إخوان الجزائر يقفزون من قارب الحراك للعودة إلى حضن السلطة
بدأت أولى التفاعلات السياسية في الجزائر مع توجه السلطة الجديدة إلى إجراء تعديل دستوري عميق في غضون الثلاثي الأول من العام الجاري، حيث كان أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد أول المبادرين بتشكيل لجنة مختصة للتفاعل مع الموضوع، في حين دعا المجلس الإسلامي الأعلى، إلى الانخراط القوي والواسع في بناء مؤسسات الدولة.
ونصبت حركة مجتمع السلم (الإخوانية)، لجنة خاصة مكونة من خبراء في القانون ونواب برلمانيين لمناقشة وإعداد مقترحات الحركة بشأن تعديل مرتقب للدستور، ليكون بذلك أول موقف تفاعلي لـ”حمس”، مع السلطة الجديدة في البلاد، رغم مقاطعتها للانتخابات الرئاسية وعدم المشاركة فيها، ويؤكد على مقاربة التلون السياسي عند أحزاب التيار الإسلامي في الجزائر.
وانطلقت، الخميس، أشغال ملتقى وطني لهياكل الحركة من أجل دراسة والتشاور حول ما أسماه جدول الأعمال بـ”التطورات الأخيرة في البلاد” ودعوة السلطة لفتح حوار سياسي شامل قريبا، فضلا عن عمل اللجنة المنصبة من أجل إعداد وثيقة حمس في مشاورات تعديل الدستور.
وأبدى رئيس حمس عبدالرزاق مقري، في تصريحاته الأخيرة، عن استعداد حركة مجتمع السلم للتعاون مع السلطة الجديدة، ودعا إلى “منح الوقت الكافي للرئيس عبدالمجيد تبون من أجل تنفيذ التعهدات التي أطلقها خلال حملته الانتخابية”، وهو تحول لافت في مواقف حمس التي ركبت موجة الحراك الشعبي منذ أسابيعه الأولى، وتريد الآن القفز من القارب بعدما استشعرت استعادة السلطة لزمام المبادرة، وفشل الاحتجاجات السياسية في فرض منطقها بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وفي سياق متصل دعا المجلس الإسلامي الأعلى، (هيئة دينية حكومية) يرأسها وزير الشؤون الدينية السابق المحسوب على النظام السابق بوعبدالله غلام الله، “الجزائريين إلى الانخراط القوي والواسع، في مبادرة تعديل الدستور التي أقرها الرئيس عبدالمجيد تبون من أجل إرساء قواعد مؤسسات جمهورية جديدة وشرعية”.
وألمحت رسالة المجلس، إلى “تكريس ثوابت الدين الإسلامي وثورة التحرير” في الدستور القادم، من خلال الدعوة إلى دعم مسعى السلطة في المشروع الجديد، ليكون بذلك أول مشروع مجتمعي يمزج بين الأصول الروحية والنضالات الشعبية.
ولم يفوت الفرصة للإشادة بدعوة “الحوار واليد الممدودة التي أطلقها الرئيس الجديد في أول خطاب له، والمساهمة الفعالة في مد جسور الأخوّة الوطنية وتجاوز المحن والأزمات، والحفاظ على وحدة الوطن وانسجامه الاجتماعي واستقراره”.
ولفت إلى أن ” المغالبة تكون بالسلوك الحضاري وبوسائل الإقناع وتحمّل المسؤولية من خلال الانخراط في العمل الجمعوي والتمثيلي، وأن استحقاق الـ12 من ديسمبر الماضي، هو انتصار للشعب الجزائري، صنع بفضل اليقظة والتبصر لما يحاك ضد الوطن وما ينتظره من تحديات ومخاطر، وأن أفضل سلاح لإحباط المؤامرات وضمان أمن الوطن ووحدته يكمن في وحدة الشعب وتضامنه”.
وكان الرئيس عبدالمجيد تبون قد عيّن الخبير الدستوري أحمد لعرابة، على رأس لجنة أوكلت لها مهمة إجراء تعديلات عميقة على الدستور، قبل إحالته على البرلمان للمصادقة ثم طرحه على الاستفتاء في غضون الثلاثي الأول من العام الجاري.