محاكمة وجوه الحراك البارزة تنقلب محاكمة للنظام الجزائري
طلب ممثل النيابة في محكمة بالجزائر السجن سنة مع النفاذ ضد فضيل بومالة أحد وجوه الحراك الشعبي الذي تشهده البلاد منذ سنة، والذي يحاكم بتهمة “المساس بسلامة وحدة الوطن” كما أعلنت منظمة تدافع عن المعتقلين الاثنين.
وتحولت محاكمة الناشط السياسي المعارض فضيل بومالة، إلى محاكمات سياسية وفكرية للنظام السياسي القائم في البلاد، بعد المداخلات والمرافعات التي قدمها المعارض وفريق الدفاع، في محاكمة طويلة شدت أنظار المتابعين وانتهت إلى تأجيل النطق إلى بداية شهر مارس.
وتسود أجواء التفاؤل في المحاكمة الطويلة لإطلاق سراح فضيل بومالة، رغم تأجيل النطق بالحكم، لاسيما وأن النيابة التمست عقوبة عام سجنا نافذ وغرامة بنحو ألف دولار، وهي العقوبة التي يكون المتهم قد استنفذ منها المتهم أشهرا عديدة في السجن المؤقت.
وتحولت المحاكمة التي تأسس عليها كبار الحقوقيين والمحامين في فريق الدفاع، إلى محاكمة سياسية وفكرية للنظام السياسي القائم، بعد المداخلات المطولة التي امتدت من الصباح إلى غاية ساعة متقدمة من يوم الاثنين، مما أعطى الانطباع بأنه لم يعد للقضاء مبرر باستمرار حبس الرجل.
وخاطب فضيل بومالة، قضاة المحكمة بالقول “إذا كان الشعب مذنبا أو مجرما فأنا مجرم ومذنب”، و”ماذا تساوي حريتي إذا كان الشعب الجزائري كله أسيرا”، ورافع بقوة لصالح الحراك الشعبي وفضائله في تحرير المؤسسات والأفراد من قبضة العصابة الحاكمة.
وأوقف هذا الناشط الذي برز بـ”معارضته الراديكالية ضد النظام” كما كان يقول، منتصف سبتمبر، وأودع رهن الحبس المؤقت.
وقبل توقيفه شارك في كل تظاهرات الحراك الشعبي منذ بدايته في 22 فبراير والذي دفع بالرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة إلى الاستقالة في أبريل، لكنه ما زال يطالب برحيل “النظام” الحاكم منذ استقلال البلاد في 1962.
وجاءت محاكمة المعارض السياسي المذكور، في أجواء تسودها الريبة حول نوايا السلطة في الالتفاف على الحراك الشعبي، وتفريغه من محتواه السياسي والمطلبي، عبر طرح مقاربة جديدة لحل الأزمة السياسية، بعيدا عن طموحات المحتجين الذين يتمسكون إلى حد الآن برحيل السلطة والتغيير الشامل للنظام.
ويعد فضيل بومالة واحدا من الناشطين السياسيين المعارضين الذين أوقفتهم السلطة خلال الأشهر الماضية بإيعاز من قيادة المؤسسة العسكرية، على غرار سمير بلعربي ولخضر بورقعة وكريم طابو ولامية مسوسي، والمئات من الشباب، في خطوة لإطفاء جذوة الاحتجاجات السياسية.
وفيما ينتظر النطق بالحكم النهائي في قضية فضيل بومالة، ينتظر أن يحال ملف رئيس حزب الاتحاد الوطني الديمقراطي كريم طابو في الخامس من نفس الشهر، ولا يستبعد أن يتم إطلاق سراح هؤلاء في ظل افتقاد السلطة للذرائع السياسية والقانونية للموقوفين، رغم تعمدها تجاهل مطلب تحريريهم وتفادي الظهور في ثوب المذعن للأمر الواقع.
يأتي ذلك في الوقت الذي يستمر فيه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في حملة علاقات عامة تجاه الرأي العام المحلي، من خلال مغازلة الشباب للانخراط في المخطط الذي تستعد السلطة لتنفيذه، وتعهد في تغريدة له في حسابه الرسمي على تويتر، الاثنين، ببناء “جمهورية جديدة قوية، بلا فساد ولا كراهية”، قائلا “اليوم أجدد عهدي معكم لنهرع إلى بناء جمهورية جديدة قوية بلا فساد ولا كراهية”.
وكان الآلاف من الجزائريين قد تظاهروا بقوة يومي الجمعة والسبت الماضيين تخليدا للذكرى الأولى لانطلاق الحراك الشعبي، ورفعوا صور الموقوفين والمسجونين، كفضيل بومالة، كريم طابو وإبراهيم لعلامي، وطالبوا بتحرير جميع سجناء الرأي.
ومنذ يونيو الماضي، كثفت قوات الأمن التوقيفات في صفوف نشطاء الحراك وحُكم على بعضهم بالسجن مع النفاذ، بينما ما زال بعضهم مثل المعارض كريم طابو، ينتظرون المحاكمة.
وفي بداية فبراير برأت المحكمة سمير بلعربي، وهو وجه آخر من وجوه الحراك البارزين، بينما طلبت النيابة سجنه ثلاث سنوات، بنفس تهمتي بومالة.
وذكرت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، التي تأسست مباشرة بعد بداية حملة الاعتقالات، أن “142 متظاهرا يتواجدون في الحبس المؤقت ومجموع 1300 آخرين يواجهون متابعات قضائية بسبب وقائع مرتبطة بمعارضة الانتخابات الرئاسية”.