القاهرة تتهيأ أمنيا لدعوات التظاهر

وسعت عناصر الأمن المصرية من تحركاتها في بعض الشوارع والميادين المحيطة بمنطقة وسط القاهرة الخميس، تحسبا لوقوع تظاهرات الجمعة دعت إليها جماعة الإخوان وشخصيات معارضة تقيم في الخارج.

وألقت أجهزة الأمن القبض على عدد من الأشخاص خلال الأيام الماضية، ينتمون إلى جنسيات مختلفة، “قدموا إلى مصر، بهدف مراقبة التظاهرات ونقل معلومات لجهات خارجية” وفق السلطات المصرية.

وتسربت أسماء هؤلاء وبياناتهم وجوازات سفرهم إلى وسائل إعلام محلية، مصحوبة باعترافات مصورة تؤكد أنهم جاؤوا للتحريض ضد الدولة المصرية.

وألقي القبض على خالد داوود، رئيس حزب الدستور، وحازم حسني المتحدث السابق باسم حملة الفريق سامي عنان الذي كان يعتزم الترشح في انتخابات الرئاسة الماضية، وحسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والمعروف بمواقفه المعارضة.

وقال حزب الاستقلال (إسلامي) المعارض، إن أجهزة أمنية اعتقلت أكثر من 20 من قيادات وكوادر الحزب، ضمن حملة طالت عددا من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.

وجاءت التوقيفات عقب الدعوة إلى التظاهر الجمعة، للمطالبة بإصلاحات سياسية جوهرية، بعد أن بث معارضون على مواقع إلكترونية، وقنوات فضائية تابعة لجماعة الإخوان، مقاطع فيديو تتضمن تظاهرات في القاهرة وبعض المحافظات، قالوا إنها هتفت ضد الرئيس عبدالفتاح السيسي.

ولفتت مصادر مصرية  إلى أن النفخ في التظاهرات والدعوة إلى تكرارها لا يصبان في صالح القوى الإصلاحية، كما أن الدعوة إلى تظاهرات مؤيدة لا توجد حاجة إليها لأن القوى المؤيدة موجودة على الأرض، والمطلوب أن تطور أدواتها لتتعامل بشكل أكثر واقعية مع المشكلات.

وانتقل حديث الاحتجاجات من العالم الافتراضي إلى الواقع السياسي عندما بدأت قوى حزبية في الداخل تتفاعل معه أخيرا، لعدم ترك الساحة لجماعة الإخوان لتقود الدفة بمفردها، وتخطف أي حراك يمكن أن يحدث في مصر.

وأصدرت الحركة المدنية الديمقراطية، المكونة من ستة أحزاب يسارية وليبرالية، بيانا الثلاثاء، وضعت فيه جملة من المطالب تقود إلى ضبط توازنات اختلت الفترة الماضية، أوحت حصيلتها بعدم وجود أحزاب في مصر.

حديث الاحتجاجات ينتقل من العالم الافتراضي إلى الواقع السياسي

وشجعت بوادر الحراك المحدود على دخول شخصيات وطنية على التطورات، خوفا من الوقوع في فخ من إعداد جماعة الإخوان يضع البلاد على أعتاب فوضى أمنية وخوفا من عودة الحكومة إلى استخدام أدوات عنف مفرطة.

وأوضح عمرو الشوبكي، خبير الشؤون الحزبية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن التعاطي مع حالة الشد والجذب لا بد أن يكون عبر مواجهة المشكلات الموجودة في المجتمع، وأغلبها يرتبط بالآثار السلبية لسياسات رفع الدعم، والدخول في إصلاح اقتصادي يشارك فيه الجميع.

وأشار إلى أن توظيف أذرع الإخوان في المنطقة العربية لتلك المشكلات والتحريض على النزول للمظاهرات يجهضان خطط الإصلاح التي ينادي بها المصريون، ويجعلان الحكومة أكثر ترددا في إفساح المجالات المختلفة خشية اختراقها من قبل هجمات شرسة يجهز لها أعداء النظام المصري.

ووجدت الحكومة المصرية نفسها في مأزق بالغ الحساسية، بين المرونة في التعامل مع الدعوات المتعلقة بالتجاوب مع مطلب الإصلاحات وبين الخشونة التي يمكن أن تفضي بها نحو الانزلاق في متاهات سياسية.

ويقول متابعون إن السلطات تلقت ضربة مفاجئة بخروج العشرات من المتظاهرين في محافظتي القاهرة والسويس لم تستوعبها في البداية، لكنها امتصت الصدمة سريعا عندما أمسكت بعض وسائل الإعلام بزمام المبادرة.

وأكد بهاءالدين أبوشقة، رئيس حزب الوفد الليبرالي،  أن الحكومة بحاجة إلى التعامل مع الوضع الحالي، “بنفس أدوات الحرب التي تخوضها أطراف وجماعات إقليمية، ويتطلب ذلك قراءة متأنية للمشهد قبل الإقدام على خطوات تستغلها جهات معادية، ما يجعل المعركة تدور بشكل أكبر عبر وسائل الإعلام الحديثة ومواقع التواصل، بعيدا عن الأسلحة التقليدية”.

وأضاف أبوشقة أن “المؤامرة التي تعرضت لها بعض الدول العربية ما زالت مستمرة حتى الآن، وإن اختلفت الأدوات والوسائل، وأن دور حزب الوفد لن ينفصل عن إطار الدولة وتأييد خطواتها ودعم استمرار بقاء قوة الكتلة الصلبة (الجيش) التي تعد حائط الصد الرئيسي”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: