي حول الملف، ونجحت في إقناع عدد منها ببدء علاقات جديدة.

وقبل ذلك، افتتحت 5 دول أفريقية قنصليات بإقليم الصحراء، ليرتفع بذلك عدد القنصليات الأجنبية بالإقليم إلى 7.

وفي يناير 2017، صادقت قمة الاتحاد الأفريقي رسميا على عودة المغرب لعضويته بعد أكثر من ثلاثة عقود من انسحابه.

ويشهد إقليم الصحراء المغربية، منذ 1975، نزاعا بين الرباط وجبهة البوليساريو، وذلك بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحول إلى مواجهة مسلحة بين الجانبين، توقفت عام 1991 بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية أممية.

عبدالقادر الطالب عمر: سنستعمل كل وسائل تقرير المصير بما في ذلك العمل المسلح

وتتمسك الرباط بممارسة سيادتها وحقوقها القانونية والاقتصادية فوق صحرائها وتنمية أقاليمها الجنوبية كدولة ذات سيادة في وقت تعيش فيه جبهة البوليساريو على وقع هزائم دبلوماسية وسياسية متتالية بعدما حقق المغرب مكاسب مهمة في ما يتعلق بملف الصحراء.

وفي وقت سابق، كشفت مصادر دبلوماسية أنه من المتوقع تعيين وزير الخارجية السلوفيني ميروسلاف لايتشاك مبعوثا خاصا للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، خلفا للرئيس الألماني السابق هورست كوهلر الذي استقال لأسباب صحية.

وقال دبلوماسيون طلبوا عدم الكشف عن هويتهم إنه في حال عدم اعتراض أحد من أطراف النزاع على ترشيح لايتشاك في الأسابيع المقبلة، فسيتم تأكيد تعيينه.

ونجح كوهلر في جمع المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا على طاولة المفاوضات بسويسرا في ديسمبر عام 2018، وأيضا في مارس 2019، لكن لن يتم إحراز أي تقدم، فيما تحتفظ الأمم المتحدة ببعثة سلام في الصحراء المغربية تعرف باسم “مينورسو”، مهمتها مراقبة وقف إطلاق النار من خلال دوريات جوية وبرية.

ويعتبر التعيين الجديد، إن تم، امتحانا يختبر مدى حرص جبهة البوليساريو الانفصالية على التسوية السياسية عبر المفاوضات، رغم أنها هددت في أكثر من مرة بإشعال المنطقة ولوحت بالحل العسكري في تصعيد يخالف كل القرارات الأممية التي تحث على الحلول السلمية، ما لم يتم تعيين مبعوث أممي جديد والدخول في مفاوضات مباشرة مع الرباط.

وقال عبدالقادر الطالب عمر، ممثل الجبهة الانفصالية بالجزائر، إنه لم يعد أمامهم سوى التصعيد واستعمال كل الوسائل من أجل تقرير المصير، بما في ذلك العمل المسلح، في حال فشل كل الحلول السياسية.

وتعكس تصريحات البوليساريو المتشنجة امتعاض الجبهة من المكاسب الأخيرة التي حققها المغرب في نزاع الصحراء أمام توسع الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء، إضافة إلى تمسك الأمم المتحدة بمبادرة الحكم الذاتي لتسوية النزاع.

ولم يصدر تأكيد رسمي من المغرب على موافقته على اقتراح تعيين لايتشاك في منصب المبعوث الأممي للصحراء، فيما قال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إنه وجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة منذ أيام طالب فيها بتعجيل تعيين مبعوث جديد والشروع في إعادة إطلاق مسار التسوية.

ودافعت باريس عن أن يكون المبعوث الأممي الجديد من القارة الأوروبية واعتبر وزير خارجيتها جون إيف لودريان أن “بلاده تتابع عن كثب تعيين مبعوث أممي جديد لمواصلة النتائج التي تمت مراكمتها في السابق، لعلها تفضي إلى حل ينهي الصراع العالق منذ ما يقرب من نصف قرن”.

وتدعم فرنسا مقترح الحكم الذاتي المتوفر على عنصر الجدية ولهذا وقفت باريس ضد أي خطوات لاختيار مبعوث أممي قد يعود بالملف إلى نقطة الصفر بدل الاشتغال على ما راكمه من سبقه.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: