المغرب يتصدى للإستفزازات و الضغوطات في ملف الريف

نفى محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون المغربية، صحة المزاعم المتداولة حول تعريض المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة، لـ”التعذيب”، مشيرا إلى أن ترويج مثل هذه الادعاءات من أطراف داخلية وخارجية هدفه هو الضغط على المغرب لأجل مصالح اقتصادية.

وأوضح محمد صالح التامك، أن ادعاءات التعذيب ما هي إلا وسيلة لجذب انتباه المنظمات الحقوقية الدولية للضغط على المغرب، ودفعه إلى تقديم تنازلات في مجالات أخرى، حيث لم تقف بعض الجهات عند ادعاءات التعذيب بل وصلت إلى حد ادعاء وجود مخطط لـ”اغتيال ناصر الزفزافي”، مشدداً على أنه لن يسمح أبدا بممارسة أي نوع من التعذيب أو سوء المعاملة في حق أي من نزلاء السجون، مهما كانت التهمة الموجهة له، وذلك توافقا مع قناعاته والتزامات الدولة المغربية في مجال حقوق الإنسان.

وجاء رد محمد صالح التامك على هامش اجتماع للجنة العدل والتشريع بالبرلمان المغربي، خلال مناقشة ميزانية إدارة السجون، بعد أن تقدمت مجموعة من النواب بأسئلة تمحورت جميعها حول أوضاع المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة، مطالبين بمعرفة تفاصيل أكثر عما حدث في الآونة الأخيرة.

ودعا المندوب العام في معرض حديثه لأعضاء لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، إلى وضع اليد في اليد من أجل مواجهة الاستفزازات والتحديات التي يواجهها المغرب، وعدم السماح للجهات الخارجية بأذرعها الإعلامية والتي تستهدف تشويه صورته على المستوى الدولي، بممارسة الابتزاز الحقوقي لتحقيق أغراضها الاقتصادية غير المعلنة.

ولا يستبعد مراقبون أن تقف أطراف خارجية وراء ابتزاز المغرب في ملف حقوق الإنسان ومغالطة الرأي العام المحلي والدولي بهدف الضغط على المملكة للحصول على مكاسب اقتصادية.

الحكومة المغربية أصدرت العديد من البيانات في ما يتعلق بادعاءات التعذيب والعديد من التقارير التي تتولى الرد على بعض الالتباسات التي تصل إلى حدود المغالطات

ويشير رشيد لزرق، الخبير في القانون الدستوري، إلى أن هناك لوبيا فرنسيا يحاول توظيف بعض القضايا التي تهم حقوق الإنسان، كوسيلة لضغط سياسي مقابل الحصول على امتيازات اقتصادية ومشاريع كبرى خاصة مشاريع السكك الحديدية.

ويتابع لزرق في تصريح لـ”أخبارنا الجالية” “يريد هذا اللوبي عبر الضغط الإعلامي تقديم صورة مغلوطة عن المغرب، عبر توظيف بعض الجمعيات والأشخاص الذين يحاولون من خلال الملف الحقوقي كسب الحماية السياسية أو التنصل من جرائم تدخل ضمن الحق العام”. ويستنتج بالقول “يقع توظيف ملف حقوق الإنسان لممارسة الضغط السياسي بهدف نيل نتائج اقتصادية لصالح هذا اللوبي، في تجاهل صارخ لما راكمه المغرب في هذا المجال”.

وزعمت بعض عائلات معتقلي حراك الحسيمة تعرض ذويها للتعذيب، بعد تسريب تسجيل صوتي لناصر الزفزافي وتداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في وقتٍ نفت المندوبية العامة لإدارة السجون كل تلك الادعاءات. وأعلنت النائبة بثينة قروري، أن وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان أخبر أعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في مجلس النواب، بفتح تحقيق في ادعاءات التعذيب الصادرة عن بعض معتقلي حراك الريف.

وكانت جمعية “ثافرا” لعائلات المعتقلين قد تقدمت بطلب عاجل، موجه إلى الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب التابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، من أجل ما أسمته بـ”وقف التعذيب”، وفتح تحقيق عاجل، وإيفاد أطباء شرعيين لمعاينة الحالة الصحية للمعتقلين.

وفي هذا الصدد أوضحت المندوبية العامة للسجون في بيان أن المعنيين، والمتراوحة عقوباتهم بين السجن 20 و15 عاماً، “هم الذين اعتدوا على عدد من موظفي المؤسسة (…) رافضين تنفيذ الأوامر بالدخول إلى زنازينهم”. وأنها قررت وضعهم في زنازين تأديبية (عزلة) “لارتكابهم هذه المخالفات، وحفاظا على أمن المؤسسة وسلامة نزلائها”.

وروى المندوب العام لإدارة السجون “أن السجناء المعنيين كانوا يقضون عقوباتهم السجنية بشكل عادي، وأن المندوبية العامة استجابت لعدد من المطالب التي قدمت لها عن طريق المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مثل تجميع المعتقلين وتقريبهم من مقر سكناهم الأصلي عبر نقلهم إلى سجون في شمال المملكة وتوزيعهم عليها بحسب المدد المحكوم عليهم بها، مع السماح بالزيارة الجماعية لذويهم في مختلف السجون”.

وأوضح خالد السموني، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية، في تصريح لـ”أخبارنا الجالية ” أن “بعض المنظمات الحقوقية أشارت في تقاريرها حول أحداث الحسيمة إلى تعرض بعض الموقوفين لأعمال تعذيب، دون الإدلاء بأسماء هؤلاء وما إذا تعرضوا للتعذيب أم فقط مجرد ادعاءات غير صحيحة؛ وهو ما قد يعرض مصداقية هذه المنظمات في التقصي والتحري إلى المساءلة من لدن الحقوقيين أنفسهم، لافتا إلى أن المغرب قام بمجهودات مشرفة في مجال مناهضة التعذيب، كما أن الآلية الوطنية المستقلة لمناهضة التعذيب التي أحدثت، سيكون لها دور إيجابي وفعال في تحصين المكتسبات الحقوقية بالمملكة.

من جهته يلفت رشيد لزرق إلى أن “الحكومة المغربية أصدرت العديد من البيانات التفصيلية في ما يتعلق بادعاءات التعذيب والعديد من التقارير التي تتولى الرد على بعض الالتباسات التي تصل إلى حدود المغالطات، أمام المنظمات الدولية”، مستدركا أن “المشكل هو أن الحكومة المغربية وبعض المؤسسات تفتقدان إلى الفاعلية بخصوص تسويق هذه التقارير للرأي العام الداخلي والدولي”.

ويولي المغرب اهتماما كبيرا بملف حقوق الإنسان، وقد صادق على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، في نوفمبر عام 2012، وتأتي هذه المصادقة لملاءمة التشريعات الدولية المتطورة في مجال حماية حقوق الإنسان وانسجاما مع دينامية تأصيل تجريم التعذيب في دستور 2011.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: