الصحراء المغربية من بين مطالب الحراك الجزائري

احتل ملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية حيزا مهمّا ضمن برامج الحملة الانتخابية لمرشحي الرئاسة بالجزائر، التي انطلقت الأحد.

وعرض رئيس حزب طلائع الحريات والمرشح للرئاسيات علي بن فليس موقفه من ملف الصحراء موردا أنه “لا يعتبر هناك نزاع بخصوص الصحراء سببه سوء علاقة بين المملكة المغربية والجزائر”، مضيفا أن “طلب شعب الصحراء تقرير مصيره من ثوابت الثورة الجزائرية”.

ويرى مراقبون أن تصريحات أبرز مرشحي الرئاسة الجزائرية بخصوص تناولهم لملف الصحراء المغربية لن تغير رؤية ومواقف الدبلوماسية الجزائرية السابقة، غير أنها تصريحات تعكس تضامن المرشحين مع الملف، ومحاولة لإعادة دفئ العلاقات بين البلدين.

ويرى سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية، أن “مستقبل قضية الصحراء المغربية غير مرتبط تلقائيا بوجود هذا الرئيس أو ذاك على رأس الدولة الجزائرية”.

وتابع الصديقي في تصريح لـ”أخبارنا الجالية ” أن “المشكل الأساسي في بنية النظام السياسي القائم ومدى تفاعله مع طبيعة النظام الإقليمي في المنطقة، المتسم بالتوجس والشك المتبادلين بين الدول المتجاورة، مما يعزز تشبث النخبة الحاكمة في الجزائر بمواقفها المتصلبة من القضية”.

وهذا ما ذهب إليه المرشح علي بن فليس، في أن الشروط غير متوفرة في هذه الفترة، حاسما رأيه في أن موقفه من قضية الصحراء هو موقف الدولة الجزائرية، وبأن “تقرير المصير والاستفتاء” يتماشى مع تاريخ الدبلوماسية الجزائرية منذ استقلال الجزائر.

سياسة الجزائر الرسمية تجاه قضية الصحراء المغربية لم تتزعزع في دعمها جبهة البوليساريو الانفصالية على المستويين الدبلوماسي والسياسي

واستطرد بقوله “أؤيد تحسين العلاقات المغربية-الجزائرية، ومعاينة العلاقات بين البلدين، بحيث تدخل في ذلك مسألة فتح الحدود بين البلدين”.

ولم يختلف موقف المرشح الأوفر حظا عبدالمجيد تبون من قضية الصحراء عن موقف سلفه الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة.

وأشار تبون إلى أن “طريق استفتاء تقرير المصير هو بمثابة تصفية لاستعمار”.

ويلاحظ مراقبون أن سياسة الجزائر الرسمية تجاه قضية الصحراء المغربية لم تتزعزع في دعمها جبهة البوليساريو الانفصالية على المستوى الدبلوماسي والسياسي والمادي، وهذا هو الموقف الذي يتبناه جل المرشحين للرئاسة ويبدو أنها مواقف ثابتة ولن تتغير مع مجيء رئيس جديد لأن البنية المعقدة للقرار الجزائري مازالت مستمرة على النهج القديم.

ولم يخرج المرشح الجزائري عزالدين ميهوبي، الذي يشغل منصب الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، عن دائرة المرشحين الآخرين، بتأكيده أن “ثبات الجزائر على مبادئها مسألة لا تحتاج إلى قراءات محتملة، فالقضية الفلسطينية وكذلك القضية الصحراوية لا تقبلان القسمة على اثنين، وموقف الدولة والشعب واحد”.

ويرى مراقبون أن ربط عزالدين مهيوبي بين ملف الصحراء وبقضية فلسطين يجني على التاريخ والجغرافيا ولا يمكن بأي حال الجمع بين الحالتين المتمايزتين سواء على مستوى القانون الدولي أو طبيعة الملف والمتدخلين الدوليين في تعقيداته.

وأضاف هؤلاء أن شعبوية المرشح الرئاسي فتحت شهيته لتصريحات لا علاقة لها بالواقع السياسي والدبلوماسي والاجتماعي للملفين معا.

ومن جهته جدد المرشح عبدالقادر بن قرينة، رئيس حركة البناء، موقف بلاده من نزاع الصحراء المغربية، مؤكدا أن “الصحراء قضية عادلة في الأمم المتحدة، وتدخل في إطار تصفية الاستعمار”.

Thumbnail

ولفت إلى أن “الجزائر ستواصل دعمها للحركات التحررية لنيل استقلالها، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والقضية الصحراوية”.

ويبقي عجز معظم السياسيين الجزائريين عن انتهاج طريقة متجددة في الخطاب السياسي والسلوك الدبلوماسي العلاقات المغربية والمغاربية في المستوى الحالي دون توجه نحو طي الخلافات القديمة التي تتغذى من مخلفات الحرب الباردة، على الرغم من بعض الدعوات إلى نهج آخر يتناول تطلعات الشعوب في الوحدة والتضامن على غرار الكثير من الدعوات لإعادة إحياء الاتحاد المغاربي.

وتأتي تصريحات مرشحي الرئاسة في ظل عدد من المبادرات الإقليمية والدولية لتضييق الهوة بين الجزائر والمغرب، ومنها ما صرح به مؤخرا الطيب البكوش أمين عام الاتحاد المغاربي، وذلك لإنجاح قمة رؤساء البلدان المغاربية بأديس أبابا المزمع إجراؤها في فبراير القادم.

ويشير مراقبون إلى أن عدم ربط المغرب والجزائر مشكل الحدود المغلقة منذ العام 1994، مع النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، قد يحمل في طياته جزءا من الحل السياسي. واشترط هؤلاء توفر إرادة سياسية حقيقية أعقاب الانتخابات المقبلة، عبر قيادات قد تتخلص من عقدة الماضي. وتعبر مواقف هؤلاء المرشحين حسب عدد من المتابعين للشأن الجزائري، عن موقف المؤسسة العسكرية المتحكمة في القرار السياسي بالبلد، ولا يعني ذلك التفافا وإجماعا حولها.

وسبق للأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، عمار سعداني، أن خرج عن سرب المغردين مع السلطة، موضحا أنه “من الناحية التاريخية الصحراء مغربية، واقتطعت من المغرب في مؤتمر برلين”.

وبين سعداني أن “موضوع الصحراء يجب أن ينتهي وتفتح الحدود وتسوى العلاقات بين الجزائر والمغرب”.

ويرى خبراء في العلاقات الدولية أن الحل بالنسبة للجزائر مرتبط أكثر بالمنافسة الإقليمية مع المغرب.

ويعتقد هؤلاء أنه لن يتم طي ملف الصحراء في الأمد المنظور، خصوصا وأن قادة البوليساريو ينقادون بشكل كبير للقرار الجزائري، وهذا ما يجعل الحكم الذاتي التي أطلقها المغرب فرصة سياسية واجتماعية ودبلوماسية لتجاوز كافة العراقيل المصطنعة أمام مبادرات الحل. وما فتئت جبهة البوليساريو تسعى إلى تقويض كافة الجهود الإقليمية والدولية لإيجاد حل سياسي واقعي تمثله مبادرة الحكم الذاتي.

وفي تعليقه على هذه المستجدات ركز محمد بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية لـ”أخبارنا الجالية ”، على “ضرورة مساهمة الجزائر في البحث عن حل لملف الصحراء بما يتناسب مع دورها”. وخلص بودن بقوله “أي ملف يتعلق بالعلاقات الجزائرية-المغربية أو يشوش عليها، يجب أن يمر عبر الحوار السياسي”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: