الانتخابات المبكرة تدفع إخوان الجزائر لإعادة التموقع
امتنعت الكتلة النيابية لحركة مجتمع السلم الإخوانية (حمس)، عن التصويت لصالح مخطط الحكومة المعروض على البرلمان، والحائز على ثقة الأغلبية، رغم التقارب الذي أوحت به تلبيتها لدعوة رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون للتشاور حول الوضع العام ومشروع تعديل الدستور، في خطوة تثير الغموض حول موقف هؤلاء من السلطة الجديدة.
واعتبر حضور حركة مجتمع السلم للمشاورات بمثابة الاعتراف بالرئيس تبون واستعدادا للتكيف مع الوضع الجديد، خاصة في ظل توجه السلطة الى إمكانية حل البرلمان والمجالس المحلية في المدى القريب، والذهاب الى تنظيم انتخابات تشريعية ومحلية مبكرة.
وكان عبدالرزاق مقري ورئيس حزب جبهة العدالة والتنمية عبدالله جاب الله قد لبيا دعوة رئيس الجمهورية، رغم أنهما كانا من المعارضين للانتخابات الرئاسية ولترشيح عبدالمجيد تبون، واختارا تيار المقاطعة.
وبرر حزب العدالة والتنمية حضور رئيسه لمشاورات قصر المرادية بكون “الرئيس الجديد للبلاد هو أمر واقع يحتّم التعامل معه”، وهو نفس الاتجاه الذي ذهبت إليه حركة “حمس”، لكن عدم دعمها لمخطط عمل الحكومة في البرلمان شكل مفاجأة للمتابعين.
وعلل النائب أحمد صادوق امتناع كتلة الحركة عن دعم مخطط حكومة عبدالعزيز جراد بكون “المسألة لا تعد اعتراضا على ما جاء في المخطط، وإنما لكون الحزب لا يمكن أن يعطي الحكومة صكّا على بياض لأنه ينتظر الأفعال”.
وأكد صادوق على أن “حمس غير مقتنعة بالمخطط، وأن أسوأ ما فيه غياب الرؤية وعدم تحديد الأولويات والإجراءات والآجال الزمنية ومصادر التمويل، رغم أنه حقق بعض الاختراقات المهمة في مجال الحريات، وإعطاء الأهمية للمؤسسات الناشئة واقتصاد المعرفة”.
وكان عبدالرزاق مقري وعبدالله جاب الله، اللذان يقودان أكبر حزبين إسلاميين في الجزائر، قد أجمعا في تصريحاتهما على أنهما “لمسا لدى رئيس الجمهورية الرغبة والنية في الإصلاحات السياسية العميقة”.
وتزعم جبهة العدالة والتنمية، أنها حملت مطالب الحراك الشعبي إلى الرئيس الجديد، وأنها ترافع عنها، رغم أن الحضور الحزبي في الاحتجاجات السياسية تلاشى خلال الأشهر الأخيرة، بسبب الحساسية التي يحملها النشطاء في الاحتجاجات والمسيرات تجاه الطبقة السياسية.
وحاز مخطط عمل حكومة عبدالعزيز جراد على ثقة الأغلبية في الغرفة الثانية للبرلمان (المجلس الشعبي الوطني)، رغم امتناع بعض الكتل المعارضة، بينما زكّى نواب تحالف “النهضة والعدالة والبناء ” المخطط المذكور.
وأحاطت العديد من نقاط الظل بمخطط عمل الحكومة، لاسيما مصادر التمويل في ظل تقلص مداخيل البلاد المتأتية من النفط، وتآكل مخزون النقد الأجنبي إلى مستوى 60 مليار دولار.
وينتظر أن تحيل الحكومة مخطط عملها على الغرفة الأولى للبرلمان (مجلس الأمة) خلال الأيام القليلة القادمة، وهي الخطوة الأقل تعقيدا، قياسا بالأغلبية شبه المطلقة لأحزاب السلطة ولما يعرف بـ”الثلث الرئاسي”.
وتسعى الطبقة الحزبية في الجزائر إلى استباق التطورات السياسية بالبلاد، لاسيما في ظل الحديث عن انتخابات تشريعية ومحلية مبكرة، وهو ما أظهر لأول مرة مداخلات نيابية حملت خطابا شديدا تجاه الحكومة، في خطوة لاستمالة الوعاء الانتخابي، بينما اختارت حمس اللعب على واجهتين، مرة في قصر المرادية للتشاور مع رئيس البلاد، ومرة تمتنع عن تزكية برنامج حكومته.