ملف الهجرة غير الشرعية يضع إيطاليا أمام تحديات يصعب عليها مكافحتها

أعلنت وكالت الأنباء الإيطالية اليوم 2 دجنبر 2019،  أن روما أفصحت في الملف السياسي الإيطالي، عن تحذيرها الشديد لتيار اليسار بضرورة تنظيم تدفقات الهجرة، وإن لم يفعل فسينتهي به الأمر إلى فقدان كل شيء، فالهجرة غير الشرعية تساعد في انتشار ظاهرة الإجرام الكبير، و ضرورة تنظيم التدفقات شرط أساس لا غنى عنه.

وأضاف عمدة روما الأسبق، فرانشيسكو روتيللي في تصريحات لصحيفة (ليبيرو) اليوم أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يُضمِّن الاتفاقات حول الهجرة فقرة ملزمة دوليا بضرورة إعادة المهاجرين غير الشرعية إلى بلدانهم الأصلية، مؤكدا على إمكانية إحلال الشرعية في الطرق،لتوصيلهم إلى بلدانهم.

وتابع روتيللي (حزب الخضر) أنه من الخطأ القلق فقط عند وقت وصول المهاجرين، بل القلق الحقيقي يكمن في كيفية ادماجهم لاحقاً، ويشير إلى ضرورة الإنتباه إلى أن ضحايا الهجرة غير الشرعية. عانوا الكثير انطلاقا بعبورهم من الصحراء الليبية وانتهاءا بمنح أموال غير مشروعة للمكلفين بهجرتهم، كما أشار إلى عدم تضمين الوضع لحقيقة استقطاب سياسي”.

ومضى رئيس البلدية الأسبق قائلا يمكن مشاطرة بعض أفكار سالفيني، حتى لو طرحها بطريقة مبالغ فيها. لكننا نحتاج إلى البدء من مفهوم أن المتحدث إن كان خصماً سياسيا، فليس كل ما يقوله ليس مجديا. واختتم بالقول “يتطلب ولاء مع من هم أمامنا، وتجنب تحويل العمليات السياسية إلى عقاب من الله، وهذا يشمل سالفيني أيضًا بالتأكيد”.
من السجن نخرج؛ لكن من قاع البحر يستحيل الخروج!»، بهذه العبارات ردّ أوسكار كامبس، مؤسس منظمة «الأذرع المفتوحة» غير الحكومية، المالكة لإحدى سفن إنقاذ المهاجرين في المتوسط، على تحذير وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني باحتجاز السفينة في حال دخولها المياه الإقليمية الإيطالية، وإيداع طاقمها السجن في يونيو المنصرم.
وكان سالفيني قد وجّه تحذيره هذا فيما كانت سفينة شرعية إيطالية تتحدّى أوامره مرة أخرى، وتدخل إلى ميناء جزيرة لامبيدوسا وعلى متنها 41 مهاجراً، أنقذتهم قبالة السواحل الليبية. ورفض وزير الداخلية الإيطالي إنزالهم إلى اليابسة، رغم النداء الذي وجّهه قبطان السفينة، قائلاً: «الجميع في حال من الإعياء الشديد، والمهاجرون يحتاج معظمهم للعلاج والمساعدة. إننا نعيش وضعاً سوريالياً، وليس هناك ما يستدعي إطالة هذه المعاملة الوحشية. أطلب منك الموافقة على إنزالهم فوراً».
لكن بعد ساعات من تأكيدات سالفيني أنه لن يسمح بإنزال المهاجرين، كانت جبهة المعارضة لمواقفه تتسع داخل الحكومة وخارجها، إثر الانتقادات التي وجهها إلى وزيري الدفاع والاقتصاد لعدم التعاون معه في معالجة القضية. لكن وزيرة الدفاع ردّت بأنها عرضت على وزير الداخلية نقل المهاجرين إلى مالطا ورفض، رغم وجود اتفاق مع السلطات المالطية.
وكان وزير الداخلية الألماني هورست سيخوفير، الذي سبق وأبدى تأييده للسياسة المتشددة التي يتبعها سالفيني في ملف الهجرة، قد انتقد القرارات الأخيرة لزميله الإيطالي، ودعاه إلى «إعادة النظر في مواقفه، والتعاون في إطار الاتحاد الأوروبي والاتفاقات المعقودة لمعالجة هذه الأزمة».
وبينما كانت السلطات الإيطالية تصادر السفينة الشراعية وتحتجزها بعد إنزال المهاجرين في ميناء الجزيرة، صرّح الناطق بلسان المنظمة غير الحكومية التي تملكها قائلاً: «المهم أننا أنزلنا المهاجرين، ولن يردعنا احتجاز كل السفن عن إنقاذهم بكل الوسائل الممكنة».
وتجدر الإشارة إلى أن سياسة سالفيني قد أصيبت بنكسة شديدة بعد المواجهة الأخيرة مع قبطان سفينة الإنقاذ «سي واتش 3» الألمانية، كارولا راكيتيه، التي أحيلت إلى المحاكمة بعد دخولها عنوة ميناء لامبيدوسا، وإنزال المهاجرين الذين كانت تحملهم، واتهامها بعصيان الأوامر العسكرية، وتعريض حياة رجال الأمن الإيطاليين للخطر. لكن القاضي الذي نظر في الدعوى التي رفعها ضدها وزير الداخلية، أمر بالإفراج عنها معتبراً أن «واجب الإنقاذ لا ينتهي عند صعود الغرقى على متن السفينة؛ بل عند إيصالهم إلى ميناء آمن». ويشكّل هذا القرار الذي صدر عن المحكمة الإيطالية ضربة قاسية لسياسة سالفيني بإغلاق الموانئ في وجه سفن الإنقاذ، وفتح ثغرة قانونية في الإجراءات التي فرضتها الحكومة الإيطالية، بدأت المنظمات غير الحكومية تستغلّها لعدم الانصياع إلى الأوامر والتهديدات الصادرة عن وزير الداخلية.
لكن من المستبعد أن يتراجع سالفيني عن سياسته المتشددة لمعالجة ملف الهجرة الذي كان وراء الصعود السريع لشعبيته وهيمنته على المشهد السياسي الإيطالي، خصوصاً أن استطلاعات الرأي الأخيرة عادت لتؤكد هذا الصعود، وترجّح حصول حزب الرابطة الذي يتزعمه على نسبة تتجاوز 40 في المائة من الناخبين، مما يسمح له بتشكيل حكومة منفرداً من غير اللجوء إلى التحالفات.
وبينما يواصل زعيم الرابطة توجيه الاتهامات إلى المنظمات الإنسانية بالتواطؤ مع العصابات التي تتاجر بالمهاجرين، وهي اتهامات «كاذبة» في معظمها، كما بيّنت وسائل إعلام إيطالية عدة، يستمرّ في محاصرة حلفائه في الحكومة من حركة «النجوم الخمس» وابتزازهم نفسياً أمام الرأي العام، طارحاً نفسه كضحيّة لدفاعه عن مصالح المواطنين، كما جاء في التغريدة التالية: «أشعر من حين لآخر بأني وحيد في هذه المعركة. أطلب من وزيري الدفاع والاقتصاد مساعدتي في هذه المعركة من أجل الشرعية وإنقاذ الأرواح. حبذا لو وقفا بجانبي، وإلى جانب الشعب الإيطالي، وإلا فستكون تلك سابقة بالغة الخطورة».

بقلم حسناء مندريس

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: