المصارف المغربية تغير نظرتها النمطية في دعم المشاريع

دخلت تحركات المغرب لضبط إيقاع نشاط المصارف وتعزيز دورها في الاقتصاد من بوابة دعم الشركات الناشئة وتحفيز رواد الأعمال، مرحلة جديدة بإطلاق مبادرة لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، في تجسيد هو الأول من نوعه منذ أن دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس قبل أشهر القطاع المالي إلى الانخراط بجدية في سياسات التنمية المستدامة.

أطلقت مؤسسة القروض إيكدوم المغربية عرضا جديدا لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمهنيين بمبلغ يمكن أن يصل إلى 21 ألف دولار، في إطار انخراط المصارف ومؤسسات القروض في مسلسل المساهمة في التنمية الاقتصادية للمغرب.

ويهدف هذا العرض الذي يحمل اسم “سلف فرصتي”، إلى فتح مجال التطوير المهني ورفع التحدي من خلال الوصول إلى التمويل عن طريق القرض البنكي على مدة تصل إلى 7 سنوات لتنمية المشاريع التي تشتغل منذ مدة أكثر من سنة.

ومن شأن هذه المبادرة الرائدة، التي تُعد من الأفكار المبتكرة في السوق، أن تدعم مساعي الرباط لتحقيق الشمول المالي بفضل الحلول المُناسبة لدعم الحرفيين والمقاولين لتطوير أنشطتهم، كما تعطي فرصة لأصحاب المشاريع المبتكرة لتحقيق طموحاتهم.

وأكد محمد الكتاني، الرئيس المدير العام للتجاري وفا بنك ونائب رئيس التجمع المهني للبنوك، أن القطاع المصرفي جاهز من أجل دعم الشركات، خاصة بعد خطاب الملك محمد السادس، الذي دعا المؤسسات المالية إلى تمويل مثل هذا النوع من المشاريع.

وأوصى العاهل المغربي، في خطاب افتتاح السنة البرلمانية الجديدة في أكتوبر الماضي، الحكومة والمهنيين وبنك المغرب المركزي، بالانكباب على تمكين أكبر عدد من رواد الأعمال الشباب المنتمين إلى مختلف الفئات الاجتماعية.

كما طالب بدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة خاصة المصدرة نحو أفريقيا، وتسهيل دخول المواطنين إلى الخدمات البنكية.

وقال الملك محمد السادس حينها إن “القطاع البنكي لا يزال يعطي أحيانا، انطباعا سلبيا، لعدد من الفئات، وكأنه يبحث فقط عن الربح السريع والمضمون”.

وكانت الحكومة قد صادقت على قانون متعلق بالقروض الصغيرة، يتضمن رفعا لسقف القروض الصغيرة من أجل تسهيل حصول الشركات الصغيرة جدا على التمويلات وتلبية طلباتها في التطور والاستمرار.

وفي هذا السياق تعهدت مؤسسة إيكدوم بتعبئة مُجمل شبكتها من الوكالات من خلال تحسيسها بالإشكالية الجديدة المتعلقة بالتمويل بمنهجية مدروسة لضمان منح القروض للمشاريع المؤهلة، سواء تعلق الأمر باقتناء التجهيزات أو أشغال التجديد، أو أي مجال آخر ذي صلة بالتنمية.

مؤسسة القروض إيكدوم تعرض تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمهنيين بمبلغ يصل إلى 21 ألف دولار

وتسعى إيكدوم، باعتبارها شريكا تاريخيا للأسر المغربية منذ أربعين سنة، من خلال هذه المبادرة إلى منح فرصة لكل الشركات من خلال مساعدتها على إعطاء دفعة جديدة لمشاريعها، وبالتالي خلق رابط ثقة مع المقاول.

وتزامنا مع العروض التي أطلقتها المصارف المحلية لمواكبة عمل المقاولات تم إحداث صندوق تمويل في مشروع قانون موازنة 2020، بمبلغ 6 مليارات درهم (624 مليون دولار)، حيث سيأتي نصف ذلك المبلغ من ميزانية الدولة والنصف الآخر ستوفره المصارف والمؤسسات الأخرى.

ويهدف الصندوق إلى التمكن من ضبط حسابات عمليات دعم تمويل المبادرات الاستثمارية من خلال آليات الضمان والتمويل ورأسمال والمساعدة التقنية التي وضعتها الدولة.

ويقول محمد بنشعبون وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة إن الصندوق سيمكن الشركات الناشئة من التعرف على آليات وتدابير الدعم.

وأضاف في تصريحات خلال وقت سابق “كما سيمكن الصندوق من دعم الخريجين الشباب، وتمكينهم من الحصول على قروض بنكية لتمويل مشاريعهم، ودعم المقاولات العاملة في مجال التصدير”.

وكان صندوق الضمان المركزي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة المغربية، قد أطلق خدمة “ضمان إكسبريس”، التي تغطي احتياجات الاستثمار، الى جانب خدمة “ضمان الاستثمار” التي تتضمن بدورها حلول الضمان الخاصة بالاستثمار وبصفة عامة، القروض المتوسطة والطويلة الأمد.

وتم توقيع مذكرة تفاهم بين كل من وزارة الاقتصاد والمجموعة المهنية لبنوك المغرب والاتحاد العام لمقاولات المغرب وصندوق الضمان المركزي، تتعلق بتفعيل عرض المنتوجات الجديدة للضمان والتمويل.

وتشمل الاتفاقية مضاعفة سقف الضمان بالنسبة إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة الصناعية وكذلك المصدرة والناشطة في مجال الاقتصاد الأخضر والتي تنهج حوكمة ناجعة.

ويشكل سلوك الأداء لدى الشركات مشكلة تؤرق المصارف حيث اعتبر جلال شرف، المدير العام المنتدب للاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن الآجال والتأخير في الأداء يشكلان حاليا تهديدا خطيرا على استدامة الشركات ومتانتها المالية.

وقال في تصريحات سابقة إنها “ستكون (الآجال) مسؤولة عن 40 في المئة من إخفاقات الشركات في المغرب”.

من جهته، شدد خالد عيوش الرئيس المدير العام لأنفوريسك، على الأهمية القصوى لمسألة آجال الأداء.

وأشار إلى أن حجم القروض الائتمانية بين الشركات المرتبطة بالتأخر في الأداء بلغ في 2017 أكثر من 44 مليار دولار، حيث تمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة 32 في المئة، فيما تمثل الشركات متناهية الصغر 21 في المئة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: