نفوذ فرنسا يتراجع في أفريقيا الطامحة للتحرر

عمق التنافس الحاد بين باريس وباقي العواصم العالمية احتياجها للقارة الأفريقية ما جعلها تدفع بكامل ثقلها في التدخل في سياستها رغم حصول هذه الدول على استقلالها نظريا.

وتواجه فرنسا العديد من المتاعب في فرض هيمنتها في أفريقيا بسبب التنافس الحاد هناك رغم الأبوية السياسية والاقتصادية التي أنشأتها فرنسا هناك والتي كانت قد منحتها مساحة.

وتستحوذ باريس على أهم الأصول الاقتصادية الكبرى الموجودة في معظم مستعمراتها السابقة في أفريقيا وتتحكم الشركات الفرنسية أيضا في جميع الخدمات الرئيسية مثل المياه والكهرباء والهاتف والنقل والموانئ والبنوك الكبيرة. وينطبق الشيء نفسه في التجارة والبناء والزراعة.

ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى فتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات الفرنسية الأفريقية، قائلا إن الاستعمار “كان خطأ فادحا”، وذلك أثناء زيارته لساحل العاج، الذي رزح تحت وطأة الاستعمار الفرنسي لسنوات عديدة.

وأضاف الرئيس الفرنسي أن أفريقيا قارة فتيّة من حيث عدد سكانها، داعيا جيل الشباب الأفريقي لإقامة علاقات صداقة جديدة مع بلاده.

تربح الخزانة الفرنسية حوالي 500 مليار دولار من الأرباح والعوائد السنوية من أفريقيا، لذلك تعمد باريس إلى السيطرة على النظام النقدي الذي هو تركة الاستعمار

وعلى الرغم من أن الدعوة تأتي في إطار حقن دماء جديدة في علاقة باريس المتوترة مع دول القارة الأفريقية، يرى مراقبون أن هناك نية أخرى وراء دعوة ماكرون لجيل الشباب الأفريقي لإقامة “علاقة صداقة” جديدة مع بلاده تتمثل في استغلال شباب القارة الأفريقية.

وأطلقت فرنسا مؤخرا برنامجا لتعزيز حصتها العسكرية مع الشباب الكاميروني، ما أثار ردود فعل شعبية غاضبة في الكاميرون ضد هذا النوع من البرامج.

ووفقا للبرنامج المذكور، سيتمكن الشباب الكاميروني من الذكور والإناث، من الانخراط في البرنامج بشرط أن يكون المتقدمون ممن يتقنون اللغة الفرنسية، وهذا ما رفضه الشارع الكاميروني لما يحمله من استغلال لشباب أفريقيا من أجل خدمة مصالح فرنسا.

وانسحبت فرنسا من مستعمراتها في أفريقيا، لكنها لم تقم بذلك إلا بعد أن أجبرت البلدان التي كانت تحت استعمارها على إعلان اللغة الفرنسية لغة رسمية للبلاد والتعليم الرسمي.

وتواصل بلدان القارة السوداء التعامل بعملة الفرنك الأفريقي، الذي تتم طباعته وتحديد قوته الشرائية من قبل باريس، رغم أنه لم يعد موجودا في فرنسا نفسها، فيما يؤكد مراقبون أن باريس تهدف من خلال استمرار التداول بالفرنك الأفريقي، إلى إبقاء سيطرتها الاقتصادية على القارة السمراء.

ويجري تداول الفرنك الأفريقي في 12 دولة كانت سابقا مستعمرات فرنسية، بالإضافة إلى غينيا بيساو (مستعمرة برتغالية سابقة) وغينيا الاستوائية (مستعمرة إسبانية سابقة)، وينقسم الفرنك المتداول إلى نوعين؛ فرنك وسط أفريقيا وفرنك غرب أفريقيا.

ورغم كون الفرنك المتداول في وسط أفريقيا يساوي بقيمته الفرنك المتداول في غرب القارة، إلا أنه لا يمكن استعمال عملة دول الوسط في دول الغرب وبالعكس.

تستحوذ باريس على أهم الأصول الاقتصادية الكبرى الموجودة في معظم مستعمراتها السابقة في أفريقيا وتتحكم الشركات الفرنسية أيضا في جميع الخدمات الرئيسية

ووفقا لشروط الاتفاقية المنعقدة للجمعية المالية الأفريقية يلتزم البنك المركزي لكل دولة أفريقية بالاحتفاظ بنسبة 85 في المئة على الأقل من احتياطاتها من العملات الأجنبية في “حساب تجاري” في البنك المركزي الفرنسي التابع لبنك الرقابة المالية الفرنسي.

ولا تملك الدول الأفريقية حق الوصول إلى هذه الأموال واستغلالها. ذلك أن فرنسا تسمح لها بالوصول إلى 15 في المئة فقط من الأموال في السنة. وإذا كانت بحاجة إلى المزيد منها، فعليها اقتراض أموال إضافية من الخزانة الفرنسية.

وتحتفظ فرنسا بالاحتياطات الوطنية لـ14 دولة أفريقية منذ عام 1961 وهي بنين وبوركينا فاسو وغينيا بيساو وساحل العاج ومالي والنيجر والسنغال وتوغو والكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد والكونغو برازافيل وغينيا الاستوائية وغابون.

وتربح الخزانة الفرنسية حوالي 500 مليار دولار من الأرباح والعوائد السنوية من أفريقيا، لذلك تعمد باريس إلى السيطرة على النظام النقدي الذي هو تركة الاستعمار.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: