إصلاح المنظومية الإنتخابية بالمغرب مطلب ملح لتحصين الديمقراطية

تعيش الأوساط السياسية المغربية جدلا كبيرا يتعلق بضرورة إدخال تعديلات على القانون الانتخابي مع استعداد البلاد لتنظيم انتخابات عامة خلال العام القادم، إذ تتعالى الأصوات المطالبة بتغيير نمط الاقتراع وكيفية تحديد عدد المقاعد البرلمانية وتعزيز أدوار الأحزاب والمؤسسات المنتخبة إلى جانب التصدي للتمويل المشبوه للأحزاب وللحملات الانتخابية.

ودعا نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال، رئيس الحكومة المغربية سعدالدين العثماني، إلى التعجيل بإطلاق الحكومة جلسات حوار وتشاور مع القوى السياسية في البلاد من أجل إصلاح المنظومة الانتخابية.

وحذر حزب الاستقلال، في بيان، من “حالة الترهل والإجهاد” التي يعاني منها المشهد السياسي في البلاد. كما نبه إلى “مظاهر الأزمة السياسة والمشكلات الهيكلية والوظيفية للديمقراطية، ومحدودية أدوار المؤسسات المنتخبة في أداء مهامها الدستورية والتمثيلية والرقابية”.

وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد انتقد في وقت سابق ضعف أداء الأحزاب والمسؤولين الكبار معتبرا أنهم مسؤولون بالدرجة الأولى عن تعطل العديد من المشاريع التنموية بسبب انشغالهم في الصراعات السياسية.

وقال الملك محمد السادس، خلال افتتاح الدورة الحالية للبرلمان في أكتوبر الماضي، إن “المرحلة الجديدة تتطلب انخراط الجميع، بالمزيد من الثقة والتعاون، والوحدة والتعبئة واليقظة، بعيدا عن الصراعات الفارغة، وتضييع الوقت والطاقات”.

رشيد لزرق: الإصلاح يجنب صياغة نظام انتخابي على مقاس أحزاب بعينها

وشدد رشيد لزرق، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، لـ”العرب”، على ضرورة تقييم المرحلة وفتح نقاش حول الإصلاح من أجل تجنب السقوط في خطأ صياغة نظام انتخابي على مقاس قوى سياسية بعينها تهدف من خلال تحالفات إلى الحفاظ على تحكمها في اللعبة السياسية.

واقترحت قيادة حزب الاستقلال أن تتم مناقشة التشريعات المنظمة للعملية الانتخابية ومن ضمنها: نمط الاقتراع والعتبة الانتخابية وتمثيلية النساء والشباب وتحديد عدد المقاعد البرلمانية والحملة الانتخابية، وكذلك تحصين العملية الانتخابية من سلطة المال والنفوذ.

وتقول أوساط سياسية مغربية إن الطريقة القانونية المعتمدة حاليا لتحديد نصيب كل حزب من عدد المقاعد البرلمانية تخدم ممارسات سلبية من قبيل المحسوبية وتفشي الرشوة والفساد.

وانتقد حزب الاستقلال عدم إقرار الحكومة، التي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي، لإجراءات تساهم في محاربة ظاهرة الفساد المتفشية. كما اتهم الحكومة بتغليب مصالح الأثرياء والشركات على حساب الاهتمام بمشاغل المواطنين.

ولفت نورالدين مضيان، رئيس كتلة حزب الاستقلال بمجلس النواب، إلى “وجود لوبيات متعددة ومتشعبة”، مضيفا أن التصدي للفساد يتطلب إرادة سياسية قوية تترجم بإقرار قوانين صارمة وتفعيلها.

ويرى مراقبون أن تقييم النظام الانتخابي ومراجعته يهدف إلى ضمان حد أدنى من الاستقرار الحكومي والوضوح السياسي.

ويوضح لزرق أن العودة إلى نظام الاقتراع الأغلبي نظريا يخدم مصالح الأحزاب الكبرى على اعتبار أن الفائز في الانتخابات يحصل على الأغلبية المطلقة في البرلمان.

وأكدت قيادة حزب الاستقلال على تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وترجمة الرقابة الشعبية على المجالس المنتخبة وكذلك على أداء المنتخبين وسن ميثاق أخلاقي للممارسة الانتخابية من أجل تقوية المؤسسات وتعزيز أدوارها وتثبيت الديمقراطية.

كما دعا حزب الاستقلال إلى فتح نقاش حول القوانين الانتخابية التي ستؤطر الاستحقاقات المنتظرة العام القادم ومن بينها الانتخابات المحلية وانتخابات مجلسي النواب والمستشارين.

واعتبر لزرق أن نمط الاقتراع الحالي القائم على النسبية مع أكبر البقايا يساهم في إحداث عدم استقرار للحكومة، ويعجز عن إفراز أغلبية منسجمة قادرة على توفير الإسناد السياسي اللازم للحكومة، ويدفع نحو تحالف حكومي هش ومتقلب، كما يعطل تنفيذ البرامج الحكومية وبالتالي فتح الباب للتنصل من المسؤولية السياسية. وشدد على ضرورة فتح نقاش حول نمط الاقتراع قبل الانتخابات التشريعية القادمة.

ولفت إلى أن نظام الاقتراع النسبي مع أكبر البقايا الحالي يفسّر الطابع المشتت للبرلمان، إذ أنه يمكّن كافة الأحزاب حتى لو كانت ضعيفة وهامشية من المشاركة والحصول على مقعد نيابي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: