حين يكون الفاصل نقطة يلتقي فيها الحلال بالحرام يلزم التفكير في نمط يحترم خصوصية المهاجرين بصفتهم مسلمين

هجرة المسلمين إلى بلدان غير إسلامية والإقامة فيها يستوجب عليهم الخضوع لنمط عيش تلك البلدان، لكن حين يكون الفاصل نقطة التقاء الحلال بالحرام هنا يستوجب التوقف والتفكير في نمط يحترم خصوصية المهاجرين، بصفتهم مسلمين، من هنا تنطلق قصة محمد بصفته مغربي مسلم فكر حين قدم إلى إيطاليا منذ مايفوق عقدين من الزمن في إنشاء مقاولة صغرى تتمثل في محل لبيع اللحوم الحلال أي التي تخضع لطريقة ذبح حلال، وهي الطريقة التي يجب الالتزام بها عند ذبح كل ذبيحة لتصبح صالحة أو محللة للأكل، حسب الشريعة الإسلامية و كلمة حلال بالعربية تعني الشئ الجائز أي غير المحرم، أي كل ما أحله الله، وتوجد بعض الاختلافات البسيطة بين الفرق الإسلامية حول طريقة الذبح الحلال، لكن الأسس الرئيسية للذبح متفق عليها لدى جميع المسلمين، وهي كالتالي: حيث يجب أولاً التسمية عليها (أي ذكر اسم الله عليها)، وهذا واجب شرعي لقوله تعالى في سورة الأنعام الآية 121(ولا تأكلوا ممَا لم يُذكرْ اسم’ اللهِ عليه) .
من شروط الذبح الحلال التي من الواجب على الذابح الالتزام بها:أهلية الذابح، ويمكن أن يكون رجلاً أو امرأةً
والنطق بالبسملة قبل الذبح والذبح بآلة حادة، قطع الحلقوم والمريء والودجين الذين يقعان في عنق الحيوان من جهة الحلقوم.
وبهذه الطريقة تعطي فرصة للدم كي ينساب خارجاً، وبذلك يمكن الحصول على لحم صحي وطاهر.
محمد حين قدم إلى إيطاليا استوطن بلدة جنوبها وامتهن مهنة جزار على الطريقة الإسلامية فهو يسهر بنفسه على الوقوف على الذبائح ويقوم بذبحها بطريقة إسلامية في المذبحة الإيطالية التابعة لمنطقته، ومن خلال حوار أجريته معه أكد لي ذلك.
في محله يعرض للبيع اللحوم الحلال، والمنتجات المغربية، من توابل مغربية، وكسكس وتمور وفواكه جافة، إضافة إلى بعض الأواني ذات الطابع المغربي الأصيل،
حوالي عشرين سنة أقام محمد هذا المحل كمشروع يراه كافيا لتوفير قوته هو وعائلته، المحل يقصده كل المغاربة والمسلمين من كل الجنسيات من نفس المنطقة، ومن مناطق بعيدة عنه، نظرا لجودة اللحوم والمنتجات التي يعرضها.
لكن المحل ليس لبيع هذه المنتوجات فحسب، بل وأصبح مكانا لتبادل الأفكار ومناقشة بعض مشاكل التي تخص الجالية المغربية القاطنة هنالك، كما أنه مكانا للتضامن بين كل المغاربة والمسلمين من جنسيات أخرى.
حين زرت هذا المحل اعتراني شعور كما لو أنني داخل محل في المغرب، وما أثار انتباهي صندوك صغير كتب عليه” خاص بجمع التبرعات من أجل بناء مسجد”لم أستصغ الأمر ببساطة فاسفسرت من محمد صاحب المحل عن مآل هذه التبرعات فأجابني أنها توضع في صندوق كبير، بمسجد يقع في نفس المنطقة، وبعد التحريات الميدانية التي قمت بها اتضح لي جليا صحة قول محمد، وأن المكلفين بجمع التبرعات من متطوعين هم في طور بناء مسجد ثاني. وبنفس الطريقة تم إقامة مسجد بإحدى المناطق التي كانت تفتقد إلى مسجد.
أما شخص آخر ويدعى هو الآخر محمد وبعدما اقتنى مايلزمه من المحل، جلس يناقش مايشغل فكره من موضوع تغيير وجهة مغاربة تلك المنطقة إلى قنصلية نابولي بدل من قنصلية باليرمو التي كانت وجهتهم الأولى وكان يبدي غضبه الشديد من جراء ذلك معللا قوله بأن قنصلية نابولي هي أكثر بعدا من قنصلية باليرمو وأن تكلفة السفر تزايدت أكثر من ضعفي تكلفة الوجهة الأولى، واستفسرت محمد عن سبب هذا التغيير في الوجهات فأجابني أن تغيير الوجهة خضع إلى التقسيم الجغرافي للمناطق الإيطالية.
هذا هو محل محمد وجهة مغربية في بلاد أوروبية.
بقلم حسناء مندريس

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: