العالم يدق ناقوس الخطر من سرعة تفشّي فيروس كورونا الجديد

رغم التقدم في المجال الصحي، ما زال العالم يواجه تهديدات الأوبئة التي لم تعد مقتصرة على الدول الفقيرة، بل أصبحت تنتشر بسرعة في كل دول العالم يساعدها في ذلك سهولة وسرعة السفر من قارة إلى أخرى ومن دولة إلى أخرى، تماما كما ينتشر الفيروس الجديد من عائلة كورونا، لذلك أعلنت دول عديدة حالة الطوارئ في المطارات والمستشفيات للحد من انتشاره السريع.

حذّرت السلطات الصينية الأربعاء من أن فيروس كورونا المستجد الذي أودى بحياة تسعة أشخاص وأصاب المئات في الصين حتى الآن، قابل للتفشي والتحوّل بسهولة، ما يفاقم القلق العالمي الحاضر بالفعل مع اكتشاف أول إصابات في الولايات المتحدة وأستراليا ودول آسيوية أخرى.

وقال نائب وزير اللجنة الوطنية للصحة لي بين خلال مؤتمر صحافي، إنّه تمّ تشخيص نحو 440 شخصا بالمرض حتى الآن، فيما أفادت حصيلة سابقة أفادت وفاة 6 أشخاص وإصابة 300 بسبب سلالة جديدة من فيروس كورونا تشبه الإنفلونزا في البلاد.

وأضاف لي بين أن الفيروس الذي ينتقل عبر الجهاز التنفسي “يمكن أن يتحوّل وأن ينتشر بسهولة”، وذلك في وقت يتنقل مئات ملايين الصينيين في أنحاء البلاد للقاء عائلاتهم في عطلة عيد رأس السنة القمرية الذي ينطلق الجمعة.

الفيروس الغامض

يرجّح مسؤولون في الصين ومنظمة الصحة العالمية، أن الفيروس الغامض هو أحد فيروسات مجموعة “كورونا”، التي تسبّب مرض الالتهاب التنفسي الحادّ، وعائلة “كورونا” تضم عددا كبيرا من الفيروسات.

وهذا الفيروس قريب من الوباء الذي تسبب بالسارس عامي 2002 و2003 وأسفر عن 744 حالة وفاة في العالم.

وقال البروفيسور أرنو فونتانيه المسؤول عن وحدة علم الأوبئة للأمراض الجديدة في معهد باستور بباريس، “من الناحية الوراثية هناك 80 في المئة من أوجه الشبه بين الفيروسين، وكلا الفيروسين يتسببان بالتهابات حادة في الجهاز التنفسي”.

وأضاف، أن الأعراض الأكثر انتشارا للفيروس الجديد هي نفس أعراض عائلة كورونا، ومنها “الأعراض التنفسية، والحمّى والسعال وضيق النفس وصعوبة التنفس”، وفي الحالات الأشد وطأة، قد تسبب العدوى التهابا رئويا ومتلازمة تنفسية حادة وفشلا كلويا وحتى الوفاة. وقال جاو فو مدير المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، إن الفيروس الجديد يتكيّف ويتحوّل، الأمر الذي يبرز التحديات التي تواجه السلطات الصحية للسيطرة على انتشاره، كما أكد زهونغ نانشان العضو الذي يحظى بنفوذ في لجنة الصحة الوطنية، أن الفيروس يتفشّ

فيروس يفسد مزاج السفر

ويتفشّى الفيروس عبر قطرات صغيرة جدا تنتشر في الهواء عند العطس أو السعال، كما بيّنت الطبيبة ناتالي ماكديرموت من جامعة كينغز كوليدج في لندن، وهو ما أكده لي بن نائب رئيس لجنة الصحة الصينية، أن هناك أدلة بالفعل على أن الفيروس ينتقل عبر الجهاز التنفسي.

وقال فريق خبراء رفيع المستوى من مفوضية الصحة في الصين، إنه جرى تسجيل حالتين لانتقال الفيروس من شخص لآخر في إقليم جوانج دونج في جنوب شرق البلاد.

وبعدما تجاهلت السلطات الصينية هذا الوباء الذي ظهر الشهر الماضي، يبدو أن الصينيين بدؤوا بإدراك مخاطره في المدن الكبرى، حيث تستخدم أعداد كبيرة من السكان أقنعة واقية.

وفي إحدى الصيدليات في بكين، وجدت موظفة نفسها مضطرة لأن تشرح للزبائن أن الأقنعة الواقية والمواد المطهرة قد نفذت، حيث قالت، إن “المخزونات نفذت تماما بسبب ما يحصل في ووهان. عندما وصل عدد الإصابات إلى 300، أدرك الناس خطورة الأمر”.

لم تلجأ منظمة الصحة العالمية إلى إعلان حالة طوارئ صحية عالمية إلا في حالات نادرة لأمراض تستدعي جهودا دولية قصوى، كما في حالة إنفلونزا الخنازير في عام 2009، وفيروس الزيكا في عام 2016، وحمى الإيبولا التي اجتاحت قسما من غرب أفريقيا في عام 2016 وجمهورية الكونغو الديمقراطية في 2018. ولم يُعرف منشأ الفيروس حتى الآن، لكن منظمة الصحة العالمية تقول، إن مصدره الرئيسي حيواني على الأرجح.

ويرجّح مسؤولون صينيون، أن الفيروس قد يكون انتقل من بعض الثدييات البحرية التي تحمل فيروس كورونا مثل حيتان بيلوغا، التي كانت تباع في سوق المأكولات البحرية في ووهان، الذي يضم أيضا حيوانات ميتة أخرى، مثل الخفافيش والدجاج والثعابين. ووفقاً للتقصّي الوبائي الأولي، فإن معظم الحالات للأشخاص المصابين، إما يعملون في سوق بيع المأكولات البحرية بالجملة في ووهان وإما يتعاملون معها ويزورونها بشكل منتظم.

وتباع في هذا السوق حيوانات برية بشكل غير قانوني، وفق ما أعلن الأربعاء للصحافة مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض والوقاية منها غاو فو، لكنه لم يكن بصدد تأكيد ما إذا كانت طريدة برية هي مصدر الفيروس.

وأوصى رئيس بلدية ووهان بعدم زيارة المدينة إلا للضرورة وطلب من السكان عدم مغادرة بيوتهم.

قلق قبل العيد

 الفيروس ينتقل عبر قطرات صغيرة جدا تنتشر في الهواء عند العطس أو السعال

يأتي انتشار الفيروس مع اقتراب الاحتفالات بعيد رأس السنة الصينية، وهي أكثر فترة تكون فيها وسائل النقل مكتظة في البلاد، حيث بدأ مئات الملايين بالسفر في الحافلات والقطارات والطائرات لزيارة عائلاتهم قبل العيد في 25 يناير. ورغم خطر تفشّي المرض، لم تفرض السلطات حتى الآن أي قيود على استخدام وسائل النقل العام.

ووصل الفيروس إلى نصف المحافظات الصينية تقريبا، بينها مدن كبرى مثل شنغهاي وبكين، حيث وضعت المدرسة الفرنسية توصيات وقائية لتلاميذها، ووزعت عليهم مراهم مضادة للبكتيريا، فيما ارتدى بعضهم الأقنعة الواقية الأربعاء.

وسجلت حالة كذلك في جزيرة ماكاو، عاصمة ألعاب القمار في العالم، ما أجبر موظفو الكازينوهات على ارتداء أقنعة واقية. واستجابة لدعوة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى مكافحة الوباء، أعلن لي بين عن اتخاذ سلسلة تدابير وقائية، مثل عمليات التهوية والتعقيم في المطارات ومحطات القطارات والمراكز التجارية.

وأضاف لي بين أيضا أن أجهزة كاشفة لحرارة الجسد قد يجري تركيبها في الأماكن المزدحمة.

وعززت أعداد من الدول التي تستقبل رحلات مباشرة أو غير مباشرة من ووهان، مركز الفيروس، إجراءات الرقابة على المسافرين الواصلين، مستفيدين من تجربة انتشار متلازمة السارس التنفسية الحادة في عامي 2002 و2003، التي ينتمي الفيروس المسبب لها إلى نفس عائلة فيروس الكورونا المستجد.

وبعد اكتشاف المرض في اليابان وكوريا الجنوبية وتايلاند وتايوان وأستراليا، سجلت أول إصابة في الولايات المتحدة الثلاثاء، لرجل في الثلاثينات متحدر من ووهان ويعيش في سياتل في شمال غرب الولايات المتحدة.

وكان وصل مطار المدينة في 15 يناير دون مؤشرات على ارتفاع حرارة جسده، لكنه تواصل بنفسه مع السلطات الصحية المحلية بعدما شعر بعوارض مقلقة.

ونقل الرجل إلى المستشفى كتدبير وقائي وسيبقى معزولا لمدة 48 ساعة بحسب السلطات الصحية.

وراثيا هناك 80 في المئة من أوجه الشبه بين الفيروس الجديد وفيروس السارس كلاهما يتسبب بالتهابات تنفسية حادة

ومنذ الجمعة، تراقب الولايات المتحدة الرحلات القادمة من ووهان إلى مطاري سان فرانسيسكو وجون إف كينيدي الدولي في نيويورك، اللذين تصل إليهما رحلتان مباشرتان من ووهان. وتتخذ إجراءات مماثلة أيضا في مطار لوس أنجلس. وأصدرت منظمة الصحة منشورا تشجع فيه جميع دول العالم لمواصلة أنشطة التأهب، وأصدرت توجيهاتها بهذا الشأن، وقالت إنه ينبغي على جميع العاملين بالقطاع الصحي ومسؤولي الصحة العامة تقديم كافة المعلومات للمسافرين لتقليل مخاطر الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي، من خلال عيادات الحجر الصحي في المواني والمطارات.

وقال خبير صحي أوروبي الأربعاء إن الاتحاد الأوروبي مستعد تماما للتعامل مع أي ظهور لحالات إصابة بفيروس كورونا الجديد.

وقال البروفيسور هيرمان جوسينس، من جامعة أنتويرب، ومنسق فريق بالاتحاد الأوروبي معني بمكافحة الأوبئة، إن “أوروبا لديها الهياكل والموارد اللازمة لتكون جاهزة، إذا ما حدث وباء”.

ويتواصل فريقه مع شبكة تضم أكثر من ألف مستشفى في أنحاء أوروبا لمساعدتها في جمع البيانات الخاصة بأي مسافرين يتم تشخيص إصابتهم بالفيروس في أوروبا.

وقالت أستراليا الثلاثاء، إنها ستفحص الركاب القادمين في رحلات جوية من ووهان وسط مخاوف متزايدة من انتشار الفيروس على مستوى العالم مع سفر الصينيين إلى الخارج هذا الأسبوع.

وأعلنت السلطات الصحية في أستراليا الثلاثاء، أنه تم فرض حجر على رجل في منزله بعدما ظهرت عليه عوارض وباء جديد يشبه المتلازمة التنفسية الحادة (سارس) عقب زيارة للصين، في أول إصابة مشتبهة بالفيروس في البلاد.

وأفاد المتحدث باسم دائرة الصحة في كوينزلاند، أن الرجل عاد مؤخرا من مدينة ووهان وسط الصين، التي يعتقد أنها مركز تفشّي فيروس كورونا المتسبب بالوباء. وتأتي الأنباء عن أول إصابة مشتبهة بالفيروس في أستراليا

في وقت أعلنت البلاد أنها ستبدأ باتّخاذ إجراءات صحية بحق المسافرين الواصلين إلى سيدني من ووهان اعتبارا من الخميس.

استعدادات عربية

Thumbnail

دفع ظهور فيروس كورونا الجديد بالصين دولا عربية إلى الإعلان عن إجراءات احترازية، خاصة بعد مطالبة منظمة الصحة العالمية بالاستعداد لحالات إصابة بالفيروس. وسارعت الإمارات إلى اتخاذ إجراءات استباقية في المطارات والبوابات الأخرى، وتأكدت وزارة الصحة من “الجاهزية اللازمة في المنافذ للتعامل مع أيّ مخاطر صحية للقادمين للدولة”.

وطمأنت وزارة الصحة ووقاية المجتمع بالتعاون مع الجهات الصحية ومنافذ الدولة جميع أفراد المجتمع، مؤكدة أنها تعمل على مراقبة مستجدات فيروس كورونا الجديد في الصين.

وأضافت، أنه لم يتم تسجيل أي حالات التهابات رئوية حادة متعلقة بالفيروس، وأنّ الوضع لا يشكّل خطرا على الصحة العامة في الوقت الحالي”.

ومطار دبي الدولي واحد من أكثر مطارات العالم ازدحاما، وتتخذ شركة طيران الإمارات منه مركزا لعملياتها.

وتسيّر شركتا طيران الإمارات في دبي والاتحاد للطيران في أبوظبي رحلات جوية إلى الصين بانتظام، كما تسيّر شركات طيران صينية رحلات إلى الإمارات، ومن بينها شركة خطوط جنوب الصين الجوية التي تسيّر رحلة من ووهان إلى دبي.

وأعلنت الكويت عن إجراءات احترازية، مشيرة إلى أنها “لم ترصد أيّ حالات إصابة بفيروس كورونا الجديد”.

ونظمت وزارة الصحة الكويتية، الثلاثاء، ورشة تدريب لتعزيز قدرات العاملين في المنافذ الحدودية بدولة الكويت، بالتعاون مع خبراء من منظمة الصحة العالمية. وقالت الوزارة، في بيان لها، “إن حالات الإصابة بالمرض، الذي ظهر في الصين أواخر ديسمبر الماضي، محدودة عدديا وجغرافيا”.

ولفتت إلى أنها “دأبت على الاهتمام بمكافحة الأمراض التنفسية المعدية، وأخذ جميع التدابير والاحترازات للحد من انتشارها”، لكنها دعت إلى “العمل بعدد من الإرشادات للوقاية من الفيروسات، وتجنّب زيارة المصابين بأمراض تنفسية حادة، وتجنّب زيارة البلدان الموبوءة بالمرض قدر الإمكان، مع الالتزام بإجراءات منع العدوى في المستشفيات أثناء زيارة المرضى، والحد من الزيارة قدر المستطاع”.

وقال مدير إدارة الصحة العامة فهد الغملاس، إنه لا يوجد ما يدعو إلى القلق، لكنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة توخّي الحيطة واتباع الإجراءات الوقائية الاعتيادية، كالاهتمام بالنظافة وغسل الأيدي وعدم مخالطة الحيوانات، وعدم تناول حليب أو أكل لحوم الجمال غير المطبوخة في ظل الاحتمالات بأنها مصدر للعدوى. ولفت إلى أن الأعراض النمطية للإصابة بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية تأخذ شكل الحمّى والسعال وضيق التنفس أو المتلازمة التنفسية الحادة.

من جانبها أصدرت سلطنة عمان بيانا عبر وزارة الصحة، قالت فيه، إنها “تتابع الوضع الوبائي لفيروس كورونا المستجد”. ورفعت مصر الاستعدادات القصوى بجميع أقسام الحجر الصحي بمنافذ الدخول المختلفة للبلاد الجوية والبحرية والبرية.

وقامت وزارة الصحة بتجهيز أقسام العزل بمستشفيات الحميات المكلفة بالتعامل مع مثل هذه الحالات، وتنشيط إجراءات ترصد أمراض الجهاز التنفسي الحادة، ورفع الوعي، ومتابعة الموقف الوبائي العالمي على مدار الساعة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: