حكومة العثماني تفشل في محاربة الفساد

اتهمت أحزاب معارضة الحكومة المغربية بالفشل في محاربة الفساد على إثر تقرير مالي بيّن تواطؤ حكومي عرقل تقويض هذه الظاهرة.

وكشف التقرير السنوي الصادر عن وحدة معالجة المعلومات المالية (هيئة حكومية) لسنة 2018، عن تزايد عدد المشتبه بهم في جرائم غسل الأموال في القطاع المالي.

وسجل التقرير ارتفاع عدد المشتبه بهم في غسل الأموال السنة الماضية بنسبة 50 في المئة بالمقارنة مع سنة 2017، وأزيد من 256 في المئة بالمقارنة مع سنة 2014، ما عرض الحكومة المغربية إلى حملة انتقادات جديدة.

وكانت الحكومة المغربية قد أعلنت مؤخرا عن إطلاق إجراءات تحفيزية لاستعادة الأموال المهربة إلى خارج المغرب بطريقة غير قانونية، وهي الإجراءات المتضمنة في مشروع المالية للعام 2020، وتتضمن العفو عن أصحاب الأموال الخارجة من البلاد بطريقة غير شرعية، وإعفاءهم من الغرامات، حال إعادة أموالهم إلى البلاد، خلال مهلة تمتد لشهور. وهو ما اعتبره مراقبون بمثابة التساهل مع مهربي الأموال إلى الخارج.

وعرضت هذه السياسات الائتلاف الحاكم إلى انتقادات بسبب سوء إداراته لملف الفساد، حيث اتهم حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، رئيس الحكومة “بحماية الفساد والمفسدين”.

وقال محمد أبودرار، النائب عن الحزب بالبرلمان المغربي، إن “حكومة الإسلاميين التي ركبت على موجة محاربة الفساد السياسي، للفوز الانتخابي وقيادة الحكومة، فشلت في محاربته، بل كرسته وكرست حتى الفساد الأخلاقي داخل صفوف الحزب الحاكم، واستعملت التحايل لخدمة أجندات أجنبية”.

وانتقد أبودرار الامتيازات غير المبررة، كما فضح ما أسماه “مساهمة الحكومة في انتشار ظاهرة الفساد بطرق احتيالية” واتهم العثماني ووزراءه بترسيخ سياسة الريع الاقتصادي، من خلال “توزيع رخص لاستخراج خيرات البلاد دون مراقبة، كرخص الصيد  ورخص النقل بكل أصنافه، دون قيمة مضافة”.

من جهته طالب المجتمع المدني الحكومة بالتحلي بإرادة سياسية والتوجه إلى إحالة ملفات الفساد على القضاء لأجل محاكمة المتورطين في تلك الجرائم.

ورأى هؤلاء أن “محاسبة مهدري المال العام، تتماشى مع دعوة العاهل المغربي الملك محمد السادس، إلى الدخول في مرحلة جديدة، عنوانها العريض ربط المسؤولية بالمحاسبة، ووضع حد لسياسة تبديد المال العام”.

في المقابل دافع رئيس الحكومة، سعدالدين العثماني، قبل أيام، على سياسات حكومته في هذا المجال. وأشار العثماني إلى أن “محاربة كل أشكال الريع والاحتكار والفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية من مطالب الجميع دولة وحكومة ومجتمعا مدنيا”.

ولفت إلى أن “هناك إرادة سياسية لدى الدولة ولدى الحكومة لصيانة مختلف الحقوق الاجتماعية والاقتصادية من خلال اعتماد ترسانة قانونية متكاملة وإعطاء نفس جديد في أفق تعزيز منظومة محاربة الرشوة والفساد”.

بدوره أوضح عزيز الرباح، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، أن “المغرب يعيش اليوم مجموعة من الإصلاحات الكبرى وتحولا مهما على صعيد التنمية الاقتصادية والاجتماعية”، مستدركا أن “هذا التحول يواجَه من طرف بعض المفسدين والظالمين الذين يريدون له ألا يستمر”، معترفا بـ”وجود بعض المشاكل التي تتطلب تدخلا عاجلا لإصلاحها”.

وبالعودة إلى مستجدات ملف الفساد، أشار إدريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات، إلى أن “النيابة العامة لدى المحاكم المالية، أحالت 114 متابعا على هذه المحاكم في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، كما أحال الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات ثماني (8) قضايا تتعلق بأفعال قد تستوجب عقوبة جنائية على رئاسة النيابة العامة”.

وعند استقصاء رأي الخبراء أكد محمد براو، الخبير الدولي في الحكامة والمحاسبة ومكافحة الفساد، لـ”أخبارنا الجالية ”، أن “الترتيب المتدني للمغرب على مستوى مؤشر الفساد يطرح سؤالا رئيسيا بشأن مدى فعالية ونجاعة السياسات التي تم اتباعها في الماضي، وكذلك بشأن جدية الفاعل السياسي في محاربة الفساد في المغرب، فالإستراتيجية التي اتبعتها الدولة حتى الآن بطيئة وتقوم على التحسيس، وتتجنب العقاب والزجر”.

وتأسس البرنامج الانتخابي للعدالة والتنمية على شعار محاربة الفساد ومتابعة كل من يثبت في حقه التلاعب بالمال العام، ومع ذلك انتقد محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، العجز الحكومي في التصدي للفساد والمفسدين وناهبي المال العام، مشيرا إلى أن “تصريحات الحكومة في هذا الموضوع مجرد هروب إلى الأمام من تحمل المسؤولية والتعاطي السلبي مع نهب المال العام الذي تعرفه القطاعات الحكومية وغير الحكومية، وخاصة منه ذلك الذي صدرت بشأنه تقارير رسمية تثبت وجود اختلالات مالية ذات طبيعة جنائية”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: