المغرب يفرض قواعد بديلة للتجارة الحرة مع تركيا

استبق المغرب انعقاد المنتدى الاقتصادي المشترك مع تركيا في الرباط والمقرر اليوم الأربعاء، بالإعلان عن حزمة شروط لتعديل أو إلغاء اتفاقية التبادل التجاري الحر المبرمة بين الطرفين قبل 13 عاما، في تحرك يرى خبراء أنه يأتي لمكافحة الإغراق ولضمان تعزيز الصادرات المحلية، التي يعول عليها كثيرا في تعبئة الموارد المالية.

لوح المغرب بـ”تمزيق” اتفاقية التبادل التجاري الحر مع تركيا في حال لم تستجب أنقرة لمطالبه المتعلقة بمراجعة هذه الشراكة، التي أغرقت السوق المحلية بالبضائع المستوردة.

وكانت الحكومة قد كشفت نهاية نوفمبر الماضي أنها تعكف على إعادة النظر في عدد من اتفاقيات التبادل الحر، التي تربط المغرب مع دول أخرى بعد أن تفاقم العجز التجاري بشكل مقلق في السنوات الأخيرة.

وتسعى تركيا في ظل حكم الرئيس رجب طيب أردوغان إلى التغلغل في دول شمال أفريقيا من بوابة الاقتصاد، والتي أثبتت التجارب أنها مدمرة لدول المنطقة.

وشدد وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي حفيظ العلمي خلال جلسة أمام نواب البرلمان الاثنين الماضي لمناقشة الاتفاقية أن “المغرب لن يقبل بتدمير أي دولة كيفما كانت، لاقتصاده الوطني”.

وقال إن بلاده “لا يمكنها أن تواصل العمل بالاتفاقية بشكلها الحالي”، كاشفا أنه أخبر المسؤولين الأتراك بشكل واضح، إما الوصول إلى حلول لمراجعة هذا الاتفاق أو تمزيقه.

ويأتي الإعلان قبل ساعات من زيارة وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان الرباط اليوم الأربعاء، للمشاركة في منتدى الاستثمار وبيئة الأعمال المغربي التركي، واجتماع اللجنة المشتركة بين البلدين.

3 مليارات دولار حجم التبادل التجاري بنهاية 2019، منها 2.3 مليار دولار لصالح تركيا

وسبق للوزير المغربي أن أكد لبكجان تداعيات تفاقم عجز الميزان التجاري لصالح تركيا والانعكاسات السلبية لاتفاق التبادل الحر، التي دخلت حيز النفاذ قبل 13 عاما على الشركات المغربية.

وتم الاتفاق بين الجانبين على إحداث فريق تقني مشترك سينكب على دراسة الانعكاسات المترتبة عن هذا الاتفاق، وتحديد القطاعات التصديرية المغربية الكفيلة بالرفع من مستوى الصادرات المغربية وامتصاص العجز التجاري.

وعلاوة على ذلك تم الاتفاق على تطوير الاستثمارات التركية في القطاعات الصناعية بالمغرب، والتي لا ترتقي إلى المستوى المطلوب حتى الآن خاصة في ما يتعلق بتوفير الوظائف.

وقبل عامين، أعادت الحكومة المغربية فرض ضرائب على مستوردي منتجات النسيج والألبسة من تركيا لحماية المنتج المحلي وفرص العمل.

وقال الخبير الاقتصادي رشيد الساري في تصريح لـ”أخبارنا الجالية ” إن “العلاقة التجارية المغربية التركية لم تقم على أساس رابح رابح، بل على النقيض من ذلك حجم الاستثمارات التركية بالمغرب جد هزيلة ولا ترقى إلى التطلعات”.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن الصادرات التركية إلى المغرب خلال العام الماضي، نمت بنسبة 16 بالمئة بمقارنة سنوية لتبلغ 2.3 مليار دولار، فيما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين، 3 مليارات دولار بنهاية العام الماضي.

الصادرات التركية إلى المغرب خلال العام الماضي بلغت 2.3 مليار دولار

وقد بدأ العجز التجاري يتضاعف منذ العام 2016 بشكل مقلق حينما بلغ العجز التجاري مع تركيا المليار دولار.

وانتقل العجز التجاري منذ تنفيذ الاتفاقية بين الطرفين في 2006 من حوالي 420 مليون دولار إلى حدود 1.6 مليار دولار بنهاية عام 2018.

وهذا الأمر جعل الساري يتساءل بشأن ما الذي يجعل المغرب يوقع على اتفاقيات غير متكافئة، والتي بلغت إلى حدود الساعة 56 اتفاقية خاصة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ويجمع محللون على أن تلك الاتفاقيات لم تأخذ بعين الاعتبار الآليات الكفيلة بحماية الشركات المحلية من المنافسة الشرسة.

وأكدوا أن توجه الرباط لإعادة تقييم الاتفاقيات، جاء نتيجة الأضرار التي لحقت الاقتصاد خاصة بعد ظهور نتائج التحقيقات التي فتحتها الوزارة، وأكدت وجود إغراق شامل للسوق المحلية من السلع المستوردة، ومنها التركية.

ويبلغ عدد الشركات التركية في المغرب 80 شركة، تعمل في صناعات النسيج والصناعات الغذائية والأثاث، وقطاعات أخرى مثل العقار والأشغال العمومية والبنى التحتية.

وتشتكي قطاعات مغربية كثيرة من إغراق السوق بمنتجات تضر وضعها في السوق المحلية، وهذا ما تؤكده الجمعية المغربية لصناعات النسيج والألبسة.
وأصدرت مديرية الدراسات والتوقعات المالية بوزارة الاقتصاد دراسة معمقة خلصت إلى توصية بضرورة إجراء مراجعة شاملة لجميع اتفاقيات التبادل الحر التي تربط المغرب بعدد من الدول، لمعالجة التدهور الذي يعرفه الميزان التجاري للبلاد منذ سنة 2007.

وحسب الدراسة فإن العجز المزمن في الميزان التجاري المغربي للسلع والخدمات يُشكل مصدر قلق كبير، حيث يُؤثر على التوازن المالي للبلاد، ويضر بالاقتصاد المغربي من حيث ضعف النمو وفقدان فرص العمل.

حماية المنتج المحلي وفرص العمل

وبالنظر إلى ذلك، يرى الساري أول شيء يجب فعله هو تأهيل العنصر البشري “وكفانا من استيراد 80 في المئة مما تقوم بتصديره”.

وأضاف “للأسف نحن إلى حد الآن غير قادرين على التصنيع بطابع مغربي خالص، مثلا في قطاع النسيج؛ المعدات وقطع الغيار، وفي بعض الأحيان تقنيون أجانب من الخارج، مما يزيد من تكاليف الإنتاج، وبالتالي إذا ركبنا تحدي التصنيع فيجب أن تكون الأرضية مناسبة”.

ويعتقد الساري أن تركيا لا خيار لها سوى القبول بشروط المغرب لإقامة شراكة حقيقية مبنية أساسا على مبدأ تكافؤ الفرص التجارية بين الطرفين.

ويشدد الخبير المغربي، على إعادة النظر في بنود هذه الاتفاقية عبر حزمة من المقترحات، منها تشجيع إجراءات الاستثمار داخل تركيا حتى يتمكن المستثمر المغربي من توسيع مجالات استثماراته عبر تحفيز ضريبي وتخفيض للرسوم الجمركية.

كما يجب إلزام الشركات التركية المتواجدة فروعها بالمغرب بضرورة الاستثمار وتحديد حصص لذلك تتماشى مع مبلغ العائدات السنوية.
وبالإضافة إلى ذلك، على الحكومة المغربية العمل على الحد من تنافسية الشركات التركية بالبلاد خصوصا في مجال البناء والتشييد.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: