حلم استرجاع الجزائريين لأموالهم المنهوبة يتبخر

لم تحقق تعهدات الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، أي خطوة تجاه استرجاع الأموال المنهوبة من طرف لوبيات النظام السابق، حيث تراجعت رسائل التفاؤل بشكل لافت خلال الأسابيع الأخيرة، وبات أحد مطالب الانتفاضة الشعبية في البلاد محل شك، في ظل الحقائق المعلن عنها تباعا من طرف وزراء الحكومة الجديدة.

وأكد وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة عمار بلحيمر، أن لجنة نصبت في وزارة العدل للاضطلاع بملف الأموال المنهوبة والمحولة إلى الخارج من طرف رموز النظام السابق، وأن صعوبات حقيقية تعتري المهمة بسبب الإجراءات القضائية والدبلوماسية المعمول بها في مثل هذه الحالات.

وأوحى تصريح وزير الاتصال، بأن التعهدات المتفائلة التي أطلقها الرئيس عبدالمجيد تبون، خلال حملته الانتخابية للاستحقاق الرئاسي الذي جرى في الثاني عشر من ديسمبر الماضي، لا تعدو أن تكون مجرد ذر للرماد في العيون، قياسا بتجارب دولية وإقليمية مماثلة.

وكان تبون قد صرح للتلفزيون الحكومي بأنه “سيستعيد الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج لأنه يعرف مكانها”، ولما سئل “كيف وأين هي؟ “، شدد على ترك الأمر لنفسه، وأنه “لن يكشف عنها إذا لم يكن رئيسا في انتخابات 12 ديسمبر”، وهو ما اعتبر خطأ فادحا في حملته الدعائية، وذهب مختصون في القانون إلى “ضرورة متابعته قضائيا، لأنه يتستر على جريمة”.

وما زالت الخطوات المفترضة في هذا المجال تسير ببطء ووسط تعتيم كبير، حيث لم تتسنّ معرفة الحدود التي وصلت إليها العملية إلى حد الآن، رغم مرور أكثر من شهرين على اعتلاء الرجل قصر المرادية.

وباستثناء الإجراءات التي مست ممتلكات وعقارات المسؤولين الكبار في نظام عبدالعزيز بوتفليقة ورجال المال والأعمال المحسوبين على نظامه، حيث تم الحجر عليها وعلى حساباتهم في المصارف والبنوك المحلية، خلال الأشهر الماضية، فإن الغموض ما زال يخيم على مصير الأموال المحولة إلى الخارج والمودعة في مختلف البنوك الغربية وحتى العربية.

وكانت تقارير كندية قد تحدثت في وقت سابق عن “ارتفاع وتيرة تهريب الأموال من الجزائر إلى كندا”، وتحدثت عن مبلغ 80 مليون دولار توطنت خلال أشهر مارس وأبريل ومايو الماضية في المصارف الكندية.

ولا يزال رقم الأموال المحولة إلى الخارج مجهولا لدى الرأي العام المحلي، ولا يجري الحديث إلا عن حالات جزئية، كما هو الشأن بالنسبة إلى رجل الأعمال المحبوس علي حداد، الذي حول إلى إسبانيا فقط، نحو 80 مليون دولار خلال السنوات الماضية.

وذكر مصدر مطلع لـ“أخبارنا الجالية ” أن الأسابيع التي تلت انطلاق الحراك الشعبي في البلاد، عرفت حركة تهريب كبيرة للأموال من الجزائر إلى الخارج، لاستشعار أصحابها خطر انقلاب موازين اللعبة في البلاد، وإمكانية الوصول إلى ممتلكات أصحابها إن بقيت في الجزائر.

وما زالت عملية استرجاع الأموال المنهوبة أو تلك المهربة تراوح مكانها، لاسيما بعد رفع الحجر المضروب على حسابات العديد من الشركات المملوكة لرجال الأعمال المحبوسين، وتعيين مسيرين حكوميين لإدارة تلك الشركات، بعدما تحولت إلى عبء على كاهل الدولة.

وبات المسؤولون الجزائريون يلمحون مؤخرا إلى صعوبة استعادة الأموال المهربة، مما سيزيد في حجم أزمة الثقة المستشرية بين الشارع والسلطة، ويؤجل حلم التغيير في البلاد إلى أجل غير مسمى، لاسيما في ظل حاجة البلاد إلى كل إمكانياتها المالية في الظرف الراهن لمواجهة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المعقدة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: