التعايش بين الأديان بالمهجر جوهر الإسلام

‎الإسلام يأخذ مفهومه في مدارات مفردات القرآن الكريم وحقله الدلالي من قيمة السلم والسلام والرحمة كقاعدة أساسية في بسط مقصد التعارف بين الشعوب ذات الخصوصيات الدينية والثقافية المتعددة عبر الزمن.

‎يشدد صالح الشلاوي رئيس تجمع مسلمي بلجيكا و نائب رئيس الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا على أن قيم التعايش السلمي والتسامح بين الأديان وبين البشر مهما اختلفت ثقافاتهم ومعتقداتهم هي في صميم جوهر الدين الإسلامي، مؤكدا على أهمية الانفتاح والتبادل الثقافي بين الديانات والحضارات.

‎وقال الشلاوي ، في حوار مع “أخبارنا الجالية ”، إن “الحديث عن التعايش والتسامح في الإسلام بين كل الشركاء في الوطن والأرض واللغة المختلفين في الثقافة أو الدين هو حديث في حد ذاته عن روح الإسلام وجوهره”.

‎وأوضح أن الإسلام يأخذ مفهومه في مدارات مفردات القرآن الكريم وحقله الدلالي من قيمة السلم والسلام والرحمة كقاعدة أساسية في بسط مقصد التعارف بين الشعوب ذات الخصوصيات الدينية والثقافية المتعددة عبر الزمن؛ وهو بذلك يتجاوز ويحط من قيمة نصرة الانتماء إلى القبيلة أو العشيرة أو المذهب أو الطائفة الدينية أو الحزب وما شابه ذلك.
‎« يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقكاكم”

‎ويشدد على أن روح الانتماء في الإسلام هي انتماء إلى الأصل، مشددا على أن الإنسانية لا تتحقق إلا بالإعلاء من قيمة الخير وذلك بالحرص على ما فيه مصلحة الصالح العام، التي هي مصلحة مقترنة بالأخذ بسبل العمل الصالح وذلك بالتعاون على البر والتقوى والإعراض عن الإثم والعدوان بين الناس.
” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”

صالح الشلاوي : التعارف بدل الحرب والتصادم، أمر وقيمة يتحققان بالإرادة الإنسانية التي تأخذ بسبل الفكر
‎وأشار رئيس تجمع مسلمي بلجيكا إلى أهمية الانفتاح بين الثقافات وهي قيمة أكد عليها القرآن. ويقول “التعارف بدل الحرب والتصادم، هو أمر وقيمة يعود تحقيقهما إلى الإرادة الإنسانية التي تأخذ بسبل العلم والمعرفة والفكر والعقل والعقلانية”.

‎وشدد على أن الله يريد منا أن نفهم المجتمع الذي نحن فيه أو غيره تبعا لمقتضيات العلم والمعرفة الإنسانية. وقال “حينها سنبصر بنور العلم أن الأخذ بمنظومة القيم الإنسانية العليا، وعلى رأسها الرحمة والإعلاء من قيمة السلم والسلام، سيعود بالنفع على الصالح العام، كما ستتبين لنا من خلال العلم آثار الخراب النفسي والاجتماعي، عندما تقدم لغة العنف على حساب لغة الحوار والاعتراف المتبادل”. وأشار صالح الشلاوي إلى أن الناس دائما في حاجة لبعضهم البعض، وهذا مسلك يجد كينونته منذ القدم لدى كبار الحكماء؛ مستدلا بقول الجاحظ “ثمّ اعلم أنّ حاجة بعض الناس إلى بعض، صفة لازمة في طبائعهم، وخلقة قائمة في جواهرهم، وثابتة لا تزايلهم، وحاجتهم إلى ما غاب عنهم ممّا يعيشهم ويحييهم كحاجتهم إلى التعاون على معرفة ما يضرّهم”.

‎كما يتدعم نفس الموقف ، بقول الفارابي “وكلّ واحد من الناس مفطور على أنه محتاج في قوامه، وفي أن يبلغ أفضل كمالاته، إلى أشياء كثيرة لا يمكن أن يقوم بها كلّها وحده؛ بل يحتاج إلى قوم يقوم له كل واحد منهم بشيء مما يحتاج إليه؛ فلذلك لا يمكن أن يكون للإنسان الكمال الذي لأجله جعلت له الفطرة الطبيعية، إلا باجتماعات جماعة كثيرة متعاونين، يقوم كلّ واحد لكلّ واحد ببعض ما يحتاج إليه في أن يبلغ الكمال”.

‎وخلص الشلاوي في حديثه إلى أن البشر جميعا مشتركون في الهوية إذ أنهم بمثابة حاصل تاريخي للتجربة الإنسانية بأسرها كما يرى الفيلسوف الفرنسي إدغار موران الذي يقول “إننا نمتلك جميعا ما وراء اختلافاتنا الفردية، والثقافية والاجتماعية هوية ورائية ودماغية، ووجدانية مشتركة، إننا نتاج التطور الذي شهدته الحياة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: