كشف شكيب بنموسى رئيس لجنة إعداد النموذج التنموي المغربي الجديد أن العاهل المغربي الملك محمد السادس سيعيّن أعضاء هذه اللجنة خلال الأيام القليلة القادمة، على أن تقدم تقريرها في مدة زمنية لا تتجاوز شهر يونيو المقبل.
وكلف الملك محمد السادس في نوفمبر الماضي، شكيب بنموسى، برئاسة اللجنة الخاصة بإعداد النموذج التنموي، وستكون هذه اللجنة بمثابة هيئة استشارية مهمتها محددة زمنيا، وستنتهي بانتهاء أعضائها من بلورة المشروع التنموي الجديد.
ويُقصد بالنموذج التنموي معايير التنمية المعُتمدة على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهدفها معالجة التفاوت الاجتماعي والفقر.
وأكد بنموسى، الذي يشغل منصب سفير المغرب بباريس، أنّ لجنته “ستتكوّن من شخصيات تتسم بالكفاءة والخبرة”. لافتا إلى أن “العمل داخل هذه اللجنة سوف يكون تطوّعيا ودون أي مقابل مادي، على أن يتم إحداث فريق إداري مصغّر لتدبير شؤون اللجنة”.
وكان الملك محمد السادس قد أعلن في خطابه بمناسبة عيد العرش، والذي ألقاه في 29 يوليو الماضي، أنه سيحدث لجنة من أجل بلورة النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إليه في أكتوبر عام 2017، بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية.
وأوضح الملك محمد السادس بأن “هذه اللجنة تستهدف وضع نموذج تنمية جديد لإصلاح قطاعات مثل التعليم والصحة والزراعة والاستثمار والضرائب”.
وأقر العاهل المغربي في ذلك الوقت أن ما تحقق في مجال البنية التحتية في السنوات الأخيرة مثل الطرق الرئيسية والسكك الحديدية السريعة والموانئ والطاقة المتجددة والتنمية الحضرية لم تشعر به كل قطاعات المجتمع.
ونظرا إلى كون النموذج الحالي، لم يعد قادرا على حل مشاكل البطالة والصحة والتعليم والسكن، فهذا ما يستوجب حسب خبراء في مجال التنمية والاقتصاد، تجديدا هيكليا للنموذج التنموي الذي تعتمده المملكة، من خلال الاستعانة بالكفاءات في كافة المجالات للتغلب على معضلات التنمية.
وفي هذا الصدد اعتبرت أمينة بنخضراء، عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني للأحرار، أن “المهندس يجب أن يكون له دور أكبر في تصور النموذج التنموي الجديد”، مضيفة أن “هذه الفئة لها دور بارز، في تصميم المدن وفي التنمية المستدامة وغيرها من المجالات الحيوية، كما أنها أفضل من يمكن له ترجمة تصورات الحزب على أرض الواقع”.
ويشمل النموذج التنموي الجديد، كل مجالات التنمية فهو نموذج ينظر في إنتاج الثروة، وإنتاج الشغل، وإنتاج القيمة المضافة، عن طريق المبادرة والمغامرة والإبداع، والعناية بالرأسمال اللامادي، من خدمات اجتماعية، وتوزيع للثروة، وتربية، وصحة، وتشغيل، ونقل، مع بحث آليات توزيع الثروة، لتحقيق عدالة اجتماعية.
ويقول رئيس اللجنة عن هذا النموذج إنه “يبحث عن اللحمة الاجتماعية التي قوامها الثقة، والتي بإمكانها أن تحرر الطاقات، لكي تعمل من أجل تحقيق أهداف التنمية، وأيضا نموذج مستدام يفكر في التغيير المناخي، وقلة الماء، والطاقة، وصحة المواطنين، وتلوث الهواء، وجودة التغذية، ويسائل الحكامة عن المستوى الوطني والدولي، لكي نصل إلى نوع من التعاقد الاجتماعي، الذي يسمح بالعمل على المستقبل”.
وشرح بنموسى أن “عمل اللجنة سيكون بشكل تشاركي ما يطلب مساهمة القوى الحية في البلاد، من مؤسسات وأحزاب وجمعيات ونقابات وشخصيات من القطاع العام والخاص كما ستنصت أيضا لنبض مواقع التواصل الاجتماعي”.
وكان تقرير المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، قد دعا إلى ضرورة اضطلاع البرلمان بدور أساسي في بلورة هذا النموذج التنموي الجديد،، عبر المساهمة في توجيه البرامج والاستراتيجيات نحو تحقيق الأهداف التي سيتم تحديدها في هذا النموذج وكذا عبر نقل صوت المواطنات والمواطنين وتطلعاتهم.
وأكد خالد الشرقاوي السموني، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن “اللجنة الجديدة لا يمكن أن تعمل لوحدها في معزل عن المحيط الخارجي، بل ينبغي أن تنفتح عليه، وتخرج للميدان لتشخيص ورصد الواقع المغربي في كافة المجالات، لمعرفة مكامن الخلل والنواقص والمشاكل المختلفة، حتى يتسنى لها وضع نموذج تنموي واقعي يعكس متطلبات المغاربة”.
من جهته اعتبر عبد الحفيظ أدمينو أستاذ القانون الإداري بجامعة الرباط، أن “قرار إحداث لجنة استشارية، يعهد إليها بتقديم الاقتراحات وسيناريوهات الإصلاح المرتبطة بالنموذج التنموي، تعد مقاربة جيدة، بالنظر لكون التجارب السابقة أثبتت فعاليتها ونجاعتها، خاصة في مراجعة الدستور، وفي إعداد مشروع الجهوية المتقدمة، ومدونة الأسرة”.
ويحتل المغرب المركز 123 في قائمة الأمم المتحدة للتنمية البشرية حيث تعاني المناطق الريفية من نقص الخدمات التعليمية والصحية.