جبهة مغربية لوقف غزو البضائع التركية المدعومة

عززت الرباط جبهة التصدي لغزو البضائع التركية المدعومة بعد أن ألحقت أضرارا كبيرة بالسوق المحلية يكشف عنها العجز التجاري المسجل بين البلدين وغياب شروط التكافؤ، في الوقت الذي بدأت فيه السلطات المغربية مراجعة شاملة لاتفاقيات التبادل الحر لحماية الاقتصاد في وجه الشركات التركية.

تعالت أصوات خبراء الاقتصاد في المغرب محذرين من ضريبة الغزو التجاري التركي على الاقتصاد المحلي الذي ضرب الموازين التجارية للبلد نظرا للإفراط في إغراق السوق بالبضائع التركية.

وطلب برلمانيون في وقت سابق هذا الأسبوع بالمضي قدما في اتجاه إعادة النظر في اتفاق التبادل الحر مع تركيا بسبب آثاره السلبية على الاقتصاد المحلي.

واعتبرت عائشة الأبلق رئيسة المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية في البرلمان، أن المغرب تأخر في مراجعة هذه الاتفاقية التي أوصلت البلاد إلى عجز كبير في الميزان التجاري، مشددة على ضرورة وجود تكافؤ في التعاون مع تركيا.

وأكد النائب مصطفى باتياس، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، أن الاتفاقية التجارية مع تركيا دمرت قطاعات اقتصادية في البلد، مشيرا إلى أن الاقتصاديين المغاربة يعتبرون هذه الاتفاقية بمثابة سياسة شرسة تجاه السوق المحلية.

وقال حفيظ العلمي وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد إن “محلات بيم التركية تتسبب في إغلاق عشرات المتاجر”، مشيرا إلى أنه استدعى رئيس شركة بيم قبل خمس سنوات، وأخبره باستحالة الاستمرار في العلاقات على هذا النحو.

وأشار خلال جلسة بالبرلمان الاثنين الماضي، إلى أن حوالي 60 محلا تجاريا يغلقون أبوابهم في كل جهة توجد فيها شركة بيم.

مصطفى باتياس: تركيا تنتهج سياسة عدائية نحو الاقتصاد المغربي

وأكد أنه اشترط على مسؤولي الشركة أن تكون 50 في المئة من المنتجات التي يبيعونها مغربية على أقل تقدير، وإلا سيتم إغلاقها بأي وسيلة كانت.

ونسبت وكالة رويترز إلى المدير المالي للشركة التركية لهالوك دورت لأوغلو قوله الأربعاء إن “بيم تشتري معظم البضائع في متاجرها بالمغرب محليا، وذلك بعد أن طالبتها الرباط برفع نسبة السلع المحلية إلى النصف وإلا واجهت خطر الإغلاق”.

وأضاف “نرسل حوالي 15 في المئة فقط من منتجاتنا التي تُباع في المغرب من تركيا حيث يتم شراء الباقي، وهو 85 في المئة، من منتجين محليين”.

وتندرج الخطوة في سياق ضغط الرباط على أنقرة لتغيير سياستها التجارية السلبية التي أضرت باقتصاد البلد وأحالت الشركات على التقاعد المبكر بعد أن أغلقت أبوابها وانعدمت أمامها شروط المنافسة الشريفة.

وتتزامن ضغوط الرباط على شركة بيم لزيادة نسبة السلع المحلية، مع مراجعة الحكومة اتفاقا للتجارة الحرة أبرمته مع أنقرة في عام 2004.

وتوظف الشركة التركية نحو 3 آلاف شخص أغلبهم مغاربة. ويبلغ عدد متاجر الشركة بالمغرب 500 متجر تمثل إيراداتها نحو خمسة في المئة من إجمالي إيرادات الشركة.

وكبدت السلع التركية الشركات والمحلات التجارية المحلية خسائر فادحة، حيث يعكس العجز التجاري ذلك.

وتظهر الأرقام أن العجز التجاري مع تركيا وصل إلى نحو 18 مليار درهم (1.8 مليار دولار)، في وقت لا تتجاوز فيه الاستثمارات التركية في البلاد نسبة 1 في المئة، مقارنة مع الجزائر التي تستثمر فيها بنحو5.4 مليار دولار.

وانتقل العجز التجاري منذ تنفيذ الاتفاقية بين الطرفين في 2006 من حوالي 420 مليون دولار إلى حدود 1.6 مليار دولار بنهاية عام 2018.

وأقر العلمي بوجود إشكال كبير في العلاقة التجارية مع تركيا. وقال إن “قطاع النسيج مثلا فقد آلاف الوظائف، حيث قفز العدد من نحو 19 ألفا عام 2004، إلى 44 ألفا عام 2017، مما يعني أن العجز والخسائر في صعود كبير”.

ولم يخف الوزير تأخر التدخل الذي كان يجب أن يحصل قبل ثلاثة أعوام لافتا إلى أن فرض إجراءات جمركية على السلع التركية مكن من الانخفاض التدريجي، لكن لا يمكن تمديد الاتفاقية وأعلمت الوزيرة التركية إما أن نجد حلا وإما نُلغيها.

وقبل عامين، أعادت الحكومة المغربية فرض ضرائب على مستوردي منتجات النسيج والألبسة من تركيا لحماية المنتج المحلي وفرص العمل.

قطاع النسيج تضرر من غزو البضائع التركية

ويبلغ عدد الشركات التركية في المغرب 80 شركة، تعمل في صناعات النسيج والصناعات الغذائية والأثاث، وقطاعات أخرى مثل العقار والأشغال العمومية والبنى التحتية.

وتشتكي قطاعات مغربية كثيرة من إغراق السوق بمنتجات تضر وضعها في السوق المحلية، وهذا ما تؤكده الجمعية المغربية لصناعات النسيج والألبسة.

وشددت الأبلق على ضرورة مراجعة اتفاقية التبادل الحر مع تركيا ولا يمكن القبول بفقدان الآلاف من الوظائف والأضرار الاقتصادية.

وأكدت أن التصنيع هو البديل لكي ينجو المغرب من العجز التجاري مع عدد الدول من خلال الإنتاج والتصدير.

ويوافقها في ذلك مصطفى باتياس، الذي قال إن “تركيا تنتهج سياسة عدائية نحو الاقتصاد المغربي هدفها تدمير قطاعات بعينها، والسوق المغربية مستهدفة من بين 17 سوقا دوليا بالسياسة الاقتصادية التركية بدليل إغلاق أكثر من 500 محل للملابس الجاهزة”.

وأضاف أنه “لا يمكن للمغرب أن يقبل بتدمير تركيا الاقتصاد، والشركات الصغيرة والمتوسطة بالبلاد”.

ووجهت الرباط مرارا اتهامات لأنقرة وشددت على أنها ملتزمة بحماية الاقتصاد المحلي وعدم السماح أبدا بإغراق الأسواق بالمنتجات التركية على حساب البضائع المحلية.

وكانت تركيا قد وافقت قبل أسابيع على إعادة النظر بالشكل الذي يريده المغرب في الاتفاقية المبرمة بين البلدين لكبح العجز التجاري المتفاقم ودعم المنتجات المحلية وإشعاعها محليا.

وبخصوص رجال الأعمال الذين سيتضررون من إعادة النظر في الاتفاقية مع تركيا، أوضح العلمي أنه لا يمكن أن يسعى المغرب إلى إرضائهم على حساب آلاف الوظائف التي تُفقد.

وبدأت تدرك العديد من الدول عدم شفافية الاتفاقيات التجارية مع أنقرة وعدم وجود شروط التكافؤ، مما دفعها إلى مراجعة الاتفاقيات على غرار تونس التي صادق برلمانها بالإجماع على مراجعة الاتفاقية التجارية مع تركيا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: