جدلية الفكر والوجود تنطلق من تدوين التاريخ وتنتهي إلى ترسيخ الوجود
وتمضي الأيام بنا سيرا إن شئناه أن يكون جميلا، صار جميلا، وإن شئناه بائسا حزينا، صار بائسا حزينا، لا أحد مسؤول عن هزيمتنا إلا نحن، نتهم الأخرين أنهم قامو باستغبائنا لكن نحن من منحهم تلك الفرصة، كن كبيرا، يراك العالم كبيرا، اصنع مجدا لنفسك، قد لايبهر أحدا سواك، لكن تأكد أنه تاريخك يهمك أنت، كم من تاريخ أشخاص كان من الأفضل أن يدون وأن يخرج الى حيز الوجود،إلا أن الذاكرة البطيئة وانعدام إمكانية الخروج الى حيز الوجود، جعلت التاريخ مطموسا، لابد لك أن تناظل أيها الموجود، لكتابة تاريخك،،مهما حسبته بسيطا، فقد يضم في طياته أحداثا ومواقف شامخة، لا تجعل نفسك مطموسا، ان لم تهتم بنفسك لا أحد سيعيرك اهتماما،تذكر دائما أنك موجود، وأن حقيقة وجودك تكمن في فكرك، وهنا يحضرني التساؤل التالي: هل وجودنا هو ماجعلنا نلمس أن لدينا فكر؟ أم أن فكرنا هو الأداة التي التمسنا بها وجودنا؟! كما أكد ديكارت في قوله الشهير:(أنا أفكر إذن أنا موجود) .
إن علاقة الوجود والفكر تجعلني أؤكد أن ثمة جدلية دائمة بين الفكر والوجود، كجدلية البيضة والدجاجة، لكن من الأسبق هل البيضة أم الدجاجة؟ هذه الجدلية تظل موقف استفهام..كلنا نعلم أن التاريخ ماهو الا جزء لايتجزأ من حياة بعضنا، أما بعضنا الآخر فلم يصلنا تاريخه لأن قدره ألا يدون له تاريخ، القيمة الفعلية للفكر تسخر من مواقف غبية يضعنا فيها الأغبياء، العلماء مهتمون باهتمامات كبيرة، فلتكن اهتماماتنا نحن أيضا كبيرة. فماقيمة العقل إذن إن لم يجعلنا متنزهين عن تفاهات الحياة؟. ولكي يكون سبيل حياتنا أفضل لابد أن نبعث الثقة في وجودنا من جديد، بأسلوب أكثر دقة وحكمة، لعلني أقلب المفاهيم لاعطائي فرصة البحث في مابحث فيه الأولون، لكن بامكانية أكثر حداثة، كل الأفكار والمعلومات التي وصلتنا عمن سبقونا في التاريخ، فهي قابلة لقراءة جديدة وبفكر جديد، لاأحد يستهثر بنفسه أو يسمح لغيره الاستهثار به تلك هي قيمة الفكر، يقولون أن الإبداع يولد من رحم المعاناة. وأقول أن الإبداع يولد الألم والمعاناة. لاتوجد حياة شخص مثل شخص، ولافكر مثل فكر، لكن كلنا مشتركون في هوية مستقلة تجعلنا نخوض غمار التجارب، هذه الأخيرة تكون كلها مشتركة في عنصر الإبداع. فمن يطبخ طبقا ويصر أن يكون لذيذا، كذاك الفنان الذي يبدع في فنه، وكذاك العالم الذي يغوص طوال الوقت في بحثه، كلنا سيان في كل شيء فقط الإمكانية متغيرة، بين من يدخل غمار التجربة والتحدي، وبين من يظل يراقب الأشياء من السطح، ليدون تاريخنا غمار تجارب وتحديات…قد تكون فاشلة وقد تكون ناجحة،وفي كلتا الحالتين ستكون انطلاقتك لتدوين تاريخك رمزا لترسيخ وجودك..
بقلم مندريس حسناء.