محمد السادس يستكمل إستراتيجية تسريع التنمية الشاملة

تسارعت خطوات المغرب لإحداث ثورة اقتصادية شاملة في أنحاء البلاد بإطلاق الملك محمد السادس خطة شاملة لتسريع التنمية في أغادير، في تحرك يهدف إلى جعل الجهة مركزا للأعمال والأنشطة التجارية لدعم سوق العمل ومواجهة الفقر خلال السنوات الخمس المقبلة.

أطلق العاهل المغربي الملك محمد السادس مخططا شاملا لتسريع التنمية بجهة أغادير، في إطار برنامج أوسع لتعزيز اقتصاد البلاد وزيادة دوره الإقليمي والعالمي.

وتبلغ تكاليف المخطط، الذي يستمر لغاية 2024، نحو ستة مليارات درهم (620 مليون دولار)، وهو يأتي استكمالا لخطط سابقة تم إطلاقها وخاصة في طنجة والداخلة في الصحراء المغربية وغيرها.

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية أن البرنامج، الذي تم الإعلان عنه رسميا الثلاثاء الماضي خلال زيارة الملك محمد السادس لمدينة أغادير، يؤسس لمرحلة جديدة في مسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمدينة وتعزيز دورها كمركز اقتصادي مندمج وكقاطرة للجهة ككل.

عبدالوافي لفتيت: مؤهلات مدينة أغادير كفيلة بتحويلها إلى مركز اقتصادي

ولدى العاهل المغربي قناعة بأن تجديد النموذج التنموي ليس غاية في حد ذاته، وإنما هو مدخل للمرحلة الجديدة التي يريد أن يقود إليها بلاده، وقوامها “المسؤولية والإقلاع الشامل”.

وحدد اتفاقية التنمية الحضرية لمدينة أغادير (2020 – 2024) إطارا للشراكة بين عدد من القطاعات الوزارية والجماعات الترابية قصد إنجاز مشاريع البرنامج.

ويهدف المخطط الطموح إلى جعل المدينة مركزا اقتصاديا متكاملا وقاطرة للجهة وتكريس مكانتها وتقوية جاذبيتها كوجهة سياحية محلية ودولية.

كما تسعى السلطات إلى الرفع من مؤشرات التنمية البشرية، وتحسين ظروف عيش السكان، لاسيما الأحياء ناقصة التجهيز، وكذلك تقوية البنيات التحتية الأساسية، وتعزيز شبكة الطرقات لتحسين ظروف التنقل بها.

وتشكل مسألة توفير فرص عمل أحد الأهداف الرئيسية للبرنامج، من خلال تأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، إذ تشير التقديرات إلى أن ثلثي الشركات المغربية تتركز في 3 جهات هي الدار البيضاء والرباط وطنجة، من بين 12 جهة.

وقال وزير الداخلية عبدالوافي لفتيت في كلمة له بالمناسبة إن “الإطار العام للبرنامج يأتي تنفيذا للتوجيهات الملكية الواردة في خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ44 للمسيرة الخضراء”.

وكان العاهل المغربي قد دعا في منتصف أكتوبر الماضي، إلى تعزيز البنيات التحتية الأساسية لجهة سوس – ماسة ودعم شبكتها الطرقية، وربط مراكش وأغادير بخط السكة الحديدية، وتقوية المكانة الاستراتيجية للجهة. وأوضح لفتيت أن المؤهلات الهائلة لمدينة أغادير كفيلة بتحويلها إلى قطب اقتصادي حقيقي ذي تنافسية وجاذبية، قادر على رفع رهان الجهوية المتقدمة وتدعيم إشعاعها المحلي والقاري.

وأضاف أن “برنامج التنمية لأغادير ينضاف إلى برامج التنمية التي أطلقها الملك محمد السادس بمختلف الجهات”. ومن بين تلك البرامج هناك: الرباط مدينة الأنوار، عاصمة المغرب الثقافية، وطنجة الكبرى، ومراكش الحاضرة المتجددة، ومخطط التنمية الحضرية للدار البيضاء الكبرى، والحسيمة منارة المتوسط والنموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية.

وأبرز وزير الداخلية أن تنفيذ البرنامج يعتمد على آليات الحوكمة لضمان التتبع الصارم والشفاف لإنجاز ما يتضمنه من ورشات عمل في احترام تام للآجال والأهداف المحددة.

ولضمان تنفيذ البرنامج في آجاله المحددة، ستقوم شركتا التنمية المحلية أغادير سوس – ماسة تهيئة وأغادير الكبير للنقل والتنقلات الحضرية بالإشراف على إنجاز مختلف المشاريع المقررة في البرنامج.

وتحول المغرب في السنوات الأخيرة إلى ورشة عالمية واسعة للاستثمارات في جميع أنحاء البلاد وهي تمتد من مشاريع تطوير الموانئ والمطارات والطرق إلى المشاريع الثقافية والسياحية، وصولا إلى مشاريع الطاقة المتجددة التي تعد الأكثر طموحا على مستوى العالم. وإلى جانب تنمية أغادير، يجري إعداد مشروع برنامج لتنمية جهة سوس – ماسة وفق مقاربة مشاركة.

أبرز النقاط لتنمية أغادير:

  •  رصد 620 مليون دولار لتنفيذ المخطط الممتد حتى 2024
  •  تحويل المدينة إلى مركز للأعمال ذي قدرة تنافسية
  •  تعزيز مؤشرات التنمية وتحسين معيشة الفقراء
  • جعل أغادير منطقة سياحية جذابة محليا ودوليا
  •  دعم البنية التحتية بشبكة طرقات تربط خاصة الميناء بالمطار

ويتوخى هذا المشروع تنفيذ مشاريع تنموية جهوية ذات أولوية في مجالات تقوية الاقتصاد وتنويع مجالاته، وتحسين جاذبية المجالات الترابية وتحقيق التنمية المستدامة.

ونسبت وكالة الأنباء المغربية إلى والي جهة سوس – ماسة، أحمد حجي قوله إنه “تمت بلورة وصياغة مكونات البرنامج الجديد وفق مقاربة مشاركة بفعل الانخراط الإيجابي لمجموع فاعلي المدينة وتضافر جهودهم في هذا البرنامج الذي يرتكز على ستة محاور”.

ويتضمن المحور الأول إنجاز أول خط للحافلات ذي جودة عالية لمدينة أغادير، يمتد على 15.5 كلم ويربط ميناء أغادير والمناطق الصناعية المحيطة به، ويمر بعدة أحياء رئيسية وصولا إلى المنطقة الصناعية تاسيلا.

أحمد حجي: برنامج التنمية الحضرية لأغادير يأتي وفق مقاربة مشاركة

أما المحور الثاني للبرنامج فيتعلق بتطوير البنية التحتية وتحسين انسيابية التنقلات، من خلال إنجاز الشطر الأول للطريق المداري الشمال – الشرقي على طول يناهز 25 كلم يربط مطار أكادير المسيرة بالميناء التجاري للمدينة، فضلا عن توسعة وإعادة تهيئة الطريق السريع.

ويتعلق المحور الثالث بتهيئة المنطقة السياحية بأغادير والرفع من جاذبيتها، من خلال إنجاز عدد من المشاريع، لاسيما إعادة تأهيل كورنيش المدينة وإحداث مرافق عامة كمركز المعلومات السياحية، ومتحف تيميتار. وتندرج مشاريع المحور الرابع في سياق العمل على المحافظة على المحيط البيئي وإنشاء وتأهيل الفضاءات الخضراء.

وسيتم إحداث منتزه تيكوين على مساحة 28 هكتارا، ومنتزه الانبعاث على مساحة 25 هكتارا، وتأهيل وإعادة هيكلة منتزه ابن زيدون وحديقة أولهاو على مساحة 15 هكتارا، بالإضافة إلى مجموعة من الحدائق والساحات العامة وتجهيز فضاءات ترفيهية بالأحياء الآهلة بالسكان.

وأشار حجي إلى أن المحور الخامس يسعى إلى تعزيز المنشآت الدينية ودور العبادة بالمدينة والحفاظ على التراث والاهتمام بالتنمية الثقافية.

ويرتبط المحور السادس بتعزيز التجهيزات الاجتماعية الأساسية ويهدف إلى ستكمال تأهيل الأحياء ناقصة التجهيز، ومواكبة النمو الديموغرافي والتوسع العمراني للمدينة وكذلك تحسين إطار عيش المواطنين.

ومن المتوقع تنفيذ العديد من المشاريع تحت هذا المحور، والتي تتعلق بقطاع الشباب والرياضة والصحة والتعليم والأنشطة الاقتصادية وتجارة القرب.

وأعطى العاهل المغربي في يوليو الماضي زخما جديدا للاقتصاد بقرار استبدال النموذج التنموي القديم بآخر أكثر شمولية. وتهدف الخطوة بالأساس إلى تحفيز كافة القطاعات الحيوية وإذابة الفوارق الاجتماعية بين المناطق وفق استراتيجية ستقوم بتنفيذها لجنة خاصة تحت إشرافه المباشر.

واستقبلت الأوساط الاقتصادية القرار بالكثير من التفاؤل كونه يؤسس لمرحلة أكثر انفتاحا لتعزيز بناء الاقتصاد على أسس مستدامة. ولا يزال المغاربة يترقبون جني ثمار الإصلاحات من خلال توفير فرص العمل وتطوير خدمات الصحة والتعليم وغيرهما من الأمور الخدماتية‎ الأخرى.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: