المظاهرات تُخرج المعارضة المصرية عن صمتها
أفضت الاحتجاجات الأخيرة في مصر، إلى خروج أحزاب مختلفة عن صمتها لتتفاعل مع الأحداث، وذلك في محاولة للاستفادة من تبعات الصدمة التي مثلتها تظاهرات يومي الجمعة والسبت.
ودعت الحركة المدنية الديمقراطية (تضم أحزابا يسارية وليبرالية) المعارضة مساء الاثنين، إلى حوار وطني شامل لبحث الأزمة السياسية في البلاد، وإفراج السلطات الأمنية عن الموقوفين وإطلاق الحريات، بعد تظاهرات محدودة، لكنها نادرة، اعتراضا على سياسات الحكومة، ورفعت خلالها لافتات طالبت الرئيس عبدالفتاح السيسي بالتنحي.
ويحمّل كثيرون الأحزاب المصرية مسؤولية جزء من الانسداد الحاصل في المشهد السياسي، حيث استكانت للخمول والكسل، ما جعل الحكومة تتمادى في تهميشها، فيما يعلو صوت جماعة الإخوان، حتى تمكن مقاول مغمور يدعى محمد علي، من بث فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي ينتقد فيها جهات مصرية، من التحول إلى معارض سياسي.
وأشار إكرام بدرالدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن تأثير الأحزاب واستجابة السلطة يرتبطان بقوة تأثير الأولى في الشارع وعدد أعضائها.
وأوضح أن قدرة القوى الحزبية على حل مشكلات المواطنين محدودة، وبعض الأحزاب “شكلية وعائلية”، وكي يصبح لها تأثير يجب أن تندمج وفقا للميول السياسية في أربعة أو خمسة اتجاهات، تضمن لها قاعدة شعبية أكبر وقدرة على الضغط وتنفيذ مطالبها.
ولوح حزب تيار الكرامة اليساري الأربعاء الماضي بتجميد نشاطه السياسي، احتجاجا على ما وصفه بالتضييق الحكومي في المشهد الحزبي، وعدم القدرة على التفاعل مع متطلبات الفضاء العام، في محاولة للاستفادة من معالم حراك سياسي بدأت تظهر في الأفق.
وقال محمد سامي، رئيس حزب تيار الكرامة، إن بيان الحركة المدنية، “ليس موجها للسلطة فقط كي تتبناه كاملاً أو تتبنى أجزاء منه، لكنه موجّه للرأي العام بجميع انتماءاته”.
ولفت إلى أن توقيت تقديم المطالب جاء في إطار حراك تناوله الإعلام التقليدي من منطلق وجود سيناريو بين الدولة وأطراف مدفوعة من الإخوان ومَن على شاكلتها من جماعات الإسلام السياسي، في تأويل غير دقيق، لأن التظاهرات التي شهدتها محافظات مصرية تؤكد أن الأطراف المشاركة فيها “ليس لها علاقة بالإخوان ولا المدعو محمد علي، ومرتبطة بالرغبة في التعبير عن الغضب من حجم التضييق الهائل الذي تتعرض له”.
وأكد سامي أن القوى الحزبية ترحب بأي مؤشرات تدل على رغبة النظام المصري في توسيع دائرة الحوار مع كافة الانتماءات والتيارات المدنية، وظهور بعض الأسماء المحسوبة على المعارضة (الكاتب عبدالحليم قنديل) على فضائيات محلية مؤخرا يمثل انفراجة حيال التضييق الإعلامي.
ووجهت الحركة المدنية دعوة إلى القوى الديمقراطية والسلطات وكل الشعب، للبحث في جوانب الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وبلورة بدائل تفتح طريق تغيير ديمقراطي سلمي. وتضم الحركة المدنية الديمقراطية الأحزاب التالية: المصري الديمقراطي الاجتماعي، وتيار الكرامة، والدستور، والتحالف الشعبي الديمقراطي، والإصلاح والتنمية.
وحاولت قياداتها تحريك الكوادر في الشارع الفترة الماضية، لكن سلطات الأمن قطعت الطريق عليها قبل أن تتضح معالم دورها، وألقت القبض على عدد من شبابها ضمن قضية معروفة باسم “خلية الأمل”، اتهمتها أجهزة الأمن بأنها على علاقة بجماعة الإخوان، وقالت إن الأخيرة تتكفل بتمويلها ماديا من الخارج.
وانتبهت قوى معارضة، ومنها الحركة المدنية، إلى خطورة ربطها بالإخوان في هذا التوقيت، وهي التهمة التي لا تزال تلاحق الكثير من قياداتها التي تعاملت ببراءة مع الجماعة قبل اندلاع ثورة 30 يونيو 2013، حيث خدعت شخصيات يسارية معروفة بخطاب الإخوان، ووفرت له غطاء شعبيا.
ولا تريد أحزاب الحركة المدنية الوقوع في الفخ مرة ثانية، وحرصت على الاحتفاظ لنفسها بمسافة بعيدة عن الحملات التي تشنها قنوات فضائية في كل من قطر وتركيا تابعة للإخوان وتخدم أهداف الجماعة في الحض على تظاهرات تؤدي إلى هدم مؤسسات الدولة.
ووضعت الحركة المدنية مجموعة من المطالب، قالت من الممكن تطويرها بالحوار، وأبرزها الإفراج الفوري عن سجناء الرأي المحبوسين احتياطيا ومن تم اعتقالهم لمشاركتهم في المظاهرات السلمية، وإصدار تشريع بالعفو الشامل عن سجناء الرأي، ورفع كل أشكال حصار الأحزاب، وحرية الصحافة واحترام حقوق الإنسان ومواد الدستور الخاصة بالحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإضراب والاعتصام والتظاهر السلمي.