نقابات فرنسا تصعّد رغم تنازلات الحكومة في نظام التقاعد

يبدو أن الغضب بلغ ذروته في فرنسا بعد إطلالة رئيس الوزراء إدوار فيليب التي حاول خلالها تطويق الخلافات بين حكومته والنقابات الفرنسية والحشود التي احتلت الشوارع.

وفي أولى ردود الفعل الرافضة للإصلاحات المزمع إقرارها في نظام التقاعد هددت أكبر نقابة فرنسية للسكك الحديدية، الخميس، بأن الإضرابات الجارية احتجاجا على إصلاحات نظام التقاعد الخاصة بالرئيس إيمانويل ماكرون يمكن أن تستمر حتى موسم عطلات عيد الميلاد (الكريسماس).

وقال رئيس قسم السكك الحديدية بنقابة “سي.جي.تي”، لوران بران، لقناة “فرانس إنفو” العامة “لن تكون هناك هدنة خلال الكريسماس إلا إذا عادت الحكومة إلى رشدها قبل هذا الوقت”. وأضاف بران أنه سوف يكون من الأفضل للجميع الحصول “على أيام قليلة أو أسابيع قليلة من الصعوبات وليس حياة بائسة”.

وجاءت تصريحات بران بعد يوم من كشف رئيس الوزراء إدوار فيليب عن التفاصيل بشأن الإصلاحات، ما دفع النقابات المعتدلة إلى تلبية الدعوات التي أطلقها المتشددون للتظاهر والإضراب الثلاثاء المقبل.

يأمل معارضو المشروع الأكثر تشدداً في إطالة أمد حراكهم وشل البلاد كما حصل في ديسمبر 1995 حين عطلت الاحتجاجات ضد إصلاحات النظام التقاعدي وسائل النقل لثلاثة أسابيع
وشرح رئيس الوزراء إدوار فيليب الأربعاء مضمون “نظام التقاعد الشامل” الذي يهدف إلى دمج أنظمة التقاعد الـ42، المعمول بها حالياً في فرنسا، في نظام واحد. وتعهد بأنّ الإصلاح لن يطبق إلا على الفرنسيين المولودين عام 1975 وما بعده، وحدّد “عمرًا متوازنا” عند 64 عاماً.

ويرى رئيس الوزراء أن “الجميع سيكون رابحاً” بفضل هذا الإصلاح. وفي ظل الشلل الذي ما زالت تشهده وسائل النقل العام في اليوم الثامن من الإضرابات ضد الإصلاحات، ذكرت قناة “فرانس 3” التلفزيونية أن المضربين سدوا المنطقة الصناعية في مدينة “لو هافر” الساحلية.

ودخلت التعبئة في فرنسا ضد إصلاح نظام التقاعد الخميس أسبوعها الثاني وسط دعوات إلى تكثيف الضغوط على حكومة ماكرون.

والخميس شهدت وسائل النقل المشترك حركة مماثلة لما جرى الأربعاء حيث يعمل قطار واحد فائق السرعة من أصل أربعة في جميع أنحاء البلاد وقطار ضواحي واحد من أصل أربعة في المنطقة الباريسية، إضافة إلى إغلاق معظم خطوط المترو. وجرى تسيير 40 بالمئة من الحافلات فقط، بحسب الهيئة المستقلة للنقل في باريس. وشهدت البلاد أيضا تظاهرات مناهضة للإصلاحات التي تعتزم حكومة ماكرون طرحها على التصويت في البرلمان في فبراير القادم.

ولم تقنع مقاربة الحكومة لوران برجيه، أمين عام الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل التي كان يمكن للحكومة أن تأمل في موافقتها على الإصلاح ودعا المنتسبين إلى النقابة للنزول إلى الشارع في 17 ديسمبر، للمشاركة في التظاهرات الكبيرة المقبلة. وردّ فيليب على دعوة الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل بالقول “بابي مفتوح، يدي ممدودة”.

ودعت الكونفدرالية الفرنسية للعمال المسيحيين والاتحاد الوطني للنقابات المستقلة، وهما نقابتان أخريان شاركتا في المشاورات، إلى التعبئة أيضاً. وتمنّت نقابة “القوى العاملة” “تعزيز التعبئة” وأعلنت الكونفدرالية العامة للإداريين أنها “لا تزال في معسكر المعارضين”.

دعوات للتعبئة
وفي محاولة من الجانب الحكومي للدفع نحو المشاورات أكد وزير الاقتصاد برونو لومير الخميس أن هناك مجالاً للتفاوض بشأن ترتيبات تحقيق التوازن المالي للنظام، في تصريح لقناة “فرانس 2”، داعياً النقابات، وخصوصاً الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل، إلى الحوار.

ويعتمد منتقدو الإصلاح على تراجع شعبية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للانتصار في هذا النزاع وعلى السياق المتوتر أصلاً في البلاد، بسبب احتجاجات “السترات الصفراء” التي بدأت منذ أكثر من عام إضافة إلى تفاقم الاستياء في المستشفيات وفي صفوف الطلاب ورجال الشرطة.

ويعد التقاعد من بين المواضيع التي يسود التشدد الحديث عنها باعتبار الحساسية التي يكتسيها إذ إن المواطنين متمسكون بأنظمة تقدم فوائد هي الأكبر في العالم.

ويأمل معارضو المشروع الأكثر تشدداً في إطالة أمد حراكهم وشل البلاد كما حصل في ديسمبر 1995 حين عطلت الاحتجاجات ضد إصلاحات النظام التقاعدي وسائل النقل لثلاثة أسابيع وأرغمت الحكومة على التراجع.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: