عزالدين ميهوبي حلقة وصل بين الحزب الحاكم بالحزائر و الحزب المنافس .
أجْلت التطورات السياسية الأخيرة في الجزائر، معالم المآلات التي سينتهي إليها الاستحقاق الرئاسي المقرر في البلاد بعد عشرة أيام. ويبدو أن مؤشرات جديدة رفعت كثيرا من حظوظ مرشح حزب التجمع الوطني الديمقراطي، بعدما قرر حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم سحب دعمه من المرشح المستقل عبدالمجيد تبون، وتوجيهه لصالح عزالدين ميهوبي.
وأعلن القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر كروش سلمان، عن انسحابه من رئاسة اللجنة الوطنية لدعم المرشح المستقل عبدالمجيد تبون، وانخراطه في حملة مرشح حزب التجمع الوطني الديمقراطي عزالدين ميهوبي، وبرّر موقفه بما سمّاه “عراقيل حالت دون تحقيق الأهداف المسطّرة من اللجنة”.
وأضاف في بيان حمل توقيعه، أنه “لكي لا تذهب جهود اللجنة سدى، وبعد اطّلاع ومناقشة وتشاور حول البرامج التي قدّمها المرشحون للانتخابات الرئاسية، التي نوليها اهتماما كبيرا ونراهن عليها لإخراج البلاد من الأزمة السياسية التي ترزح فيها منذ عدة أشهر”، أكّد مساندته للمرشح عبد المجيد تبون، شارحا ذلك بقوله، “أعلن بصفتي الشخصية كرئيس للجنة الوطنية لمساندة المرشح عبدالمجيد تبون، وباسم كل من وضعوا في شخصي ثقتهم، الالتحاق بمساندة المرشح عزالدين ميهوبي. كما أدعو كل المكاتب الولائية للجنة مساندتهم للمرشح ميهوبي”.
وشكّل انسحاب سلمان ضربة قاصمة لمديرية حملة المرشح المستقل تبون، وكرّست حالة الارتباك التي يعاني منها في الأسابيع الأخيرة، مما يعطي الانطباع بأن حظوظ الرجل بالفوز بكرسي الرئاسة، قد تقلّصت كثيرا بعدما كان المرشح الأول لها، وأن توجّها داخل السلطة يدفع إلى تغيير البوصلة نحو دعم المرشح عزالدين ميهوبي.
وعرفت مديرية حملة تبون، حالة ارتباك منذ الإعلان عن تشكيلها، بسبب نزيف الاستقالات والانسحابات المستمر في صفوف الرجل، بداية من استقالة المدير السابق الدبلوماسي عبدالله باعلي، ثم انسحاب المدير الثاني محمد الأمين مساعيد، وتمرّد رئيس لجنة المساندة كروش سليمان، فضلا عن استقالات لافتة في الولايات والبلديات.
ويبدو أن السلطة القائمة التي فضّلت الصمت خلال الأسابيع الماضية بشأن مرشحها، خاصة في ظل التعهدات التي أطلقها الجنرال أحمد قايد صالح، حول “حياد العسكر وعدم وجود مرشح للجيش”، تتجه الآن إلى سحب البساط من عبدالمجيد تبون، واستخلافه بعزالدين ميهوبي، لأسباب غير معلنة لكنها تعكس التوازنات والتجاذبات الداخلية خاصة في المؤسسة العسكرية.
ويرى مختصون في الشأن الجزائري، أن انقلاب الحزب الحاكم على المرشح تبون، في الأمتار الأخيرة من السباق، رغم أنه يعتبر أحد أبنائه، وتوجهه إلى دعم مرشح الحزب الغريم خلال السنوات الماضية، لم يتحقق إلا بعد إيحاءات تكون قد وصلت قيادة الحزب من مراكز نافذة، مما يعطي الانطباع بأن السلطة قد حسمت الأمر بشأن مرشحها في الاستحقاق القادم.
وأرجأ الأمين العام بالنيابة لحزب جبهة التحرير الوطني علي صديقي، مسألة الكشف عن الموقف النهائي والرسمي للحزب من المرشحين للاستحقاق الرئاسي، إلى الأيام القليلة القادمة، وهو القرار الذي يكون قد حسم بشكل نهائي، مما اضطر رئيس لجنة دعم تبون، إلى إعلان الانسحاب والانخراط في حملة ميهوبي، تماشيا مع ما قرّره الحزب وقبل الكشف عنه.
وصرّح علي صديقي لوسائل إعلام محلية، بأن “حزب جبهة التحرير الوطني سيراعي مصلحة الجزائر والحزب والبرنامج الانتخابي، والانتماء إلى التيار الوطني، في اختيار المرشح الذي سيدعو المناضلين إلى التصويت لصالحه يوم 12 ديسمبر”.
ولفت إلى ما سمّاه “إمكانية دعم المرشح عزالدين ميهوبي، غير أننا لم نفصل في المرشح الذي ندعمه، والأمر ما زال محلّ نقاش وسيعلن عن القرار قريبا”، وهي رسالة مبكرة لتحضير الوعاء الانتخابي للتعاطي مع توجيهات الحزب المنتظرة، ورفع أي لبس عمّا يعرف بـ”الإيحاء الفوقي”.
وينتظر أن يعلن عن موقف الحزب السبت القادم، على أقصى تقدير، في ظل التوافق المزعوم داخل هيئة المكتب السياسي حول دعم ميهوبي، بينما الضالعون في الشؤون الحزبية في البلاد، يجزمون على أن الموقف يعكس إرادة الدوائر النافذة في السلطة، وأن قواعد الحزب ليست حرة في خياراتها، وهناك من هو متعاطف وداعم لتبون منذ بداية الحملة الانتخابية.
ويبدو أن الحملة الانتخابية مرشحة للتصعيد بين الرجلين في أيامها الأخيرة، بسبب الانزعاج السائد في أركان حملة المرشح تبون، مما بدر في محيط عزالدين ميهوبي، رغم أن المرشحين الخمسة، وقّعوا عند انطلاق الحملة الدعائية على ما سمي “ميثاق الشرف الانتخابي”، والذي تضمّن جملة من الضوابط والخطوط التي لا يتم تجاوزها.
وفي هذا الشأن قدّمت حملة المرشح المستقل تبون، شكوى لدى السلطة المستقلة للانتخابات، ضد حملة المرشح عزالدين ميهوبي، حول “تجاوزات خطيرة تمثّلت في التهديد والترهيب عن طريق الدعاية المغرضة بالترويج لأخبار مفادها أن عزالدين ميهوبي هو رئيس الجمهورية القادم وفق تعليمات فوقية، في إشارة إلى المؤسسة العسكرية”.
وهو نفس المنحى الذي ذهب إليه المرشح عبدالقادر بن قرينة، حينما اتهم ميهوبي في أحد تجمعاته الشعبية، بـ”توظيف تقرير يتحدث عن صلته بقيادة أركان الجيش لانتخابه رئيسا للجمهورية”، مما يعطي الانطباع بأن دعم العسكر لميهوبي، لم يعد مجرد سجال بين الأنصار بل صار مصدر قلق لدى المرشحين أنفسهم.