العدالة والتنمية المغربي يستنجد بذراعه الدعوي تمهيدا للانتخابات

عاد الجدل في المغرب حول حدود التمايز بين الدعوي والسياسي لحزب العدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحكومي، بعد لقاء الأمانة العامة للحزب مع حركة التوحيد والإصلاح، الجناح الدعوي للحزب.

واجتمعت قيادات العدالة والتنمية (إسلامي) على رأسهم سعدالدين العثماني الأمين العام للحزب،الأحد، بمسؤولين في حركة التوحيد والإصلاح بقيادة رئيس الحركة عبدالرحيم الشيخي.

وعكس اللقاء ما يعيشه العدالة والتنمية من حالة غموض في الحسم بين الدعوي والسياسي، خاصة أن التوحيد والإصلاح تطرح منذ مدة مراجعة علاقتها مع الحزب على طاولة البحث.

وفيما توقع بعض المراقبين باحتمال اقتراب الطلاق بين الحركة، التي تعود إرهاصات ميلادها إلى سبعينات القرن العشرين، والحزب الحاكم، إلا أن آخرين يستبعدون ذلك.

وعلى العكس يبدو الطرفان أنهما في طور إعادة الزخم لتنسيق مواقفهما معا بشكل منهجي مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المزمع تنظيمها في العام 2021، أمام مخاوف من صعوبة حصول الإسلاميين على المرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة.

وترى شريفة لموير الباحثة في العلوم السياسية أن “ما يقع اليوم يظهر بالملموس أن ادعاء أخذ مسافة بين العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح لا يخرج عن كونه تكتيكا سياسيا فرضته المرحلة، تحت مبرر براغماتي صرف، أملاه منطق الاندماج المؤسساتي والانحناء للضغوط التي يفرضها السياق الإقليمي”.

وسبق لسعدالدين العثماني، أن أكد التوجه نحو تعميق التمايز بين الحركة والحزب في مجالات العمل والرموز والخطاب، في إطار المراجعات والخيارات الإستراتيجية لحزبه.

وتتابع شريفة لموير لـ”أخبارنا الجالية ”، “العثماني وخلال فترة ترؤسه للحكومة لم يستطع إثبات ما كان يدعيه كونه منظر التمايز بين السياسي والدعوي، وهذا ما أثبته من خلال للقائه مع جناح للتوحيد والإصلاح”.

وتعتقد أنه من “الضروري الابتعاد عن منطق الضبابية والتحلي بالوضوح السياسي للتفريق بين العمل الدعوي والعمل السياسي داخل العدالة والتنمية”.

وظهر سؤال التحالف أو الاندماج بين التنظيمين لأول مرة عندما انخرطت قيادات من حركة التوحيد والإصلاح في الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية في العام 1996.

وعرفت العلاقة بين الحزب والحركة صعوبات كثيرة في تسيير بعض الملفات والمواقف منها إقرار الحكومة التي يقودها العدالة والتنمية لقانون الإطار للتربية والتكوين، في شقه المتعلق بمواد “فرنسة التعليم”، والذي انتقدته حركة التوحيد والإصلاح بشدة.

شريفة لموير: تشبث بن كيران بثقافة الخلط بين الدعوي والسياسي ولّد لديه ميلا نحو الهيمنة

ومن خلال قراءة كل من الحزب والحركة للظرفية الوطنية والدولية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا من زاوية اهتمامات كل واحدة من الهيئتين، في هذا اللقاء، يتضح أن قيادات العدالة والتنمية الحالية تخشى من تخلي الحركة عن دعمها على مستوى القواعد،  مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العام القادم.

وتستنتج شريفة لموير، أن واقع الحال يظهر جليا أن حركة التوحيد والإصلاح أمام صعوبة بين الإبقاء على الرابط الوثيق بين العمل السياسي والعمل الدعوي، وبين إقناع تنظيماتها بالتمسك بعقيدتها الراسخة”.

وتشرح بالقول “هذا الأمر كان واضحا خلال المرحلة السابقة لترؤس عبدالإله بن كيران لحزب العدالة والتنمية والحكومة إذ أظهر تشبثه بالثقافة القائمة على الخلط بين الدعوي والسياسي، وهذا ما ولد لديه ميلا نحو الهيمنة، جعله في تناقض حاد مع الخطاب الديمقراطي المؤسساتي الذي ينبني على أساس التواصل والتفاهم والحوار العقلاني”.

وبالعودة إلى نتائج المؤتمر السادس للحركة قبل عامين، نجد أن التوحيد والإصلاح قد كشفت عن مرحلة جديدة مع الحزب السياسي شعارها التمايز بين التنظيمين على مستوى الهيئات التنفيذية، والمتمثلة أساسا في انتخاب قيادة جديدة للحركة خالية من أي قيادي في حزب العدالة والتنمية، وفي ذات الوقت وقع رفض ورقة قدمها القيادي مصطفى الخلفي تقترح الفصل النهائي بين الحزب والحركة على كل المستويات.

وفي خلاصة تقييمها، تؤكد شريفة لموير، “عسر التحول لدى حزب العدالة والتنمية، من عقدة شيوخ الجماعة، مما ولد صعوبة التكيف ما بين البنية المؤسساتية والخيار الديمقراطي، كنتيجة لمحاولة قيادة العدالة والتنمية التكييف بين ضرورات واقع التدبير المؤسساتي وضغط شيوخ الجماعة الذين يلعبون دورَ المُرشد، في تحديد توجهات الحزب”.

ونشأت حركة التوحيد والإصلاح في أواسط سبعينات القرن العشرين، من خلال فعاليات جمعيات إسلامية.

وتحققت وحدة اندماجية بين الحركة و”رابطة المستقبل الإسلامي”، في 31 أغسطس عام 1996، لتولد رسميا الحركة باسمها وصيغتها الحاليين.

ومنذ ميلادها، أعلنت الحركة تبنيها خيار التمايز بين ثنائية “الدعويّ والسياسي، فيما يشكك المتابعون في ذلك.

ويقوم خيار التمايز، وفق أدبياتها، على شراكة استراتيجية بين الهيئتين الدعوية (الحركة) والسياسية (حزب العدالة والتنمية)، باعتبارهما شريكين في مشروع إصلاح واحد، والتمايز يشمل الوظائف ومجالات العمل والخطاب والرموز.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: