بروكسل مستعدة مجددا لإرجاء موعد بريكست
نشرت الحكومة البريطانية الخميس وثائق تّم تسريبها في وقت سابق أكدت أن البلاد ستعيش حالة من الفوضى في صورة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. ورغم أن هذا السيناريو يعتبر الأكثر تشاؤما إلا أن الخبراء الاقتصاديين يرون أن بريطانيا ذاهبة إلى الأسوأ مهما كانت نتيجة بريكست باتفاق أو من دونه.
حذرت خطط الحكومة البريطانية لبريكست دون اتفاق من عرقلة شديدة على الطرق عبر القنال الإنكليزي وهو ما سيؤثر على إمدادات الأدوية وبعض أنواع الأغذية الطازجة، وتقول إن احتجاجات واحتجاجات مضادة ستحدث في أرجاء البلاد ترافقها زيادة محتملة في اختلال النظام العام.
وقالت الوثيقة التي تتضمن أسوأ ما قد يحدث إذا غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي دون اتفاق في الحادي والثلاثين من أكتوبر القادم، إن استعداد الرأي العام وقطاع الأعمال لمثل هذه النتيجة من المرجح أن يكون ضعيفا، فيما يرجع جزئيا إلى استمرار الفوضى السياسية في الفترة السابقة على يوم بريكست.
وأضافت أن الشاحنات قد تضطر إلى الانتظار لفترة تصل إلى يومين ونصف اليوم لعبور القنال الأنكليزي وأن المواطنين البريطانيين قد يتعرضون لإجراءات تفتيش متزايدة من سلطات الهجرة عند المنافذ الحدودية للاتحاد الأوروبي.
وقالت الوثيقة “إمدادات بعض أنواع الأغذية ستنخفض، هناك خطر بأن عمليات شراء مذعورة قد تتسبب أو تفاقم تعطيل الإمدادات الغذائية”.
وأضافت أن حركة المرور عبر القنال الإنكليزي قد تنخفض بما يصل إلى 60 بالمئة في اليوم الأول لبريكست دون اتفاق. وقد يستمر أسوأ تعطيل لما يصل إلى ثلاثة أشهر.
وقالت الوثيقة أيضا إن طوابير الشاحنات قد تؤثر على تسليم شحنات الوقود وهو ما يعطل إمدادات في لندن وجنوب شرق إنكلترا، وإن عمليات شراء مذعورة قد تتسبب في نقص في الإمدادات في أجزاء أخرى من البلاد.
ووفقا للوثيقة فإن الخدمات المالية عبر الحدود ستتأثر وكذلك تبادل المعلومات بين الشرطة والأجهزة الأمنية.
ونشرت الوثيقة أول مرة في صحيفة صنداي تايمز في الثامن عشر من أغسطس الماضي. وفي ذلك الوقت، قال مايكل غوف الوزير المكلف بتنسيق الاستعدادات للخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق إن الوثيقة قديمة ولا تعكس المستويات الحالية للاستعدادات.
وقال غوف الخميس إن الافتراضات الواردة في الوثيقة المنشورة التي تقع في خمس صفحات تجري مراجعتها حاليا. وطلبت الحكومة من المتاجر الاستعداد لفوضى محتملة حال إتمام الخروج دون اتفاق من خلال تخزين الأغذية، لكن مديري المتاجر قالوا إن من شبه المستحيل تخزين الأطعمة الطازجة لفترة طويلة وإن الناس قد لا يجدون كل شيء يريدونه على الأرفف.
ويرى اتحاد التجزئة البريطاني أن توفر الخضراوات في بريطانيا عرضة للخطر أيضا إذ يأتي 86 بالمئة من الخس و70 بالمئة من البندورة من دول الاتحاد الأوروبي.
وأكد حزب العمال المعارض إن الوثيقة تؤكد المخاطر الشديدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.
وقال كير ستارمر المتحدث باسم حزب العمال بشأن بريكست “إنه تصرف غير رشيد تماما أن تحاول الحكومة تجاهل هذه التحذيرات الصارخة ومنع الرأي العام من الاطلاع على الأدلة”.
وأضاف أن رئيس الوزراء بوريس جونسون “يحب عليه الآن أن يسلم بأنه كان غير أمين مع الشعب البريطاني بشأن العواقب التي ستترتب على بريكست دون اتفاق”. وبنشره الوثيقة فإن غوف يستجيب لطلب من مشرعين. لكنه رفض الإعلان عن النصيحة التي قدمها مستشارو الحكومة بشأن قرار جونسون تعليق عمل البرلمان من يوم الاثنين إلى الرابع عشر من أكتوبر.
ولا تنحصر المخاطر في نقص الغذاء والدواء والوقود، حيث تنهمر التقارير التي تؤكد خطر انهيار الكثير من القطاعات مثل صناعة السيارات والقطاع المالي، الذي تعرض لأضرار كبيرة يمكن أن تتضاعف في حال الخروج دون اتفاق.
وفي وقت تستعد فيه الحكومة البريطانية لسيناريو بريكست من دون اتفاق، يؤكد الاتحاد الأوروبي أنه لم يتلق إلى حد الآن أي اقتراحات من جانب لندن. وقال رئيس البرلمان الأوروبي ديفيد ساسولي إن الحكومة البريطانية لم تقدم لبروكسل أي مقترحات جديدة بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وأضاف ساسولي بعد لقاء مع قادة مجموعات سياسية بالبرلمان الأوروبي وكبير مفاوضي الاتحاد لشؤون خروج بريطانيا من الاتحاد مايكل بارنييه ”المملكة المتحدة لم تقدم أي بدائل، أي شيء يعتبر موثوقا به قانونيا وقابلا للعمل به” مشيرا إلى إصرار بريطانيا على التخلي عما يطلق عليه شبكة الأمان الخاصة بإيرلندا.
وأضاف أن الاتحاد الأوروبي مستعد لإرجاء موعد الخروج مجددا إذا قدمت بريطانيا سببا جيدا، مثل تجنب الخروج دون اتفاق أو إجراء انتخابات عامة أو تمديد العمل بالفقرة 50. وأوضح “للأسف الإشارات التي تصلنا لا تشير إلى وجود أي مبادرة قد تعيد فتح المفاوضات”. وتولى جونسون منصبه في يوليو على وعد بتنفيذ نتيجة الاستفتاء الذي جرى في 2016 بالخروج من الاتحاد الأوروبي بحلول 31 أكتوبر.
ولا يمتلك جونسون أغلبية في مجلس العموم وقرر الاثنين تعليق البرلمان حتى 14 أكتوبر في محاولة لإحباط المعارضة للخروج دون اتفاق.
وأثارت الخطوة غضبا على الساحة السياسية وأدت إلى تقديم العديد من الطعون القانونية في قرار جونسون.
وسيبقى البرلمان مغلقا رغم دعوات نواب المعارضة إلى استدعائه فورا والتي ازدادت بعد نشر الوثائق.
والأربعاء قررت محكمة الاستئناف الاسكتلندية أن قرار جونسون يرمي إلى “تعطيل عمل البرلمان” ووصفت التعليق بأنه “غير شرعي” و”لاغ وباطل”. إلا أن الحكومة سارعت إلى الطعن في القرار ومن المقرر أن تنظر المحكمة العليا في القرار الثلاثاء المقبل.
ومن المتوقع أيضا أن يصدر حكم قضائي في بلفاست بأن الخروج دون اتفاق سينتهك بنود اتفاق السلام في أيرلندا الشمالية المبرم في 1998.
وقبل تعليقه الثلاثاء أقر مجلس العموم قانونا يجبر جونسون على تأجيل بريكست في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن بريكست في قمة الاتحاد الأوروبي في 17 أكتوبر.
ويرغب جونسون في إعادة التفاوض على بنود اتفاق الخروج الذي توصلت إليه سلفه تيريزا ماي مع بروكسل والذي رفضه البرلمان مرارا. إلا أن القادة الأوروبيين يتهمونه بعدم تقديم بدائل مقبولة.