الرئيس الجزائري يحاور المعارضة متجاهلا الموالاة

تسارعت وتيرة الاتصالات السياسية بين الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، وعدد من الشخصيات الحزبية والمستقلة، في إطار مسعى جديد غير معلن عنه بغرض تطويق الأزمة التي تتخبط فيها البلاد منذ نحو عام، واللافت فيها توجّه الرجل إلى المحسوبين على المعارضة دون الالتفات إلى القوى المعروفة بولائها للسلطة.

واستقبل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبّون، في اليومين الأخيرين، عددا من الشخصيات الحزبية والمستقلة المعارضة، على غرار رئيس حركة مجتمع السلم الإخوانية، وجيلالي سفيان رئيس حزب جيل جديد، إلى جانب رئيس الحكومة السابق مولود حمروش، كما أدى زيارة لرئيس الحكومة الأسبق، أحمد طالب الإبراهيمي، في بيته.

وإذ اكتفت مؤسسة الرئاسة بالإعلان عن اللقاءات المذكورة، إلا أنها لم تكشف عن باقي التفاصيل، ولو أن المسألة تتمحور حول استعراض وجهات النظر حول آليات تطويق الأزمة السياسية، واستفحال أزمة الثقة بين الشارع والسلطة، وحتى شرعية الرئيس نفسه، بسبب المقاطعة الواسعة للانتخابات الرئاسية الأخيرة.

وتذكر مصادر مطلعة بأن سلسلة الاتصالات تبقى مفتوحة على شخصيات أخرى، لتضاف بذلك إلى الوزير السابق عبدالعزيز رحابي، ورئيس الحكومة أحمد بن بيتور، إلا أنها لم تكشف عن مصير الموالاة في المشاورات أو سبب ترتيبها بعد المعارضين في النزول إلى قصر الرئاسة.

وساد الاعتقاد في بداية الأمر أن الرئيس تبون، يريد استقطاب وجوه من المعارضة للحكومة بغية التخفيف من حدة الغضب السياسي لدى الشارع، إلا أن المسألة اتضحت أنها مشاورات سياسية غير معلنة، لا زال يجهل الغرض الحقيقي منها، إن كان البحث عن حلول جدية للأزمة السياسية أو استعطاف الشارع باستقبال رموز المعارضة التي أيدت الحراك الشعبي.

المشاورات الحالية تُجرى بقيادة رئيس البلاد، عكس المشاورات السابقة التي كانت تُعهد لشخصية موالية للسلطة

ولأن أغلبية الشخصيات التي التقاها عبدالمجيد تبون، منضوية تحت لواء ما يعرف بمجموعة العشرين، فإن الأفكار السياسية التي تكون قد طرحت على رئيس البلاد، لا تخرج عن خارطة منتصف أكتوبر التي تضمنها بيان المجموعة وأعادت التذكير بها عشية الانتخابات الرئاسية المنتظمة في الثاني عشر من ديسمبر الماضي.

وتضمنت الخارطة عدة محاور، تتمثل في إجراءات تهدئة كرفع الحصار عن العاصمة، وإطلاق سراح مساجين الرأي، وفتح الحريات السياسية والإعلامية وحق التظاهر، ووقف قمع المسيرات الشعبية، قبل الذهاب إلى حوار سياسي شامل لبلورة حل توافقي بين جميع الأطراف.

وذهب رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش، في نقاش مع أنصاره الذين طالبوه بالترشح للانتخابات الرئاسية الأخيرة، إلى أن “أي رئيس يأتي في الظروف الحالية لا يستطيع أن يفعل شيئا حتى ولو كنت أنا شخصيا” حسب قوله، في إشارة للظروف التي أحاطت بالانتخابات المذكورة، وهيمنة المؤسسة العسكرية على القرار السياسي في البلاد.

ويبقى دور ونفوذ الجيش الذي يشار إليه في دعم عبدالمجيد تبون لاعتلاء قصر المرادية، يشكل محورا مفصليا في المشهد السياسي الجزائري، ولا تظهر معالم مراجعة الوضع في أجندة الرئيس الحالي، كون المحاور التي قدمها للتعديل في الدستور القادم، لا تتضمن أية إشارة لتأطير المؤسسة في مربعها الحقيقي.

ورغم أن مساعي الرئيس الجديد تبقى مبهمة لحد الآن، ولم تلق التجاوب الإيجابي من طرف الشارع الذي يواصل احتجاجاته ومظاهراته الأسبوعية منذ نحو 11 شهرا، إلا أن اللافت في المشاورات الحالية أنها تُجرى بقيادة رئيس البلاد، عكس المشاورات السابقة التي كانت تُعهد لشخصية من الشخصيات الموالية للسلطة، إلى جانب تعمد تعويمها بالقوى والفعاليات السابحة في فلك النظام.

وشكل التفاعل الجزئي مع قضية سجناء الرأي، أحد عوامل الشكوك في نوايا واتصالات السلطة، ففيما تم إطلاق سراح العشرات من ناشطي الحراك والمعارضين، لا تزال حملة الاعتقالات مستمرة، كما يبقى العشرات أيضا قابعين في السجون أو تحت التوقيف.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: