الأصوات تتعالى في الجزائر لإنهاء سطوة العسكر

خرج المئات من المواطنين الجزائريين مجددا إلى الشوارع في العاصمة الجزائر على الرغم من مرسوم الحداد الوطني في أعقاب وفاة الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، وذلك للمطالبة بتغييرات حقيقية في البلاد.

ونظم نحو ألف شخص من الطلاب والمواطنين مجددا الثلاثاء في تظاهرتهم الأسبوعية – وهي الـ44 على التوالي –  رغم الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام.

وليس هناك أي شعار أو لافتة تستهدف مباشرة قايد صالح الذي طالما كان عرضة لهتافات ضده في تظاهرات “الحراك”، حركة الاحتجاج في الجزائر منذ 22 فبراير.

وقال العديد من الطلاب إن “وفاة قايد صالح لا تغير شيئًا” بالنسبة لـ”الحراك”.

وأوضحت كاهنة (22 عاما) الطالبة في علم الأحياء “لسنا ضد شخص بل ضد نظام (…) لكن اتفقنا على انه لن يكون هناك شعارات أو لافتات مناهضة احتراما للموتى”.

أما إيمان وهي طالب (20 عاما)، فقالت إن مطالب الطلاب ليست ضده بل ضد النظام، “انه بين يدي الله الآن”.

ورغم ذلك، تستمر الهتافات في استهداف القيادة العليا العسكرية، وهي هيكلية غير شفافة تدير بشكل أو بآخر علنا، بحسب الفترات، الجزائر منذ استقلالها عام 1962. إضافة إلى وجود تشكيك في الانتخابات الرئاسية الأخيرة بأنها محاولة من النظام للإبقاء على نفس الوجوه التي تسيره.

وهتف متظاهرون “دولة مدنية لا عسكرية”، و”الجنرالات في القمامة والجزائر ستحصل على استقلالها”.

وتوفي الفريق أحمد قايد صالح الاثنين على إثر سكتة قلبية، بعد أربعة أيام من تنصيب عبدالمجيد تبون رئيسا وبعد أن قاد واقعيا البلاد منذ دفع الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة للاستقالة في أبريل الماضي.

وكان آخر ظهور عام لقايد صالح (79 عاما) في 19 ديسمبر أثناء موكب تنصيب الرئيس عبدالمجيد تبون الذي انتخب قبل أسبوع.

وكان الرئيس تبون أسند بتلك المناسبة للرئيس الانتقالي عبدالقادر بن صالح وكذلك للراحل قايد صالح وسام “الصدر” وهو وسام مخصص تقليديا لرؤساء الدولة.

وبعد أن دفع في أبريل إلى استقالة بوتفليقة تحت ضغط حركة احتجاج شعبي ضد النظام، بات قايد صالح لاحقا قلب رحى المشهد السياسي وظهر بمظهر الرجل القوي في البلاد بموازاة سلطات مدنية انتقالية صامتة معظم الأحيان.

المطالبة بدولة مدنية

وكان قايد صالح رمز القيادة العليا للجيش الوطني الجزائري، عماد النظام منذ استقلال البلاد عن فرنسا في 1962، ظل لأكثر من ثمانية أشهر يشرف على مجريات الأمور و”يقترح” خطوات العمل على الحكومة ويصدر مواقفه من حركة الاحتجاج.

وسينقل جثمان قايد صالح، من المستشفى العسكري “عين النعجة ” إلى قصر الشعب التابع لرئاسة الجمهورية عند الساعة التاسعة صباح الأربعاء، لإلقاء النظرة الأخيرة عليه من قبل المسؤولين في الدولة والمواطنين العاديين.

وجاء في بيان للرئاسة الجزائرية إعلان “وفاة المجاهد الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الذي فاجأه الأجل المحتوم صباح هذا اليوم الاثنين 23 ديسمبر 2019، على الساعة السادسة صباحًا، بسكتة قلبية ألمت به في بيته، ونُقل على إثرها إلى المستشفى المركزي للجيش بعين النعجة”.

ومنذ إعلان الوفاة وضع شريط أسود على زاوية التلفزيون الجزائري مع صورة للراحل مؤديا التحية العسكرية. ويبث التلفزيون نشرات خاصة وأشرطة وثائقية عن قايد صالح.

ولد قايد صالح في 13 يناير 1940 ودخل منذ سن 17 عاما صفوف جبهة التحرير الوطني التي قادت حرب التحرر من الاستعمار الفرنسي.

وكان أحد آخر ممثلي قدامى المحاربين من أجل الاستقلال داخل الجيش.

في المقابل فإن الرئيس الجديد للجزائر عبدالمجيد تبون (74 عاما) هو أول رئيس جزائري من خارج قدامى المحاربين من أجل الاستقلال.

وأعلن تبون عن تعيين اللواء سعيد شنقريحة قائد جيش البر، رئيسا لأركان الجيش الوطني الشعبي بالنيابة.

واللواء شنقريحة (74 عاما) كان عينه الراحل قايد صالح على رأس جيش البر في سبتمبر 2018، ضمن تعديلات واسعة في المراتب العليا في الجيش.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: