ماكرون أمام تحدي تطويق الاحتجاجات لاسقاط نظام التقاعد قبل عيد الميلاد

تواجه الحكومة الفرنسية أياما صعبة على وقع الاحتجاجات والاضطرابات التي شلت البلاد احتجاجا على الإصلاحات التي تعتزم حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون إقرارها في نظام التقاعد. وتطرح هذه الأزمة التي تشكل امتحانا حقيقيا لماكرون تساؤلات بشأن قدرة الحكومة في باريس على تطويق هذه الخلافات مع النقابات وإعادة الإمساك بزمام الأمور قبل عيد الميلاد الذي سيكلف الخزينة الفرنسية كثيرا في حال استمرار الاضطرابات.

 لا تزال أزمة نظام التقاعد في فرنسا تراوح مكانها في ظل رفض النقابات لتنازلات الحكومة ومواصلة الدعوات للتعبئة الاثنين والثلاثاء.

وتصاعد التوتر في فرنسا الأحد بين الحكومة والمعارضين لمشروع تعديل أنظمة التقاعد في اليوم الحادي عشر من إضراب واسع في قطاع النقل.

ومن المتوقع أن تتواصل الاضطرابات الكبيرة في حركة النقل إلى حدود الثلاثاء، وهو ما يضع الحكومة الفرنسية أمام تحدي إيجاد مخرج لهذه الأزمة الخانقة.

ولكن يبدو أن شكوكا في مهندس الإصلاح، المفوض الأعلى لأنظمة التقاعد جان بول دولوفوا، يمكن أن تؤدي إلى تشويش على الجدل حول هذا التعديل.

وتطال شكوك بتضارب مصالح لعلاقاته مع شركات التأمين الخاصة دولوفوا بعدما أغفل بعض الأمور في “بيان المصالح” وهو وثيقة يقدمها أعضاء الحكومة إلى السلطة التي تدقق في ممتلكات ونشاطات الشخصيات العامة.

وذكرت صحيفة “لوموند” أن دولوفوا صحح هذه الوثيقة السبت ليكشف فيها عن شغله 13 منصبا إداريا كمدير أو رئيس، بينها 11 في إطار عمل تطوعي، في مختلف الهيئات.

وقد واجه في الأيام الماضية انتقادات حادة لممارسته مهام مأجورة بعشرات الآلاف من اليورو لسنة واحدة لدى مجموعة للتأهيل المهني ومركز فكري. واعترف بالخطأ ووعد بإعادة الأموال إذ أن القانون الفرنسي يمنع شغل منصب حكومي مع ممارسة نشاط مهني آخر.

وحصل دولوفوا على دعم رئيس الوزراء إدوارد فيليب الذي أكد ثقته “بحسن نواياه”، نافيا بذلك شكوكا حول احتمال استقالته.

وانتقد فيليب الذي يشعر بقلق كبير من احتمال توقف القطارات أثناء عطلة عيد الميلاد، الأحد بقسوة المضربين الذين يسببون اضطرابات كبيرة في حركة النقل بالسكك الحديد ووسائل النقل في المدن.

وقال لصحيفة “لوباريزيان” إن “عيد الميلاد مناسبة مهمة ويجب أن يتحمل كل شخص مسؤولياته. لا أعتقد أن الفرنسيين يقبلون بأن يتمكن البعض من حرمانهم من هذه المناسبة”.

وأعلن عمال سكك الحديد المضربون أنهم لا ينوون الالتزام “بهدنة” بمناسبة أعياد نهاية السنة. وقال لوران بران الأمين العام للكنفيدرالية العامة للعمل (سي.جي.تي) لعمال سكك الحديد “إذا أرادت الحكومة حل النزاع قبل الأعياد، فلديها كل الأسبوع المقبل لاتخاذ القرار السليم الذي يفرض نفسه لإصلاح التقاعد بالنقاط”. ومن جهة أخرى، خرج رئيس “الكونفيدرالية الديمقراطية الفرنسية للعمل” لوران بيرجيه عن صمته الذي كان يلتزمه منذ الغضب الذي عبر عنه الأربعاء بعد الإعلان أن مقياس سن التقاعد تم تثبيته في مشروع إصلاح نظام التقاعد.

وضع مربك 

وأعلن فيليب عن تحديد “سن توازني” هو 64 عاما. وهذا يعني أن أي شخص يستطيع التقاعد في سن الثانية والستين لكن هذا ينقص من راتبه، بينما يستفيد الذين ينسحبون بعد هذه السن من زيادة.

وقال بيرجيه لصحيفة “لو جورنال دو ديمانش” إنه “أمر بسيط جدا: لتنظر الكونفيدرالية الديمقراطية الفرنسية للعمل بطريقة أخرى إلى مشروع القانون هذا، يجب أن تقبل الحكومة بإلغاء سن التوازن”.

ويفترض أن تشهد حركة النقل اضطرابات كبيرة الثلاثاء إذ لا يعمل سوى ربع القطارات السريعة وثلث قطارات الضواحي مع إغلاق شبه كامل لخطوط المترو في باريس.

ويبدو أن الرأي العام يؤيد هذه التحركات. فقد أفاد استطلاع للرأي أجراه معهد ”ايفوب” لصحيفة “لوجورنال دو ديمانش” أن 54 بالمئة من الفرنسيين يؤيدون الإضراب، مقابل 46 بالمئة في بداية الحركة في الأول من ديسمبر و53 بالمئة بعد تعبئة الخامس من ديسمبر.

ويأتي ذلك في وقت تبدي فيه بعض النقابات ليونة في التعامل مع هذه الاضطرابات في إشارات واضحة يبدو أن الحكومة لم تلتقطها بعد.

وقال بيرجر الأحد إن النقابة تعارض إضراب العاملين في قطاع النقل خلال فترة عيد الميلاد، لكنها ستدعو لتحركات احتجاجية أخرى في يناير إذا لم تتراجع الحكومة عن خطة إصلاح نظام التقاعد التي تدعو إلى المزيد من سنوات العمل.

وكان رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب قد تحدث الأسبوع الماضي عن تفاصيل الإصلاحات التي تنوي حكومته القيام بها في مشروع قانون سيُقدم إلى البرلمان في فبراير المقبل.

وشرح إدوارد فيليب الأربعاء الماضي مضمون “نظام التقاعد الشامل” الذي يهدف إلى دمج أنظمة التقاعد الـ42، المعمول بها حاليا في فرنسا، في نظام واحد. وتعهد بأنّ الإصلاح لن يطبق إلا على الفرنسيين المولودين عام 1975 وما بعده، وحدّد “عمرا متوازنا” عند 64 عاما.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: