الرئاسة الجزائرية تعرض حوار جاد مع المعارضة

في أول تصريح بعد انتخابه رئيسا للجمهورية في اقتراع اتسم بنسبة مقاطعة قياسية، عرض عبدالمجيد تبون “حوارا جادا من أجل بناء جزائر جديدة” على الحراك الشعبي الذي قاطع الانتخابات، غير أن قوى المعارضة الجزائرية رحبت بحذر بهذه الدعوة حيث أجمعت على ضرورة تحقيق تهدئة مسبقة والحسم في ملف المعتقلين قبل الدخول في أي حوار سياسي جديد.

تتطلع أنظار الرأي العام الجزائري إلى ما سيسفر عن السلطة، بعد التنصيب الرسمي المنتظر لرئيس الجمهورية الجديد، خاصة في ما يتعلق بمضمون مبادرة الحوار السياسي، وطبيعة الإجراءات المتخذة لمد جسور الثقة بين طرفي الأزمة في البلاد.

وتحمل إعادة محاكمة الناشط السياسي كريم طابو، دلالات سياسية تشير إلى النوايا الحقيقية للرئيس الجديد عبدالمجيد تبون، من وراء إطلاق حوار شامل مع الحراك الشعبي للخروج من الأزمة، وسيكون الحكم الصادر مؤشرا حقيقيا عن الرغبة الحقيقية للحوار أو المناورة من أجل ربح المزيد من الوقت والرهان على تفكيك المعارضة الشعبية.

وينتظر أن يمثل رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي (غير معتمد) كريم طابو، الأربعاء، أمام قضاء تيبازة للنظر في لائحة التهم الموجهة له، ولا يستبعد إطلاق سراحه ليكون عربونا من السلطة للشارع ولمنطقة القبائل تحديدا، على صدق نواياها في البحث عن حلول للأزمة السياسية.

ولا زالت قضية سجناء الرأي تمثل أحد أبرز أوجه الصراع بين السلطة والحراك الشعبي، وقد يتم توظيفها من طرف الرئيس الجديد لتكون متنفسا للأزمة والالتفاف شيئا ما على المطالب الأخرى، حيث قدرت تنسيقية المعتقلين تعداد الموقوفين بسبب الاحتجاجات السياسية بنحو 1000 معتقل، منهم مئتان حكم عليهم بالسجن النافذ.

وتم توقيف الناشط السياسي كريم طابو، خلال الأشهر الماضية من أمام مقر سكنه بضاحية الدويرة في العاصمة، وتم الحكم عليه بالإفراج المشروط، الذي دام أقل من أربع وعشرون ساعة، ثم أعيد اعتقاله من جديد، وتوجيه اتهامات جديدة له، تتمثل في تهديد الوحدة الوطنية وإحباط معنويات الجيش.

فعاليات شعبية وسياسية تعتبر إعادة محاكمة كريم طابو، فرصة للسلطة من أجل إطلاق رسائل تهدئة للشارع

وتعتبر فعاليات شعبية وسياسية عديدة، إعادة محاكمة الناشط المذكور، فرصة للسلطة من أجل إطلاق رسائل تهدئة للشارع قبل مباشرة أي حوار سياسي جاد، لاسيما وأن الرجل ينحدر من منطقة القبائل التي عارضت الانتخابات الرئاسية بقوة، وإطلاق سراحه بإمكانه حلحلة القطيعة بين السلطة والمنطقة المعروفة بخصوصياتها الثقافية واللغوية.

وتعد إجراءات التهدئة ورفع أدوات القمع الإعلامي والسياسي، والتضييق على حريات التعبير والتظاهر وحصار العاصمة، قواسم مشتركة تجمع بين مختلف القوى السياسية والشعبية المعارضة، وتعتبرها عربونا أساسيا لاستعادة الثقة بين طرفي الصراع.

وأجمعت أحزاب سياسية من مختلف التيارات الأيديولوجية، على ما أسمته بـ”توفير الشروط الأساسية قبل الذهاب إلى أي حوار”، حيث التقى الديمقراطيون واليساريون والإسلاميون، في التزام الحذر تجاه دعوة تبون، والتذكير بإجراءات التهدئة.

وقالت أكبر الأحزاب الإخوانية في الجزائر (حركة مجتمع السلم)، في بيان لها أصدرته، الاثنين، بأنها “ستتعامل بحذر مع خطاب الفائز برئاسيات 12 ديسمبر، عبدالمجيد تبون، بحكم التجارب السابقة للسلطة التي تكتفي بإطلاق الوعود فقط، وشددت على شروط الحوار، وعلى حماية الحراك من القمع”.

وذكر البيان “إن خطاب المرشح الفائز عبدالمجيد تبون بعد إعلان النتائج كان خطابا جامعا يساعد على التخفيف من التوتر ويفتح آفاق الحوار والتوافق”، لكنه بالموازاة مع ذلك نبه إلى أن “الجزائريين قد سبق لهم أن سمعوا من الحكام خطبا مماثلة تجسدَ عكسها على أرض الواقع، وإن الحركة إذ لا تستبق المستقبل بسوء الظن، فإنها ستكون حذرة وستحكم في ممارستها السياسية ومواقفها التي يخولها لها القانون على الوقائع الفعلية في الميدان خدمة للمصلحة العامة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: