الحراك الشعبي يحمّل السلطة مسؤولية أي انزلاق في الجزائر
حمّل المنتدى الوطني للحراك الشعبي، السلطة مسؤولية أي انزلاق تعرفه البلاد خلال الأيام المقبلة، نتيجة انتهاج خطاب التهديد والاستفزاز والتخوين في حق المعارضين، وذلك عشية الانتخابات الرئاسية المقررة الخميس، وهو الموعد السياسي الذي يشهد سجالا مفاجئا بين القضاء والمرشح علي بن فليس، على خلفية قضية تخابر.
ودعا أعضاء المنتدى، المشكّل من عدة شخصيات سياسية ونقابية وحقوقية، على غرار أحمد طالب الإبراهيمي، أحمد بن بيتور، علي يحيى عبدالنور، عبدالغني بادي.. وغيرهم، في بيان إلى تهدئة الخطاب والممارسات حفاظا على استقرار البلاد، وعدم الانجرار وراء الاستفزازات المثيرة للعنف.
واعتبر الموقعون أن حلول الاستحقاق الرئاسي المقرر هذا الخميس، لم يقنع “قطاعا عريضا من الجزائريين بالانخراط فيه بسبب الظروف المتوترة التي تسود البلاد، وأن استمرار المسيرات الحاشدة تؤكد أن الشارع لا يزال يرفض سياسة الاحتكار والاستبداد، وغلق منافذ التعبير الحر والحريات وسجن المعارضين والناشطين المسالمين، وقلب الحقائق والمسلمات لم يمكّن السلطة من إقناع المواطنين بخطتها”.
وعاد هؤلاء إلى التذكير بمواقفهم السابقة الداعية إلى تهدئة الأجواء وفتح حوار وطني جاد، يتوج بتوافق وطني حول خطة معينة للخروج من الأزمة، وأنه رغم تجاهل السلطة لمبادرتهم السياسية كما تجاهلت باقي المبادرات الأخرى، فإنهم يستمرون في تبني والدفاع عن تطلعات ومطالب الجزائريين.
ولفت الموقعون، إلى أنهم كانوا “يأملون في أن يكون الاستحقاق الرئاسي محطة جامعة لبناء حياة سياسية جديدة، إلا أن تجاهل السلطة لأفكارهم، وانتهاجها لأسلوب الاستفزاز وتجاوز إرادة الشعب، حال دون تحقيق طموحهم في التأسيس لجمهورية جديدة”.
دخول مدني مزراق على خط الدعاية للانتخابات، سيؤدي مفعولا عكسيا قياسا باحتفاظ المخيال الجزائري بتصريحاته المستفزة
ودعا البيان، قوى الحراك الشعبي إلى الالتزام بالسلمية والهدوء، من أجل تجاوز الاستفزازات المتصاعدة، وأن الانتخابات الرئاسية ما هي إلا محطة من المحطات التي يتوجب تجاوزها بفضل السلوك والوعي الحضاري.
وحض على ضرورة عدم التعرض للآخرين في ممارسة حقوقهم والتعبير عن آرائهم، وتجنب أي احتكاك أو الرد على أي استفزاز، والحفاظ على هدوء وسلمية وحضارية الحراك، رغم ما يتعرض له من مناورات ودسائس لبث روح التفرقة والعنف والكراهية بين أبناء الشعب الواحد.
وألمح البيان بذلك إلى بعض أعمال العنف والمشادات التي وقعت بين الرافضين للانتخابات وبين بعض المؤيدين لها، في مكاتب الانتخاب بالمهجر، مما اضطر قوات الأمن في بعض الدول كإسبانيا وفرنسا إلى التدخل لفض الاحتكاكات.
وفشلت السلطة في الساعات الأخيرة التي تفصل موعد الاقتراع، في دعم حملتها الدعائية لإقناع الشارع الجزائري بالانخراط القوي في الاستحقاق الرئاسي، بعد دخول القائد السابق لما كان يعرف بـ”الجيش الإسلامي للإنقاذ” المنحل، مدني مزراق، على خط الدعوة للمشاركة في الانتخابات.
ويعتبر مزراق قائد الذراع العسكرية للإسلاميين خلال عشرية الحرب الأهلية (1990- 2000)، وأحد رموز التمرد الإسلامي في البلاد، قبل أن ينخرط في مسعى مشروع المصالحة الوطنية الذي أطلقه منذ 1999 الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، ويقرر حل التنظيم المسلح، مقابل مزايا مثيرة.
ويرى مراقبون للشأن الجزائري، بأن دخول الرجل على خط الدعاية للاستحقاق الرئاسي، سيؤدي مفعولا عكسيا على الاستحقاق، قياسا باحتفاظ المخيال الجزائري بتصريحاته المثيرة والمستفزة، واعترافاته العلنية بقتل جندي جريح، وأن بعض المئات المنتسبين لتنظيمه لا يشكلون وعاء انتخابيا مهما، أمام الانطباع السلبي الذي يحمله الجزائريون للرجل.
وفي خطوة لاستمالة الشارع الجزائري في الساعات الأخيرة التي تسبق الاقتراع، وإقناعه بجدية السلطة في محاربة الفساد وتحقيق مطالب الحراك الشعبي، أعلنت محكمة سيدي امحمد بالعاصمة،الثلاثاء، أحكامها في قضية ملف تركيب السيارات، وهي الأحكام التي تراوحت بين البراءة وبين السجن المتراوح بين ثلاث وعشرين سنة، في حق رموز نظام بوتفليقة وبعض رجال المال ومسؤولين كبار في الدولة.
وجاء على رأس هؤلاء، رئيسا الوزراء السابقان أحمد أويحيى (15 عاما) وعبدالمالك سلال (12 عاما)، يوسف يوسفي (10 أعوام)، محجوب بدة (10 أعوام)، والوزير الفار عبدالسلام بوشوارب (20 عاما)، فضلا عن رجال الأعمال علي حداد (7 أعوام)، أحمد معزوز (7 أعوام) ومحمد بعيري (3 أعوام)، إلى جانب مصادرة أملاكهم وعقاراتهم المحجوزة.
ومع ذلك خرجت مسيرات شعبية حاشدة للطلبة الجامعيين ومواطنين، في العاصمة والبويرة وتيزي وزو وبجاية ووهران وعنابة، انضافت إلى إضراب جزئي يعرفه عدد من المحافظات والمدن منذ يوم الأحد الماضي، حيث عبر هؤلاء عن رفضهم القطعي لإجراء الانتخابات، وعن تمسكهم بالمطالب الأساسية للحراك الشعبي.
ورغم دخول مهلة الصمت الانتخابي حيز التنفيذ منذ نهار أمس الثلاثاء، إلا أن قضاء العاصمة أثار ضجة بعد إصداره بيانا عشية يوم الاقتراع، تتعلق بقضية تخابر اتهم فيها أحد كوادر الحملة الانتخابية للمرشح علي بن فليس، اعترف خلال التحقيق بأنه “يعرف المرشح منذ العام 2003، وأنه ساعده في تسوية حساب بنكي عائلي في بلد أجنبي”.
وأثار البيان المثير لمحكمة بئر مراد رايس بالعاصمة، تساؤلات لدى الرأي العام المحلي، خاصة الأنصار والمتعاطفين مع المرشح المذكور، بسبب التوقيت المختار لإصدار البيان واعتبرته إدارة الحملة الانتخابية “محاولة للتأثير على شعبية الرجل”، أو “تمهيدا لجر الرجل لملاحقات قضائية في المستقبل”.
وفي رده على بيان المحكمة، أكد المرشح للرئاسة علي بن فليس، في بيان وزع ليل الاثنين، على أن “الرجل الموقوف لا ينتمي إلى كوادر مديرية حملته الانتخابية، وأن وظيفته كانت تقتصر على مسائل تقنية فقط تتعلق بأجهزة الصوت خلال جولة تنظيم التجمعات الشعبية”.