“المغتصب هو نتا” استنكار مغربي للدفاع عن قضايا المرأة بشيطنة الرجل

انتقد ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب كلمات وطريقة أغنية “جسدي حريتي”، بسبب كلماتها الجريئة، وفيما دافع البعض عن فكرة الأغنية المناهضة للتحرش والاغتصاب والعنف ضد النساء، هاجم آخرون الناشطات بألفاظ قاسية ومسيئة.

تشهد مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب جدلا واسعا، إثر إطلاق ناشطات في مجال دعم القضايا النسائية بمدينة تطوان أغنية تحت عنوان “جسدي حريتي”، وذلك بسبب كلمات الأغنية التي اعتبرها البعض مسيئة ومهاجمة للرجال على العموم.

وجاءت الأغنية ضمن مبادرة نسائية تدعى “دينامية جسدي حريتي” بتطوان، والتي تعد امتدادا محليا لـ“النشيد النسائي الأممي” الذي انطلق من دولة الشيلي العام الماضي، من أجل مناهضة التحرش والعنف ضد النساء، إلى جانب عريضة أطلقتها نفس الدينامية بتطوان للمطالبة بالحريات الفردية للنساء.

ويظهر في فيديو الأغنية عدد من النساء معصوبات الأعين بقيادة الرسامة التشكيلية خديجة طنانة، وهن يرددن كلمات تنتقد العقلية الذكورية، وتقول الأغنية “شكون أنا.. أنا الساس أنا الراس.. حرة.. حرة فعقلي وفكري حرة فقلبي وجسمي.. شكون تكون نتا باش تحكمني.. مغتصب حكار.. أناني جبار.. والمغتصب هو نتا.. هو القضاء البوليس السلطة الدولة.. ما يهمني قضاء ما يهمني حكومة.. وفين هو القضاء.. بغاوني نعيش منكوبة”.

وخديجة طنانة صاحبة فكرة الأغنية، هي رسامة تشكيلية معروفة بتناولها للمواضيع النسائية بشكل خارج عن المألوف وفق ما تعتقد أنه “كسر للتابوهات المرتبطة بجسد المرأة”، حيث سبق للسلطات أن منعت معرضا لها بتطوان تحت عنوان “كاماسوترا”.

ووجه ناشطون انتقادات لاذعة للأغنية وأصحابها معتبرين أنها توجه رسالة سلبية إلى المجتمع وتشيع روح الكراهية بين الجنسين، فيما أعلن آخرون تأييدهم للمبادرة معتبرين أنها تشكل أسلوبا جريئا في الدفاع عن حرية المرأة في جسدها والتنديد بتعنيف النساء.

Hicham Yamani

المحتوى والرسالة رائعان، لكن كان هناك خطأ في الإخراج. طريقة تموقع النساء توحي بنوع من الزعامة للسيدة في الأمام وهذه هي مشكلة المغاربة والعرب عموما، لا نستطيع التخلص من عقدة الزعيم حتى في أكثر الأعمال دفاعا عن الحرية والمساواة.

وعبر البعض عن تأييدهم لفكرة الدفاع عن حقوق المرأة وحمايتها من التحرش والاغتصاب والعنف، لكنهم في نفس الوقت رفضوا ما جاء في الفيديو، قائلين إنه تجاوز حدود المطالب إلى الإساءة، وقال أحدهم:

Karim Rotterdam

أنا أدافع عن الحريات لكن عندما أرى مثل هذه المسرحيات أتراجع عن الموقف. لا يهمهم لا الدولة ولا البوليس ولا القضاء، هذه الكلمات كافية لزجهم في السجن.

وبعد الضجة والانتقادات التي واجهت الأغنية، أصدرت الناشطات بيانا للرأي العام ذكرن فيه أنهن يتعرضن للتهديد بالاغتصاب الفردي والجماعي.

وقالت الناشطات إنهن سيتخذن إجراءات قانونية في حق كل من سولت له نفسه تهديدهن، على اعتبار أن الهجوم الذي يتعرضن له يدخل في إطار الجرائم الإلكترونية التي يعاقب عليها القانون.

كما أكد البيان أن مقطع الفيديو الذي تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يوثق لانخراط الناشطات في النشيد الأممي والرقصة الشهيرة اللذين انطلقا من الشيلي، هو فيديو “تجريبي وستأخذ الملاحظات بالاعتبار في العمل النهائي، الذي سيصدر في الثامن من مارس المقبل”.

وشددت الناشطات الثماني على استمرارهن في دفاعهن عن قضايا المرأة وسيترافعن في معركة الحريات الفردية للنساء، بالرغم من حملة السب والتنمر والشتم التي تعرضن لها بسبب الفيديو.

كما أوضحن أن أغنية “جسدي حريتي”، رسالة ضد ما تتعرض له المرأة من تضييق وجزء من مشروع مجتمعي ونضال طويل تخوضه الحركة النسائية من أجل الحريات الفردية للنساء، لأن الحرية حق إنساني. ودافع بعض الناشطين عن المبادرة النسائية، مستنكرين التحريض والهجوم على النسويات، وقال الناشط لحسن أودو إن هذه النظرة الدونية الاحتقارية الموجهة لنسوة أغنية “جسدي حريتي”، صدمتني كثيرا صراحة إذ كنت أعتقد أننا وصلنا لدرجة من الوعي والاحترام كي نعبر عن اختلافنا مع الناس بأشكال راقية وحضارية بلا تجريح وسب وقذف وبلا تحقير وألا نلجأ أبدا إلى تجريد خصمنا من إنسانيته مهما بلغ اختلافنا معه ما دام أنه لم يهدد إنسانيتنا.

ومن جهتها قالت الناشطة سميرة شكري “إنني شعرت بغصة في الحلق حين قرأت بعض ردود الأفعال على ذلك العمل التوعوي”، مشيرة إلى أنه يمكن انتقاده على مستوى الشكل لأن أي فكرة تتطلب شكلا وقالبا معينين للتأثير، لكن النقد بعيد كل البعد عن التجريح الذي لم يمس في اعتقادي النساء اللواتي جسدن العمل بقدر ما مس أصحاب الكلام النابي وأماط اللثام عمن يدعون الحادثة، موضحة أن ردود الفعل تلك تجاوزت حدود الأدب وأبانت لنا عن هول المسافة التي تفصلنا عن سيادة احترام المرأة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: