تصرف الزوج كطفل إضافي يوتر الزوجة
الأزواج أكثر إرهاقا للزوجات من تربية الأطفال.
الأكيد أن عبء النساء المتزوجات يفوق عبء العازبات، نظرا لأنهن يتحملن أعباء العمل والأمومة والزواج، ومن المرجح أن تعاني الزوجات المجهدات من الصداع والتعب والغضب، نظرا لأن الأمومة أمر مرهق، إلا أن المثير للدهشة هو أن الأزواج يساهمون بشكل أكبر في إجهاد الزوجات مقارنة بالأطفال، استنادا إلى ما توصلت إليه دراسة حديثة.
توصلت دراسة إيطالية حديثة إلى أن الزواج أكثر إرهاقا للمرأة من تكوين أسرة وتربية أطفال، وكشفت نتائج الدراسة التي أنجزتها جامعة بادوفا في إيطاليا أن 75 بالمئة من النساء اللاتي تزوجن وجدن أنفسهن يقمن بواجباتهن كأمهات وكآباء أيضا في أسرهن، كما أنه يقع على عاتقهن نصيب الأسد من الأعمال المنزلية، مما نتج عنه إحباط كبير لديهن.
وقالت 46 بالمئة من الزوجات المشاركات في استطلاع شمل 7000 من الأمهات الأميركيات إن الأطفال يخلقون ضغطا أقل من أزواجهن وأن الأمر غير مرتبط بالخيانة أو سوء المعاملة.
وأوضحت الدراسة أن متوسط معدل الأمهات صنف مستوى الإجهاد عند 8.5 من أصل 10. كما بينت النتائج أن التعامل مع طفل يصرخ، وحفاظات قذرة، ونقص النوم الذي يصاحب إنجاب أطفال، في الواقع أقل إرهاقا للمرأة المتزوجة من التعامل مع زوج غير متعاون خاصة إذا كانت تعمل لدوام كامل.
وتمثلت المشكلة الأكبر بالنسبة لمعظم الأمهات اللاتي شملهن الاستطلاع في عدم وجود وقت كاف في اليوم لإنجاز كل شيء على أتم وجه.
وتشعر ثلاثة أرباع المستطلعات أن معظم واجبات الأبوة والأمومة تقع على عاتقهن بالإضافة إلى العمل بدوام كامل، في حين قالت واحدة من كل خمس أمهات أن عدم وجود مساعدة كافية من الزوج هو مصدر رئيسي يوميا لضغط عصبي.
وقالت معظم النساء أنهن لا يكتفين بأداء واجباتهن كأمهات بل تقع على عاتقهن واجبات الآباء فيجدن بذلك أنفسهن يقمن بواجبات الأبوة والأمومة.
وقالت إحدى المشاركات في الدراسة “على الرغم من أن لدي زوجا متعاونا، إلا أنني ما زلت أشعر أن كل الضغط يقع على عاتقي لإنجاز كل شيء. أنا أعمل عدة ساعات مثل زوجي، لكنني أقوم بكل ما يتعلق بحياتنا الأسرية”.
وخلصت الدراسة إلى أن الأمهات يتحملن غالبية العبء الفكري الذي يأتي مع وظيفة الأبوة والأمومة، وهو ما يجعلهن جميعا يشعرن بالإرهاق الشديد.
وقالت الدراسة إن الرجال يتصرفون مثل الأطفال حتى يبلغوا سن 43 عاما، ويتضح ذلك ليس فقط من مواقفهم الساذجة تجاه بعض القضايا وفي سلوكهم، ولكن أيضا في تفاعلهم مع الأطفال.
وأكدت إحدى المشاركات في الاستطلاع “أن طفلا يبلغ من العمر 35 عاما يتصرف مثل طفل يبلغ من العمر 7 سنوات يكون أكثر إرهاقا لأنه يجب أن يتصرف بشكل أفضل”..
ونبهت الدراسة إلى أن الأمهات يهتممن أكثر بالقضايا المتعلقة بتنشئة الطفل وانضباطه وصحته وتعليمه، كما أنهن يتبعن الروتين اليومي للأطفال وتزويدهم بالتعليمات، مما يؤثر على علاقتهن بالأطفال، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى صراع بين الوالدين نفسيهما.
75 بالمئة من المتزوجات يقع على عاتقهن نصيب الأسد من الأعمال المنزلية، ما ينتج عنه إحباطهن
ولتلافي تسليط الضغوطات على الزوجة شددت الدراسة على ضرورة تمسك الأبوين بالوحدة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالطفل، لافتة إلى أنه إذا منع أحد الوالدين شيئا ما عن الطفل، فيجب على الطرف الثاني أن يدعم هذا القرار، مع ضرورة الاتفاق على ما هو مسموح أو محظور بالنسبة إلى الأطفال، كما يجب أن يساعد الزوج زوجته لتخفيف العبء عن كاهلها، ولا يكون تركيز الأمهات على أخطاء الأطفال، والتوقف عن محاولة السيطرة على كل شيء، كما يجب على الأزواج مشاركة ألعاب الأطفال مع أزواجهن ومساعدة الأبناء على أداء واجباتهم المدرسية التي يتجاهلها الأب في معظم الأحيان ويلقي بها على عاتق الأم المرهقة.
ومن جهة أخرى كشفت الدراسة أن صحة الرجل تتدهور بشكل كبير عندما تموت زوجته، ومع ذلك يبدو أن النساء أكثر صحة عندما يرحل أزواجهن لأنهن أفضل استعدادا للتعامل مع التوتر.
وقالت الأخصائية كاترينا تريفيسان من جامعة بادوفا “النساء الأرامل يتعاملن بشكل أفضل من الأرامل الذكور مع الضغط الناجم عن فقدان شريك”.
وعلقت موضحة لصحيفة “التليغراف” قائلة “نظرا لأن عمر النساء عموما أطول من الرجال، فقد تعاني النساء المتزوجات أيضا من آثار عبء الرعاية، نظرا لأنهن كثيرا ما يكرسن أنفسهن لرعاية أزواجهن طوال حياتهم معا”.
ويدعم أستاذ العلوم السلوكية في كلية لندن للاقتصاد، بول دولان، حيث قال في وقت سابق “المتزوجات أسعد من العازبات فقط عندما يكون الأزواج معهن في الغرفة، إلا أن الحقيقة في غيابهم يظهر بؤسهن”.
وأضاف قائلا “إذا كنت رجلا، فمن المحتمل أن تتزوج؛ أما إذا كنت امرأة، فإنك لا تهتمين بالزواج”.
هذا وأفاد بحث حديث بأن الكثير من الأزواج يواجهون حالات من الجدال المستمر بسبب القضايا الحياتية الرئيسية التي تتعلق بالأطفال والمال وغيرها، إلا أن هذا الأمر قد يكون مفتاح الزواج السعيد.
ورجح الأزواج الذين قضوا معا حوالي 42 عاما من الزواج، أن القضايا التي يمكن تقاسمها عمليا، مثل من يقوم بالأعمال المنزلية وكيفية قضاء وقت الفراغ هي الجزء الأكثر أهمية في العلاقة المستدامة، لكن ما يميز العلاقات السعيدة عن غير السعيدة، في الواقع، هي المواقف المتخذة أثناء الخلافات.
وبينت الأستاذة آمي راور، من جامعة تينيسي في نوكسفيل، المؤلفة الرئيسية للدراسة التي شملت 121 من الأزواج أن “الأزواج السعداء يميلون إلى اتباع منهج موجه نحو حل النزاع، وهذا واضح في المواضيع التي يختارون مناقشتها”.
وقسم الباحثون الأزواج إلى مجموعتين، الأولى تتكون من 57 زوجا في منتصف الثلاثين من العمر، متزوجين لمدة 9 سنوات في المتوسط، والثانية مكونة من 64 زوجا في أوائل السبعينات من العمر، متزوجين لمدة 42 عاما في المتوسط.
وذكر الأزواج من كلتا المجموعتين عندما طُلب منهم ترتيب أهمية القضايا التي تسببت في الخلافات بينهم، أن العلاقة الحميمية والترفيه، والأسرة والتواصل والمال بالإضافة إلى الصحة، للأزواج الأكبر سنا، هي القضايا ذات الأهمية القصوى، بينما صُنفت الغيرة والدين والأسرة في المرتبة الأقل أهمية في كلتا العيّنتين.
وتوصل البحث إلى أن التركيز على المشكلات الأكثر قابلية للحل قد يكون وسيلة فعالة لبناء شعور كلا الطرفين بالأمان في العلاقة، وفي المقابل فإن مناقشة المشكلات الأكثر صعوبة في الحل، يمكن أن تؤدي إلى الشعور بالضعف أو الإحراج، وبالتالي انخفاض السعادة الزوجية أو الانفصال.
وأوضحت راور أن “القدرة على التفريق بنجاح بين القضايا التي تحتاج إلى حل مقابل تلك التي يمكن وضعها جانبا في الوقت الحالي، قد يكون أحد المفاتيح لعلاقة سعيدة طويلة الأمد”.