إندبندنت: فيديوهات محمد علي أكدت أن السيسي ليس قوة استقرار في المنطقة

نشرت صحيفة “إندبندنت” مقال رأي للصحافي بوروزو دارغاهاي، قال فيه إن القادة الغربيين يتعاملون مع التظاهرات في مصر على أنها تحذير، خاصة أن عبد الفتاح السيسي لم يواجه أبدا مشكلة في استقرار نظامه. وأضاف أن التطلعات من أجل الديمقراطية والعدالة الاقتصادية تقع في أساس الاحتجاجات المعادية للحكومة والتي اندلعت يوم الجمعة في أنحاء متفرقة من البلاد مطالبة برحيل نظام السيسي.
وفرقت الشرطة المسلحة بالعصي المتظاهرين الذين رددوا شعارات الربيع العربي، وداسوا على أعلام تحمل صورة السيسي. وقال ناشط مقيم في القاهرة: “كانوا شجعانا جدا للخروج إلى الشوارع لأنها خطيرة جدا”، وأضاف: “هذا أمر مهم جدا، فهذه الأعداد مهما كانت صغيرة تعتبر تحركا كبيرا وجريئا أكبر من أي تجمع كبير آمن”، ولم يكن خروج المتظاهرين بناء على دعوة من ناشطين يدعون إلى الديمقراطية بل سلسلة من أشرطة الفيديو التي تزعم أن مليارات الدولارات تم تبذيرها على مشاريع لإرضاء غرور النظام، نشرها المقاول والممثل محمد علي الذي يعيش في المنفى بإسبانيا.

واستخدم علي لهجة محلية “شوارعية” حيث تحدث عن خسارته الملايين في مشاريع نفذها للجيش، ووصف كيف قام السيسي وحاشيته ببناء فندق بقيمة 13.3 مليون دولار مما أدى إفلاس شركته. ويواصل السيسي تبذير موارد البلاد على بناء قصور بأموال دافعي الضرائب. وقدم رجل الأعمال الذي هضم حقه قائمة بأسماء المسؤولين والمشاريع الضخمة، وشرح كيف قام السيسي وكبار المسؤولين بتبذير الأموال على فندق من سبعة نجوم يملكه فرع الاستخبارات، وتحدث عن القصور الرئاسية الشخصية والفلل التي يملكها الضباط الذين “حشوا جيوبهم بالأموال بسبب هذه المشاريع”. وقال إن هذه الطغمة حطمت أحلامه وأجبرته على مغادرة البلاد خوفا من استهدافه وعائلته.
ورغم محاولة الحكومة المصرية فرض الرقابة على أشرطة الفيديو التي ظهر أولها في 2  سبتمبر، واستمرت حتى الجمعة، إلا أنها حظيت بمشاهدات واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي. وحاول أنصار السيسي أن ينسبوا الأشرطة إلى جماعة الإخوان المسلمين التي يعيش أفرادها في المنفى وعانت حركتهم من قمع لا مثيل له بأمر من السيسي. ويعملون ضده منذ الإطاحة بهم في عام 2013. ولكن محمد علي، المقاول العادي، لا علاقة له بالإخوان، واستطاع بحكاياته عن الفساد والمؤامرات التي كشفت عما يجري في داخل النظام جذب أبناء الشارع بطريقة لم يكن الإسلاميون قادرين على عملها منذ سنوات.
وبحسب محللين مصريين، فإن رد السيسي على فيديوهات محمد علي كان تعبيرا عن الطريقة المغرورة التي يتعامل فيها مع القضايا عندما يخاطب المصريين. وقال السيسي: “نعم، أقوم ببناء القصور”، وتعهد ببنائها “لكنها ليست باسمي بل لمصر”.

ويعلق الكاتب أن أسلوب السيسي لا يقوم على بناء إجماع المصريين كما كان الحال في عهد حسني مبارك، ولهذا بدأت طريقته تثير أعصاب المصريين من كل الطبقات الاجتماعية.

ووصل السيسي إلى السلطة عام 2013 عندما أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي، ومنذ ذلك الوقت أدار نظاما ديكتاتوريا لم تشهد مصر مثله في تاريخها الحديث، ومنع التظاهرات وأسكت وسجن نقاده وضيق من مساحة حرية التعبير.

وقبل أيام من التظاهرات، نشر مسعد أبو فجر، الناشط في منطقة سيناء المشتعلة، فيديو كشف فيه عن الفساد في الجيش وحربه ضد الإسلاميين هناك، واتهم فيه نجل السيسي محمود بالإثراء من خلال تجارة التهريب إلى قطاع غزة. وقال إن كل “التجارة التي تذهب إلى غزة تمر عبر محمود وخطوطه”، مضيفا أن قائدا آخر في الجيش يقوم ببناء فيلا فاخرة لنفسه.

وأثارت الاتهامات غضب الجنود المصريين الذين يعيشون أوضاعا سيئة. ورغم الثناء الذي حصلت عليه مصر من المعلقين الغربيين والمسؤولين الماليين الذين تحدثوا عن نجاح إجراءات التقشف التي طلبها صندوق النقد الدولي، إلا أن تقديرات الحكومة المصرية تشير إلى أن نسبة 5% من السكان يعيشون تحت خط الفقر. ويقدر البنك الدولي أن نسبة 60% يعيشون في ظروف الفقر.

ويقول عمرو مجدي، الباحث في شؤون الشرق الأوسط بمنظمة هيومان رايتس ووتش: “كل من يتابع مصر في السنوات الأخيرة يعرف أنها مثل إبريق يغلي”، و”السيسي هو حاكم شمولي يختلف عن مبارك، ولدى السيسي مشاكل نفسية وعاطفية، والأمر لا يتعلق بحكم البلد ولكن بالسيطرة المطلقة”.

وراهنت الدول الغربية على السيسي كعامل استقرار في المنطقة. وصادقت بريطانيا على صفقات أسلحة لمصر بـ141 مليون دولار، بما في ذلك معدات يمكن استخدامها ضد المتظاهرين، وذلك حسب الحملة ضد تجارة السلاح. وتبيع الولايات المتحدة وفرنسا السلاح إلى مصر، بمليارات الدولارات، وهي أموال كان يمكن صرفها لتخفيف معاناة المصريين.

ووصف دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، السيسي بأنه “ديكتاتوره المفضل”، وذلك عندما سأل عنه في اجتماع الدول السبع الكبار الذي عقد في فرنسا. ولكن الصوت العالي الذي بات يثير اضطرابات بأشرطة فيديو بيتية يجب أن يعطي الدول الغربية مساحة للتفكير حول استمرارها في دعم السيسي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: