في_قلب_الجهاد_كيف_تسللت_إلى_صفوف_القاعدة_ثم_تخلت_عني_المخابرات_الغربية

مخترق صفوف القاعدة . والجماعة الجزائرية الإسلامية المسلحة GIA وعمر الناصري اسم مستعار حركي وهو واحد من عشرات الأسماء التي غطى بها شاب مغربي حقيقته من ابن صغير لوالديه احتضنته مدرسة كاثوليكية في بلجيكا، فبائع حشيش في المغرب، إلى جاسوس للاستخبارات الفرنسية في أفغانستان ومواقع أخرى. وحياة الناصري كما قال عنها ليست حياة واحدة بل حيوات، قل أن تماثلها أخرى في الإثارة والغرابة والتناقض. فتارة هو ابن بار بأمه يخشى عليها من سطوة أبيه، وأخرى متدين، وإن أقر بأنه في باطنه غير مبال بالشعائر الدينية.

إلى كونه وسيطاً في بيع الحشيش والأسلحة، فمجاهداً لا يشق له غبار، ومعاقراً للخمر، وفاتكاً بالنساء في مواطن أخرى. ومهرباً للمتفجرات لمصلحة إحدى الجماعات الإسلامية. يوفر الناصري مشهداً نادراً: صورة جماعات إسلامية متزايدة القوة في تسعينيات القرن الماضي، وأساليب التسلل إلى صفوفها، ومدى إخفاق السلطات في إدراك الخطر الناشئ عنها. ثمة ظروف عائلية تمخضت عن تواصل الناصري مع إحدى الشبكات الإرهابية، وساهمت نشأته غير الاعتيادية الموزعة بين شمال أفريقيا وبلجيكا في تمكينه من ان يعيش حياة مزدوجة.

بعد أن أمضى ما يزيد على سبع سنوات في خدمة أجهزة الاستخبارات الفرنسية، البريطانية والألمانية يطلعنا الناصري على الوجه الداخلي لأساليب عمل هذه الأجهزة من خلال روايته لقصص الاجتماعات الأحاديث والأساليب الحرفية للأجهزة المختلفة بشكل تفصيلي على نحو غير عادي. يبقى الناصري غير عادي أيضاً في كونه قد جمع بين الفرنسيين والبريطانيين متخذاً من المملكة المتحدة مقراً له، مسلطاً الضوء على تعاون البلدين رغم موقفيهما المختلفين من خطر الإرهاب وهو يكشف النقاب عن مدى تعقيد دوافعه، كما عن جملة الحلول التوفيقية الأخلاقية التي يلوذ بها الجواسيس من ناحية وأولئك الذين استخدموه من ناحية ثانية من خلال سلسلة القرارات الضبابية أخلاقياً التي أقدم الناصري والجهة التي جندته على اتخاذها تتحدى المفاهيم التبسيطية عن الطبيعة الحقيقية لمكافحة التجسس، وارتباك الناصري الواضح حول تحديد ولائه في منعطفات معينة يؤكد مدى صعوبة أن يعيش المرء حياة مزدوجة جاسوساً من ناحية مجاهداً من ناحية ثانية إضافة إلى مدى صعوبة تعامل الأجهزة الاستخباراتية مع أمثال هذا الجاسوس «المجاهد.

بقيت اوروبا هي القاعدة المركزية التي تنطلق منها عمليات منظمة القاعدة، فبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر بخمس سنوات نجد ان أوروبا- ولا سيما المملكة المتحدة، لا الولايات المتحدة هي التي تواجه التحدي الأكبر المتمثل بالإرهاب. إن عولمة فكرة الجهاد كانت من إنجازات بن لادن، ومن قبل كانت الجماعات محصورة بصراعاتها المحلية الخاصة في الجزائر آسيا الوسطى بلاد الشيشان وأمكنة أخرى، وإقناعها بانها أطراف في عملية نضالية أوسع، إنه نضال ضد العدو البعيد المتمثل بالولايات المتحدة الداعم للحكومات التي تعارضها إنه نضال تعين خوضه تحت راية القاعدة في فبراير 1998 أطلق بن لادن تصريحاً أعلن فيه تشكيل الجبهة الإسلامية العالمية لجهاد ضد اليهود والصليبين وقد اصدر فتوى تقول إن قتل الأميركيين وحلفائهم مدنيين وعسكريين واجب فردي على كل مسلم يستطيعه في اي بلد يوفر فرصة للقيام بذلك وبعد ذلك في أغسطس 1998 كانت أولى عمليات القاعدة الناجحة الكبرى ضد الولايات المتحدة التي ضربت سفارتيها في كل من تانزانيا وكينيا. تنتهي قصة الناصري مع انتقاله إلى ألمانيا، حيث انهارت علاقته مع الأجهزة الأمنية الألمانية لقد تخلت عنه الأجهزة الأمنية بحسب رأيه، إذ امتنعت عن توفير الحماية والهوية الجديدة كما كان الفرنسيون قد وعدوه أساساً حاول إعادة الاتصال مع عدد من الرسميين بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر غير أنه صد، وبعد نحو أربعة أعوام فيما كان يتابع التفجيرات بلندن يوم 7 يوليو 2005 قرر أنه راغب في ان يروي قصته. قاده ذلك إلى مراجعة هيئة الإذاعة البريطانية البي بي سي BBC، كما إلى تسجيل روايته الخاصة لقصة سنواته السبع التي أمضاها عاكفاً على التسلل جاسوساً إلى قلب حركة جهادية متعاظمة. اسم الكتاب: في قلب الجهاد.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: