البوليساريو تحاول حشد تعاطف دولي من خلال مؤتمرات فاشلة

[dropcap][/dropcap]

أكد مراقبون أن إعلان جبهة البوليساريو الانفصالية تنظيم مؤتمرها القادم في شهر ديسمبر الحالي في بلدة تيفاريتي الواقعة بشمال شرقي الصحراء المغربية ليس سوى محاولة استفزازية للمغرب، بالإضافة إلى أنها محاولة يائسة لحشد تعاطف دولي خصوصا مع توالي انسحاب الداعمين لأطروحة الانفصاليين وتشديد الخناق على جبهة البوليساريو في أي عمليات تسليح مشبوهة ومنها التحقيقات الحالية التي تجريها بعثة المينورسو حول وصول راجمات “بي 300”، ونقلها إلى منطقتين عسكريتين شرق الجدار في الصحراء المغربية.

ولجأت الجبهة الانفصالية إلى حيلة الالتفاف على قرارات مجلس الأمن وتحذيرات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش التي تدعو إلى عدم تغيير معالم المنطقة العازلة ومنها بئر الحلو وتيفاريتي، لكي تحوّل أنظار المجتمع الدولي عن المآسي الحقوقية والإخفاقات الدبلوماسية والتحاق البعض من قيادييها بشبكات التهريب والإرهاب.

وكان المغرب قد أكد، في أبريل الماضي، أنه يحتفظ بحقه في الدفاع عن مناطق تيفاريتي وبئر لحلو والمحبس، التي عرفت العام الماضي تحركات خطيرة من قبل جبهة البوليساريو. وأكد وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة، آنذاك، أن المغرب لن يقبل بالتحركات المشبوهة في المنطقة العازلة المشمولة بوقف إطلاق النار.

ومع هذه التطورات أصبحت مخاطر انجراف عناصر البوليساريو نحو مستنقع الإرهاب والتطوع لخدمة أجندات الجماعات المتطرفة حقيقة تهدد استقرار المنطقة ككل، عززها ظهور عدد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان داخل مخيمات تندوف وكتم كل التحركات والأصوات الداعية إلى البحث عن حل واقعي يسهّل الالتحاق بأرض المغرب.

ويرى مراقبون أن جبهة البوليساريو تمر بحالة من التفكك المتقدم الذي يشكل في الواقع تهديدا خطيرا على استقرار المنطقة، خصوصا بعد وقوف المجتمع الاستخباراتي والأمني في الدول الأوروبية والولايات المتحدة على حقيقة ارتباطات مشبوهة بين عناصر جبهة بوليساريو والمنظمات الإرهابية وتلك التي تتاجر بالمخدرات والسلاح في المنطقة.

وقد حذرت سوزان أشكرافت، الوكيل الخاص السابق لوكالة مكافحة المخدرات الأميركية، من أن “المنظمات العسكرية مثل حزب الله قد أنشأت معسكرات تدريب في مخيمات تندوف، في جنوب غرب الجزائر، وتسعى باستمرار لتجنيد الشباب اليائسين من هذه المعسكرات لأغراض إرهابية وتهريب المخدرات والاتجار بالبشر”.

جبهة البوليساريو تمر بحالة من التفكك المتقدم

وفي سياق متصل، حذرت وزارة الخارجية الإسبانية، قبل يومين، مواطنيها من زيارة معسكرات البوليساريو في منطقة تندوف، مؤكدة أن السفر إلى هذه المخيمات “محفوف بالمخاطر بسبب عدم الاستقرار المتزايد في شمال مالي والنشاط المتزايد للجماعات الإرهابية في المنطقة”.

وشددت الخارجية الإسبانية على ضرورة الامتناع عن القيام بأي زيارات لمخيمات جبهة البوليساريو والحدود مع مالي والنيجر وليبيا وموريتانيا، بسبب ارتفاع مخاطر تعرض السياح الأجانب للاختطاف أو لهجمات إرهابية على كامل التراب الجزائري.

وكشفت معطيات استخباراتية عن التخطيط لـ”هجوم خطير في تندوف ضد مواطنين إسبان موجودين في المنطقة أو سيزورنها”، حيث أكدت القائمة بأعمال وزير الدفاع، مارجاريتا روبليس، أن هذا التهديد “حقيقي ومتقدم للغاية وقد يكون وشيكا، لذلك وجهت دعوة لاتخاذ الحذر والتصرف بمسؤولية من جانب كل من يفكر في التوجه قريبا إلى مخيمات تندوف”.

وسبق أن حذرت السلطات المغربية من تحول مخيمات تندوف إلى مرتع للجماعات الإرهابية المسلحة ولشبكات الاتجار الدولي بالمخدرات والبشر. ويعتقد سعيد الخمسي، نائب رئيس المركز الأطلسي للدراسات الأمنية والتحليل الاستراتيجي، أنه يجب قراءة تحذير إسبانيا لرعاياها من السفر إلى المخيمات ضمن المستجدات الأخيرة، وآخرها  تفكيك عصابة إجرامية بطانطان على علاقة بأفراد من جبهة البوليساريو.

وكانت عناصر فرقة الشرطة القضائية بمدينة طانطان –وسط المغرب- مدعومة بالفرقة المحلية للتدخل، قد أوقفت في 21 نوفمبر الماضي، خمسة أشخاص يشتبه في ارتباطهم بشبكة إجرامية تنشط في مجال التهريب والاتجار الدولي بالمخدرات، على علاقة بأفراد من جبهة البوليساريو.

وقال الخمسي إن تفكيك هذه الخلية يثبت مرة أخرى أن أفراد جبهة البوليساريو قد حولوا مخيمات تندوف “إلى فضاء للمتاجرة بالمخدرات والسلاح،” معتبرا أن الفراغ الأمني في شمال مالي وجنوب موريتانيا وجزء كبير من جنوب الجزائر أعطى هامشا من التحرك الحر للجماعات الإرهابية والإجرامية في الساحل، وهو ما سهل نسج مصالح مشتركة لها مع جبهة البوليساريو.

ولم يأت تحذير الأجهزة الاستخباراتية الإسبانية من فراغ، فقد ظهرت مؤشرات ومعطيات من خلال دراسات وتقارير استخباراتية تؤكد تقارب البعض من عناصر البوليساريو مع المنظمات الإرهابية المنتشرة على جغرافية الصحراء والساحل.

وقد رصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية قدرها 5 ملايين دولار على رأس عدنان أبوالوليد الصحراوي القيادي السابق في البوليساريو والعضو البارز في تنظيم الدولة الإسلامية بالصحراء الكبرى.

ولم تخف الارتباطات بين الجماعات الإرهابية العاملة في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل بجبهة البوليساريو.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: