الجزائر تتحرك متأخرة لتجريم العنصرية وخطاب الكراهية
تتوجه السلطة الجزائرية إلى إنهاء حالة الشحن العرقي والجهوي في البلاد، بالتلويح بإصدار قانون جديد يجرّم السلوكات العنصرية والعرقية، بعد أن أخذت أبعادا خطيرة خلال الأشهر الأخيرة، لاسيما عقب تحول التجاذبات السياسية إلى مشاحنات عرقية خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية.
وأمر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبّون، الإثنين، الحكومة بإعداد قانون لتجريم “كل مظاهر العنصرية” و”خطاب الكراهية” التي انتشرت خلال الأشهر الماضية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بحسب بيان للرئاسة.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن بيان للرئاسة أن تبون أعطى تعليمات لرئيس الوزراء عبدالعزيز جراد “بإعداد مشروع قانون يجرّم كل مظاهر العنصرية والجهوية وخطاب الكراهية في البلاد”.
وأضاف البيان “إن هذا الإجراء يأتي بعدما لوحظ ازدياد خطاب الكراهية والحث على الفتنة خاصة في وسائط التواصل الاجتماعي، كما يأتي لسد الباب أمام أولئك الذين يستغلون حرية وسلمية الحراك لرفع شعارت تهدد الانسجام الوطني”.
انتشرت خلال الأشهر الماضية منشورات وصور تتضمن خطابات عنصرية متبادلة بين الجزائريين بسبب خلافات سياسية
وانتشرت خلال الأشهر الماضية منشورات وصور ومقاطع فيديو تتضمن خطابات عنصرية متطرفة متبادلة بين الجزائريين بسبب خلافات سياسية خصوصا قبيل الانتخابات الرئاسية وبعدها بين الموالين والمعارضين للنظام.
وجاء بيان الرئاسة في أعقاب تسجيل حالة تشويه كبيرة لاحتفالات رأس السنة الأمازيغية التي احتفت بها الجزائر الأحد.
وشكل ذلك مناسبة لمعارضي قرار الاعتراف باللغة الأمازيغية في الدستور وإعلان هذا اليوم احتفالا وطنيا وعطلة مدفوعة الأجر، لإطلاق تعليقات عنصرية ضد الأمازيغ.
وكانت التدوينة التي نشرها الكاتب ومدير الثقافة في مدينة المسيلة رابح ظريف، على حسابه الخاص، والتي كال فيها تهم الخيانة والعمالة للمنتج والمخرج بشير درايس، وللمناضل التاريخي عبان رمضان، بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس، ودفعت السلطات العليا للبلاد إلى التدخل بعزل المسؤول من منصبه، وإصدار البيان المذكور.
واستنكرت وزارة الثقافة الجزائرية، سلوك مسؤولها في محافظة المسيلة، واعتبرت تدوينته منشورا شخصيا لا يمت بصلة لسياسة أو توجهات الوزارة، وتبرأت من تبعات ما نشره على حسابه الخاص، خاصة وأن المنشور حمل عبارات الخيانة والعمالة لواحد من صناع ثورة التحرير (عبان رمضان).
وكان الكاتب المعروف بولائه للمرشح السابق للانتخابات الرئاسية ورئيس التجمع الوطني الديمقراطي عزالدين ميهوبي، منذ أن كان وزيرا للثقافة، قد وجه خطابه للمنتج والمخرج بشير درايس، الذي أخرج فيلم “العربي بن مهيدي”، الممنوع من العرض لحد الآن رغم إنجازه بتمويل من الخزينة العمومية، على خلفية خلاف بينه وبين الوزارة حول بعض ما جاء في الفيلم، لانتقاده أحد رموز الثورة الجزائرية كـ”انتقاد العربي بن مهيدي للقيادي في الثورة والرئيس الراحل أحمد بن بلة في أحد اجتماعات الحركة الوطنية”.
وذكرت وزارة الثقافة في بيانها “إن وزارة الثقافة تتبرأ من هذا الفعل المتهوّر والمرفوض أخلاقيا وسياسيا من طرف أحد كوادرها الذي لم يلتزم بالحد الأدنى من قواعد المسؤولية، ولا بالسلوكيات التي من المفروض أن يتحلى بها إطار ومثقف يقود مديرية للثقافة ويمثل سياسة الحكومة الثقافية عند مواطني وسكان محافظة من محافظات الوطن”.
وشددت على أن “ما قام به مدير الثقافة، مرفوض شكلا ومضمونا، ولا يعفيه تبريره أن تصريحه يلزمه كمواطن عبر عن رأيه، لأن الإساءة إلى الشهداء والمجاهدين الذين دفعوا الثمن بحياتهم لا ينضوي بأي شكل تحت حرية التعبير”.
وأخذ السجال المستعر بين أنصار الأيديولوجيتين المتنافرتين في الجزائر، أبعادا سياسية واجتماعية خطيرة، خاصة مع السكوت المثير للسلطة خلال الأشهر الماضية عن نشاط شبكات تتخذ من وسائط التواصل الاجتماعي منصة لبث خطاب العرقية الجهوية والعنصرية بين مكونات المجتمع الواحد.