إضراب وطني شامل في الجزائر لدعم مطالب الحراك الشعبي
تتجه الجبهة الاجتماعية في الجزائر إلى المزيد من التصعيد خلال الأيام القليلة القادمة لاسيما في ظل التقاطع المتنامي بين المطالب الاجتماعية والاقتصادية وبين المطالب السياسية التي يرفعها الحراك الشعبي منذ ثمانية أشهر.
وقرر التكتل النقابي المستقل إيقاف العمل في القطاعات الحكومية المنضوية تحت لوائه نهاية الشهر الجاري، بدعوة منتسبيه إلى شن إضراب وطني شامل، للاحتجاج على الأوضاع الاجتماعية للطبقة العاملة، والتنديد بمماطلة الحكومة في تنفيذ التزاماتها المتعلقة بمراجعة قانون التقاعد التي قطعتها خلال العام الماضي، فضلا عن التضامن مع الحراك الشعبي.
وجاءت دعوات الإضراب الشامل لتتزامن مع دعوات موازية أطلقت على شبكات التواصل الاجتماعي في اليومين الأخيرين، استعدادا لمسيرة شعبية مليونية في الفاتح من شهر نوفمبر القادم، الذي يحمل رمزية خاصة لدى الجزائريين، على اعتبار أنه عيد وطني لإحياء ذكرى اندلاع ثورة التحرير في نفس اليوم من العام 1954.
وكان اجتماع قيادات التكتل المنعقد نهاية الأسبوع المنقضي، قد قرر شن إضراب وطني شامل، في الـ29 من شهر أكتوبر الجاري، متبوعا بوقفات عمالية احتجاجية في مختلف محافظات البلاد، للتعبير عن تضامن القوى العاملة في البلاد مع الحراك الشعبي، ودعمه للمطالب السياسية المرفوعة منذ شهر فبراير الماضي. وطفت بشكل واضح المطالب السياسية على لائحة التكتل النقابي الموجهة للسلطات،
حيث تصدر دعم الحراك الشعبي أسباب شن الإضراب، بدعوة السلطات السياسية في البلاد الى وقف حملة الإيقافات السياسية ضد المعارضين والناشطين، وإسقاط حكومة تصريف الأعمال بقيادة نورالدين بدوي، واتخاذ إجراءات تهدئة شاملة لإقناع الشارع بالانخراط في مسعى الانتخابات الرئاسية المقررة قبل نهاية العام الجاري.
استعدادات نقابية لتنظيم مظاهرات مليونية في ذكرى اندلاع ثورة التحرير الجزائرية
وكانت إفرازات السياسات الاجتماعية المطبقة من طرف السلطة منذ العام 2015، أبرز محاور تحركات التكتل، بغية إسقاط نظام التقاعد والتغطية الاجتماعية والقدرة الشرائية للطبقة العاملة، قبل أن يرفع سقفه إلى المطالب السياسية الصرفة.
ويشمل التكتل النقابي، الذي رفضت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية اعتماده بشكل رسمي، 12 نقابة مستقلة تمثل العديد من القطاعات الحكومية كالتربية والصحة والبريد والاتصالات والإدارة والطاقة، مما يرشح حصول إضراب عام عن العمل بنسبة مشاركة عمالية مرتفعة.
وكان قطاع التعليم الابتدائي قد شهد في بحر الأسبوع الماضي، إضرابا واعتصاما للمعلمين أمام مبنى وزارة التربية بالعاصمة، جاء تلبية لدعوات مجهولة المصدر أطلقت على شبكات التواصل الاجتماعي، ولم يتم تبنّيه من طرف أي تنظيم نقابي.
وفي تصريح سابق دعا النائب عن تكتل النهضة والعدالة والبناء، والقيادي النقابي السابق مسعود عمراوي، إلى تحييد المدرسة عن الصراعات السياسية، وعدم الزج بطلاب المدارس في التجاذبات التي تعيشها البلاد، حفاظا على مستقبلهم وعلى مستوى تحصيلهم العلمي والدراسي.
ويعدُّ القيادي النقابي في قطاع الصحة إلياس مرابط، من أبرز الناشطين في فعاليات الحراك الشعبي، وأحد الموقعين على بيان الشخصيات الـ19، الذي دعا السلطة الأسبوع الماضي، إلى “عدم الذهاب إلى انتخابات تقود البلاد الى أزمة جديدة “، وحضها على ضرورة “اتخاذ إجراءات تهدئة تشيع في الشارع أجواء الهدوء والثقة”، فضلا عن دعوته إلى فتح حوار سياسي جاد بين السلطة والمعارضة.
وذكر مصدر من التكتل النقابي لـ”أخبارنا الجالية ”، بأن “مقترح سحب قانون المحروقات والتقاعد والقدرة الشرائية، نوقش بكثرة في اجتماعات قيادات التكتل، وحُدد تاريخ الإضراب بناء على تزامنه مع مناقشة البرلمان لقانون المحروقات، وتزامنا مع الاحتجاجات المنتظر تنظيمها مع إحياء عيد ثورة التحرير (الفاتح من نوفمبر)”.
وصرح القيادي في نقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية صادق دزيري، بأن المجلس الكونفدرالي، خصص جزءا من لقائه للحديث عن الوضع السياسي الذي تعرفه البلاد، ودعا إلى التجاوب مع مطلب الجزائريين بتحقيق إجراءات التهدئة بعيدا عن الضغوطات.
ولفت إلى أن تمسك التكتل بمطالبه يفضي إلى الدعوة لتنحية حكومة نورالدين بدوي، وإلى رفض تدخلها ومناقشتها لملفّات ومشاريع قوانين ثقيلة وسيادية كقانون المحروقات، وهو الطرح الذي تتقاسمه قوى سياسية وحراكية وحتى من الأحزاب الموالية للسلطة.
ويبرّر النقابيون قرارهم بكون القانون المثير للجدل، يستوجب فتح نقاش حقيقي في المجتمع، وقيام مؤسسات شرعية في البلاد للحسم فيه، نظرا لحساسيته ودوره في مستقبل الثروات الباطنية للبلاد، وأن الأجواء السياسية المضطربة لا تسمح في الظرف الراهن بالخوض فيه.
وكان بيان لحزب التجمع الوطني الديمقراطي الموالي للسلطة، والنائب عن حزب جبهة التحرير الوطني عبدالوهاب بن زعيم، قد دعا إلى تأجيل القانون إلى غاية انتخاب رئيس الجديد للبلاد، إلا أن إحالة القانون إلى البرلمان مطلع هذا الأسبوع يلمح إلى أن الحكومة تنوي تمريره في أقرب الآجال.