صحافة الأخبار المغربية

ربما شاءت الأقدار أن تكون مهمة الصحافي الأولى أن يكون في وسط الأزمات.

لا يمكن تخيل الصحافي هادئ البال منصرفا عن شواردها، بل إنه والتوتر صنوان لقربه من الاحتقانات والاضطرابات والتحولات الخطيرة والصراعات.

الكل يلتمسون آخر المستجدات في الأوقات الحرجة ويركضون لاهثين وراء تسريب صحافي من هنا وخبر عاجل من هناك.

لكن الصحافي وهو يقوم بهذه المهمة الجسيمة لن ينجو من السهام التي تتناوشه من هنا وهناك، لاسيما وأنه معني بالأزمات وكتحصيل حاصل سوف يحاول الخصوم الإنتهازيين  زجه لصالح طرف ضد آخر.

الصحافي مطالب ليس بنقل الحقيقة كما هي بتجرد بل الحقيقة بثوبها الذي يفصله الفاعلون الجمعويون ، حقيقة مشذبة وغير مؤذية ولا تصب في غير صالح الانتهازي و مجموعته .

كثير منهم  ينظرون للصحافيين على أنهم ثلة غير منصفة وغير موضوعية وتجلب لنفسها دعاية مجانية.

لكن أولئك الساسة يؤمنون بحرية الصحافة على طريقتهم الخاصة وسوف يلجؤون لوسائل صحافية أخرى لشن هجمات على ذلك النوع من الصحافة والصحافيين.

في المشهد المغربي السائد اليوم والذي يتفاعل بشكل تصاعدي تبرز حساسية جور الصحافي في ملاحقة ظاهرة اختطاف واغتيال وإخفاء الصحافيين المتهمين بأنهم يحرضون ويكتبون في صحافة صفراء أو أنهم يخضعون لأجندات خارجية.

هذه الاتهامات هي أكثر الاتهامات شيوعا في أوساط الجماعات الدينية  اللواتي تم الانتفاض عليهم وسحب الثقة من شرعيتهم.

في وسط ذلك تمارس سلطات وأذرع مسلحة سرية بلطجتها في وضح النهار ضد الناشطين والمتظاهرين من جهة وضد الصحافيين من جهة أخرى وقد تفننوا في الإيذاء والترهيب وإشاعة أجواء كراهية ضد الصحافة والصحافيين.

لم يعد هنالك في وسط هذه المعمعة متسع للكلام عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بل هنالك عنف وتشهير معلن ضد شبكة صحافية واسعة تضم بشكل خاص العشرات من الصحافيين .

إنه زمن ازدهار الصحافة الصفراء في نظر الحكومة بدليل أن أولئك الصحافيين وخاصة الشباب منهم لم تثنهم حملات الترهيب عن نقل الحقيقة بل تشعبوا في نقلها عبر العديد من الوسائط ومنها الرقمية الحديثة كمنصات التواصل الاجتماعي وغيرها.

ولعل الملفت للنظر أن هذه الحملات التي تطال الصحافيين والناشطين في العديد من الساحات لم تجد رادعا في الأرقام الإحصائية فكلما ارتفعت أعداد الذين يتم استهدافهم زادت الحكومة وأذرعها المعلنة بطشا وملاحقة للإعلاميين والناشطين.

وبعد هذا تتضح السخرية الكاملة في تشبث مسؤولي الحكومة بما يصفونه بأنه نظام ديمقراطي تعددي يضمن حرية الرأي والتعبير ولكن وفي نفس الوقت تلاحق هذه الديمقراطية العجيبة مثل غول لا يرحم أفواجا من الصحافيين وحملة الرأي بوصفهم فئة من المحرضين وكتبة الصحف الصفراء التي لا يعرف لها أثر سوى في خيالات أولئك الساسة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: