اللجنة الأوروبية تدعو السلطة الجزائرية إلى الإصغاء إلى أصوات الشارع والتكفل الحقيقي بالمطالب المرفوعة

أجمعت القوى السياسية في الجزائر وقطاع عريض من النشطاء المشاركين في فعاليات الحراك الشعبي، على رفض مضمون البيان الصادر عن لجنة حقوق الإنسان الأوروبية، واعتبرته تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية للبلاد، عبر بوابة الأوضاع السياسية المضطربة.

وسارع المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري)، بصفته الهيئة النظيرة للبرلمان الأوروبي، إلى الرد على البيان الصادر عن لجنة الحقوق في الهيئة النيابية الأوروبية، بمدينة ستراسبورغ الفرنسية، وأعلن رفضه كل أشكال التدخل في الشؤون الداخلية للجزائر،واعتبر أن ما يجري بالبلاد هو أمر داخلي بين الجزائريين.

وشدد البيان على أن “حراك الشعب الجزائري بالهبة الحضارية التي أبهرت العالم بسلميتها ورقي مطالبها، قادر على المضي نحو الحل الأمثل والأسلم والآمن في حل مشاكله، ولا يحتاج إلى إملاءات خارجية مغرضة ومستفزة”.

وكانت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، قد عبرت عن دعمها للمتظاهرين الجزائريين، المطالبين بتغيير جذري في طبيعة نظام الحكم، وإرساء دولة القانون، منذ 22 فيفري الماضي، وأشادت بالطابع السلمي للاحتجاجات السياسية التي عكست وعيا عاليا يستهدف الضغط على السلطة دون الانجرار إلى العنف أو الفوضى.

ودعت اللجنة الأوروبية السلطة الجزائرية إلى “ضرورة الإصغاء إلى أصوات الشارع والتكفل الحقيقي بالمطالب المرفوعة”، كما نددت بحملة الاعتقالات والتضييق الذي تشهده الساحة السياسية والإعلامية، في إشارة إلى عرقلة المظاهرات السلمية وتكثيف الحواجز والحضور الأمني في المدن والمحافظات.

وطالبت من السلطات الجزائرية، إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وفتح الأجواء أمام الحريات السياسية والإعلامية، كما عبرت عن انزعاجها من تواجد العديد من الناشطين والمعارضين رهن الحبس، على غرار كريم طابو، سمير بلعربي، فضيل بومالة ولخضر بورقعة، فضلا عن عشرات الناشطين، فيهم من يعاني من أمراض مزمنة.

وظهر الرفض الجزائري للتدخل الأوروبي كذلك في تصريح رئيس حركة مجتمع السلم عبدالرزاق مقري، ودعا ضمنه اللجنة البرلمانية الأوروبية إلى “الاهتمام والتفرغ لمشاكل دول أوروبا وعدم الزج بنفسها في المسائل التي لا تعنيها”.

وقال مقري “لا نريد من الاتحاد الأوروبي ولا غيره من القوى السياسية والبرلمانية، أن يتدخل في شؤوننا الداخلية، الأمر يتعلق بالجزائريين وسيُحلّ بين الجزائريين، وندعوهم إلى الالتفات إلى مشاكل بلدانهم ومواطنيهم”.

ويعتبر موقف البرلمان الأوروبي، أول رد فعل دولي تجاه الأوضاع السياسية في الجزائر، رغم مرور أكثر من سبعة أشهر على انطلاق أحداث الحراك الشعبي، وجاء لأول مرة معاكسا لمواقف عدة حكومات أوروبية ولاسيما فرنسا التي تبدي دعما للاستقرار في الجزائر وأيدت مختلف الأجندات الرسمية، بما فيها التي طرحها نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وكذلك توجه السلطة الحالية نحو تنظيم انتخابات رئاسية قبل نهاية العام الجاري.

وفي هذا الشأن نفسه، تقارب موقف حزب جبهة التحرير الوطني مع مواقف المجموعة البرلمانية لتحالف النهضة والعدالة والبناء وأجمعت على رفضها لكل محاولات التدخل في الشؤون الداخلية الجزائرية واستغربت كذلك الاهتمام المثير للبرلمان الأوروبي بالوضع في البلاد.

وكانت رئيسة لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي النائب ماريا أرينا، قد أعلنت في تسجيل مصور لها بمناسبة الجمعة الأخيرة من احتجاجات الحراك الشعبي، عن مساندة البرلمان الأوروبي للمظاهرات الشعبية في الجزائر وأكدت على “تنظيم جلسات استماع مع نشطاء من الحراك الشعبي، الذين يطالبون بتنظيم انتخابات رئاسية وفق جدول زمني يختلف عن خطة النظام الجزائري الحاكم”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: