العدالة و التنمية يحمّلون خصومهم مسؤولية رفض المغاربة لهم

اتهم حزب العدالة والتنمية المغربي (قائد الائتلاف الحكومي)، خصومه من الأحزاب المعارضة بممارسة “البلطجة” وعرقلة نشاطاته الحزبية على خلفية احتجاجات طالته على هامش تنظيمه لـ”المهرجان الختامي للأبواب المفتوحة” في مدينة فاس، بحضور سعدالدين العثماني رئيس الحكومة والأمين العام للحزب.

واحتج مواطنون في فاس، الأحد، ضد سياسات العدالة والتنمية وأمينه العام ورفعوا شعارات مناهضة له، في خطوة تكشف مدى تآكل الرصيد الشعبي للحزب وتراجع الدعم له تدريجيا.

وكعادته في رمي كرة المظلومية في اتجاه الخصوم اتهم الحزب جهة سياسية في المعارضة بـ”شراء بعض المواطنين من أجل نسف المهرجان الختامي الذي يُتوج سلسلة من اللقاءات الناجحة في المدينة”. والمقصود حسب السياق السياسي والجغرافي هو حزب الاستقلال المعارض، الذي كان يدير المدينة قبل العدالة والتنمية.

ولتخفيف وقع هذا الاحتجاج غير المسبوق، اعتبر العثماني أن الاحتجاج الذي رافق حضوره لفعاليات المهرجان الختامي هو “طبيعي في ظل المسار الإصلاحي”، مضيفا أن أعمال “البلطجة ليست حكرا على فاس وحدها، بل يعاني منها العدالة والتنمية في بعض الجماعات التي يسيرها”.

وسبق أن علق العثماني على عرقلة أحزاب سياسية عقد لقاءات في بعض المؤسسات المنتخبة، وهو ما حدث مؤخرا في مجلس مدينة العاصمة الرباط. بدوره أشار خالد البوقرعي، القيادي بحزب العدالة والتنمية بجهة فاس، إلى حزب الاستقلال، دون أن يذكره بالاسم، بالوقوف وراء “البلطجة”.

العدالة والتنمية يحاول الدفاع عن رصيده في الحكومة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في عام 2021، حيث باتت الانتخابات هاجسه الأول

ويعد حزب الاستقلال المعارض من أشد المنتقدين لسياسات العدالة والتنمية، ولطالما اتهم الائتلاف الحكومي بالبحث عن أنصاف حلول لمواجهة المطالب الاجتماعية، كما وصف تحركاته السياسية بالتدابير الصغيرة والترقيعية التي لم تعد صالحة لحاضر ومستقبل البلاد، معربا عن عدم ثقته في التعديل الوزاري الأخير الذي أجرته حكومة العثماني.

من جهته، لا ينسى العدالة والتنمية خلافاته مع قيادات حزب الاستقلال سواء السابقة أو الحالية، خصوصا بعد محاولة الاستقلال إسقاط الحكومة واعتباره أن حزب العدالة والتنمية، الذي يقود التحالف الحكومي، بات متسببا في تداعيات خطيرة تمس بمصداقية المؤسسات الدستورية، وخاصة الحكومة والمؤسسة التشريعية.

وتكشف تصريحات قياديي العدالة والتنمية حجم الارتباك الذي يغرق فيه الحزب، أمام توسع دائرة الانتقادات الحزبية والشعبية له على خلفية سوء إدارته للحكم وعدم استجابته لتطلعات المواطن في تنمية عادلة وتوفير فرص عمل والقضاء على الفقر.

وأكد رشيد لزرق، المحلل السياسي، والباحث في القانون الدستوري، أن “طريقة تعاطي قيادات العدالة والتنمية مع الاحتجاجات، توضح حجم إفلاس الحزب في مواجهة تطلعات وإحباط الشارع”.

وتابع لزرق لـ”لأخبارنا الجالية ”، “اتهام جهة سياسية معارضة دون تحديد مباشر بشراء بعض المواطنين من أجل نسف المهرجان الختامي، يوضح حجم الارتباك السياسي الذي يعاني منه الحزب”.

ولا تحجب اتهامات قيادات العدالة والتنمية لأطراف سياسية بممارسة البلطجة ضده، حالة الاستياء الشعبي من طريقة إدارته للشأن المحلي والعام.

وأبدى عدد كبير من المواطنين بمدينة فاس تذمرهم من طريقة إدارة العدالة والتنمية لشؤون المدينة تحت إشراف العمدة إدريس الأزمي القيادي بالحزب، كون البلاد لم تر في ولايته غير الأزمات والإجرام والبطالة والفوضى، معربين عن ندمهم لمنح العدالة والتنمية الثقة في الانتخابات الأخيرة.

ويلفت متابعون إلى أن إدريس الأزمي بدا عاجزا عن الكشف عن ملفات الفساد، التي طالما اتهم بها العدالة والتنمية حزب الاستقلال في شخص العمدة السابق حميد شباط وبنى عليها حملته الانتخابية.

وربط المتابعون الاحتجاج ضد العدالة والتنمية في لقائه الأخير بفاس، باستشراء حالة التذمر الاجتماعي بمختلف مدن المملكة، نتيجة تواصل التهميش.

ويقول رشيد لزرق، إنه “لا يمكن فصل ما يقع في فاس عن الحراك الاجتماعي والسخط المتواصل نتيجة الإحباط الذي دب في نفوس المواطنين، وتعطل الحكومة في إخراج مراسيم بالجهة”.

ويحاول العدالة والتنمية الدفاع عن رصيده في الحكومة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في عام 2021، حيث باتت الانتخابات هاجسه الأول وتطغى على حساباته السياسية.

الحزب اتهم جهة سياسية في المعارضة بـ”شراء بعض المواطنين من أجل نسف المهرجان الختامي الذي يُتوج سلسلة من اللقاءات الناجحة في المدينة”

وفي هذا الصدد قال أمين عام حزب العدالة والتنمية، سعدالدين العثماني، إنه متفائل بتصدر حزب العدالة والتنمية للانتخابات التشريعية في العام 2021 للمرة الثالثة على التوالي، على اعتبار النشاط التواصلي لحزبه وعمله داخل وخارج البرلمان.

وعاد العثماني إلى توظيف ورقة الفساد التي بنى عليها حملته الانتخابية السابقة، داعيا إلى تعاون الجميع، حكومة وبرلمانا ومجتمعا مدنيا، وفاعلين اقتصاديين واجتماعين، مبرزا في مقابل ذلك أن هناك أمورا كثيرة تحققت في الواقع بالمؤشرات والأرقام والإحصائيات وبالأدلة.

وهذا يوضح حسب الباحث رشيد لزرق، أن “فزاعة الفساد اتخذها الحزب كقوة إعلامية للاستهلاك الانتخابي، موضحا أنه بعد الاحتجاج ضد قيادات الحزب بمدينة فاس، يحاول العدالة والتنمية التنصل من المسؤولية”.

ويرى متابعون أن خطاب العدالة والتنمية السياسي والأيديولوجي في توصيف الأمور وتحليلها وفقا لنظريات المؤامرة يوسع الهوة بينه وبين الشارع، وهو السبب في تراجع الثقة في أدائه.

ويستنتج رشيد لزرق بالقول “سيزيد ذلك من حشر الحزب في الزاوية ويدعم اتهامات الفرقاء السياسيين بازدواجية خطابه وعدم تسمية الأمور بمسمياتها”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: