مواطنو دول المغرب يريدون فتح الحدود مأساة “النساء الحمالات” في المغرب والاتجار بالقاصرات في تونس
هل ستنجح الدول المغاربية في كسر الحواجز الكثيرة التي تقف في وجه تطلعاتها لتحقيق السلام بين شعوبها، وهذا دائما بإقصاء موريتانيا وليبيا لسبب أو لآخر، مع محاولات استدراك هذه الأخطاء في بعض المبادرات الهشة؟
لكن البلدان المتبقية الثلاثة (الجزائر وتونس والمغرب) هي التي تبدو في مواجهة هذه الإشكالية، التي تتصدر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي هذه الأيام تحت عناوين مختلفة.
ففي كل مرة يتظاهر سكان الحدود المغاربة في وجدة لفتح الحدود، وهذه المرة جاءت المبادرة من طرف مناضلين من المجتمع المدني وعدة شخصيات للمطالبة بفتح الحدود في منطقة زوج بغال (الحدود الجزائرية) بين لجراف (الحدود المغربية) التي أغلقت عام 1994. جاءت هذه المظاهرة على هامش الندوة، التي انعقدت حول المفقودين في عرض البحر المتوسط تخليدا لمأساة “طراخيل”، التي فقدت على إثرها مجموعة مهاجرين أفارقة في سبتة المحتلة. لذلك تم استغلال وجود جزائريين وتونسيين لإجراء هذه الوقفة للمطالبة بفتح الحدود لوصل الروابط الموجودة بين الشعبين: الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
يعبر أحد المشاركين لقناة 360 “نحن هنا لنقول في صرخة واحدة أن الحدود تقتل، الحدود هي التي تعمل على التفرقة، نريد مغربا للشعوب، وأن تكون متآخية في شقها الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، ولنقول إن دول الشمال ما زالت تقتل بهذه السياسات غير العادلة…”! كذلك صرح أحد المشاركين من الجزائر، وهو محام أنه في الوقت الذي تمارس فيه الدول الأوروبية الوحدة الاقتصادية والسياسية، نحن نعيش سياسيا بين شعوب شمال افريقيا في 2020 في حدود وهمية تم توريثها من المستعمر، وفي الوقت الذي ننتقد الدول الأوروبية لانتهاكها حقا أساسيا والمتمثل في حق حركة الأشخاص، نحن في شمال افريقيا مازلنا نواصل انتاج خطابات الكراهية والتفرقة وسياسة غلق الحدود في وجه العائلات.
ويضيف: “ما يحدث على الحدود الجزائرية – المغربية مأساة إنسانية. عائلات متفرقة لا يمكنها الالتقاء وهي على بعد أمتار عن بعضها البعض، وبسبب هذه السياسة تضطر للتنقل للدار البيضاء والسفر بالطائرة آلاف الكيلومترات.
كما ظهرت في الروبورتاج نساء يحملن صور أبنائهن المفقودين، بين الحدود وفي البحار: وقفة احتجاجية حتى لا يفكر الشباب في الهجرة وانقطاع أخبارهم”. علقت إحدى الحاضرات. وبدأت الأهازيج تردد “خاوة خاوة ماكاش عداوة”. أي إخوة إخوة لا توجد عداوة بيننا.
ولكن هل ستترك السياسة مجالا للأخوة للعيش، دون فتنة وعداوة؟ من كان يظن أن وديعة 150 مليون دولار أو مساعدة أو تحت أي مسمى ستؤجج الأحقاد بين الجزائريين والتونسيين؟ من يطلع على صفحات رواد التواصل الاجتماعي يدرك أن الأمور بإمكانها أن تشتعل في أي لحظة بين الأشقاء، بسبب تعليقات غير واعية وردود أفعال لا ترتقي لحجم العلاقات والوشائج بين الشعبين.
في رمشة عين، وبعد سماع خبر المبلغ الذي تم “ضخه” في البنك المركزي التونسي، بدأت تعليقات على سبيل المزح أو الجد لا نعلم، كالقول إن الجزائريين هذا العام سيتمتعون بسياحة مجانية، وإن طلب منهم الدفع يردون بأنه تم مسبقا!
والتعليق الذي أثار المنظمات النسائية والكثيرين من رواد التواصل الاجتماعي وردوا عليه ردا موجعا، هو لأحدهم باسم “انتفاضة الجزائر”، الذي علق على صفحته قائلا: “لكل جزائري يريد الزواج بتونسية المهر راه دفعو عمي تبون… روح جيبها ومبروك عليك”.
نقمة المال في ظاهرها نعمة. فرد أحدهم على هذا التعليق: شعب مهووس بالجنس. “قالك حراك”، هذه عينة من صفحات حراك الجزائر… هذا الحراك الذي لا أنفي عليه تمثيله لطيف ليس بالهين داخل الجزائر ومجتمعها. وبعيدا عن عبارات التلطيف والاستكانة لأحجام الجغرافيا، فإنني أؤكد أن الحراك يعبر عن بعض التخلف الجزائري وهوسه بالجنس وترسيخ ثقافة ذكورية مقيتة وعدائه لكل قيم التحديث المجتمعي… هو حراك التخلف بوجه الدولة الوطنية”!
تعليق قوبل بالمسايرة من البعض والتحفظ عليه وعلى ما جاء به وأن التعميم لا يصلح… وهذا الشخص لا يمثل الجزائريين كلهم. وغيرها من تعليقات التهدئة أمام فتنة مجتمعية.
هكذا بعد الحدود المفتوحة بين البلدين والسفر للاستجمام وللعلاج وفك أزمة السياحة، بعد أحداث إرهابية عرفتها المناطق السياحية في تونس، تحدث تشنجات بسبب السياسيين الذين يُتهمون في كل ما حدث للبلدين من تدهور اقتصادي واجتماعي وتصاعد وتيرة العنف في كل أشكاله. على الشعوب أن تتماسك فهي الأبقى والكل يتغير.
النساء الحمالات:
مأساة ومصير مبهم
ما زال موضوع الحمالات في المغرب يثير كثيرا من الجدل والتذمر لظروف عمل تلك النساء المزرية. لكنها مخاطرات في سبيل لقمة عيش “غير كريم”. هذا بعد الجدل الذي خلفته صورة سيدتين من شمال المغرب على مواقع التواصل الاجتماعي. الصورة تبين امرأة تثبت بلصاق البضائع قارورات خمر على مختلف مناطق جسد رفيقتها. نساء يتخذن من أجسادهن أوعية لنقل مزيد من البضائع، ناهيك عما تحمله ظهورهن من طرود عملاقة من السلع، قبل استعمال عربات تجر بالأيدي في 2018، هذا بعد سلسلة الحوادث المميتة بسبب التدافع!
الصورة تبدو قديمة يقول موقع “أحداث أنفو”، والتي تم نشرها في صحيفة “الباييس” الاسبانية. وهذا باعتبار أن السلطات المغربية قد أغلقت المعبر الحدودي بين جيب سبتة وشمال المغرب، وبذلك تكون قد توقفت حركات النساء “حمالات البضائع” أو ما يطلق عليهن “النساء البغلات” ومعظمهن من مدينة تطوان العريقة. نعم نساء كن يشتغلن في ظروف عمل قاسية وغير إنسانية ويقمن بحمل أثقال لا تقدر عليها حتى البغال. يتحدين الظروف الصعبة القاهرة من أجل لقمة العيش.
قضية هذه النساء الحمالات تفتح من جديد على مختف المواقع والجرائد، بعد أن بقين يضربن أخماسا في أسداس و”حالهن واقف”. هل يلجأن للتسول؟ كيف يمكنهن تأمين حياة أسرهن؟
منذ عدة أشهر، وبعد قرار السلطات المغربية غلق المعبر تضررت أسر كثيرة جدا من هذا القرار، وخاصة النساء اللائي يحملن بضائع مهربة لا تخضع للرسوم الجمركية. وكذلك معهن التجار الذين يبيعون بضائعهن في سوق الفنيدق وغيره من مناطق الشمال.
هكذا تلجأ النساء لاقتصاد معيشي، غير مهيكل يتم استغلاهن من طرف مافيا التهريب، لكن الكل تضرر. في ظل ارتفاع أسعار مختلف المواد وتدهور القدرة الشرائية. قرار الغلق هذا جاء للقضاء على الاقتصاد الموازي أو غير المهيكل، الذي يحرم خزينة الدولة من مداخيل ضريبية وجمركية. إذ قدر حجم خسائر الاقتصاد المغربي من هذه التجارة بنحو6 إلى 8 ملايين درهم سنويا (حسب موقع الإيكونوميست). لكن غلق تلك البوابة التي يعبرها آلاف الحمالين والحمالات وقع كالكارثة على التجار في الفنيدق وغيرها. علما أن المدينة تشتهر بأسواقها وشواطئها، لكنها لا توجد فيها مصانع ولا مزارع، باستثناء مداخيل سياحة لا تدوم سوى شهرين. في هكذا قرار، تغيب آمال الجميع في الاسترزاق وفي تعليم الأبناء وإدارة اقتصاد الأسر وتغلق محلات كثيرة وتبور السلع وتفسد!
وكالات الاتجار
بالفتيات القاصرات
يحدث في تونس، سماسرة من نوع آخر يتاجرون بالبشر والقصر منهم. هذا ما كشفه رئيس منظمة “شباب تونس” أيمن محيي الدين القاطري، حيث “فضح” إعلانا لبيع بنات قصر على موقع الكتروني تجاري تونسي معروف جدا، مقابل مبلغ مالي.
وأضاف الرجل في تصريح لإذاعة “اكسبراس آف آم” أنه قام بالاتصال شخصيا بصاحب الإعلان للتثبت منه، ولكن المعني في الأمر قام بإغلاق هاتفه فورا. علما أن صاحب الإعلان مسجل في هذا الموقع الالكتروني منذ سنتين ويقوم ببيع الأراضي. (نقلا عن موقع الحرية كوم) .
وقد كشف موقع “الصريح أونلاين” عن تفاصيل مثيرة في القضية، والتي عاينها أيمن محيي الدين القاطري، الذي توصل للموقع التجاري المعروف، عندما عرضت طفلة تبلغ ثلاثة أعوام للبيع مقابل 3500 دينار. حيث أكدت مصادر “الصريح أون لاين” أنه تم الكشف عن بيع أطفال وفتيات قصر عن طريق شركة لها مواقع معروفة مقابل مبالغ هامة وتحت غطاء خدمات للباحثين عن معينات منزليات والراغبين في تبني أطفال أو استغلالهم في أعمال غير المحظور منها. لكن الأمر ليس سوى غطاء لجرائم الاستغلال الجنسي للأطفال مقابل مبالغ هامة.
والمستفيد هم ميسورو الحال والأجانب والسياح، تحت وطأة الظروف القاهرة، التي تعيشها العائلات والتي تجعلها مضطرة لبيع فلذات أكبادها مقابل مبالغ زهيدة تتراوح بين 150 و 300 دينار في الشهر الواحد. بينما يجني سماسرة البشر فوائد فاحشة. وما خفي كان أعظم!
تونس التي كانت رائدة في سن قوانين تحرم الاتجار بالبشر، وتلك التي أصدرت مراسيم لتحرير العبيد، وساوت الميراث بين الجنسين. تونس التي سنت قوانين تتفوق على الواقع الثقافي والاقتصادي والمجتمعي.
يبقى فعل الكثير، والأهم تجريم بيع البشر والقصر والتخلص من المسببات لكل ذلك. وهذا قبل مشروع تعميم التربية الجنسية في المدارس، الذي بدأ في إثارة زوبعة تضاف للزوابع الأخرى.