سجال محتدم بين قدماء المحاربين وجبهة التحرير الجزائرية
جدد الأمين العام بالنيابة لمنظمة المجاهدين (قدماء المحاربين) محمد واعمر بن حاج، السجال الدائر بين منظمته وحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، بتأكيده على مطلب سحب الشعار التاريخي من الحزب، وإدراجه في خانة الإرث المشترك لجميع الجزائريين.
وطالب بن حاج في تسجيل صوتي بثه الموقع الرسمي للمنظمة على شبكة الإنترنت، البرلمان الجزائري بتفعيل مشروع القانون المتعلق بتجريم الاستعمار، المجمد منذ العام 2006 بإيعاز من أحزاب الأغلبية الموالية للسلطة، ليكون ردا على القانون الفرنسي الصادر العام 2005، القاضي بمدنية دور الجيش الفرنسي خارج الحدود.
وشدد على ضرورة “دسترة الإرث المشترك لجميع الجزائريين في جبهة التحرير التاريخية، وسحب الشعار من الحزب الحالي، وتطبيق أحكام قانون الأحزاب الصادر العام 2012 على الحزب المذكور، لحماية الذاكرة الجماعية والتاريخ المشترك من السطو والطمس الممارسين عليهما من طرف السلطة”.
وأثارت تصريحات بن حاج ردود فعل قوية لدى القيادة الحالية لحزب جبهة التحرير الوطني، حيث طالب أمينه العام محمد جميعي بـ”حل وزارة المجاهدين “، مما حول الأمر إلى سجال محتدم بين أذرع السلطة. وتعتبر منظمة المجاهدين من أعرق المنظمات المدنية في الجزائر، التي اعتمدت عليها السلطات المتعاقبة في كسب تزكية الشرعية التاريخية، بينما تعد وزارة المجاهدين حقيبة رسمية في الجهاز الحكومي للتكفل الاجتماعي بقدماء المحاربين وذوي الحقوق.
وتحولت وزارة المجاهدين منذ ظهورها في سنوات الاستقلال الأولى، إلى بؤرة فساد وبيروقراطية، لاسيما مع ظهور تلاعب وتزوير كبير في لوائح الفئة المنتسبة لها.
وسبق لوكيل وزارة العدل السابق والمعارض السياسي عزيز ملوك، أن كشف عن ممارسات وملفات فساد كبيرة في صفوف قدماء المحاربين والمنتفعين من مزاياها، وقدر عدد الاعترافات المزورة بالانتماء إلى صفوف جيش التحرير الوطني، بستة آلاف شخص، قبل أن تنهى مهامه من طرف لوبيات البيروقراطية.
وظلت الوزارة تشكل دعامة معنوية لشرعية السلطات المتعاقبة طيلة العقود الماضية، وصنعت لنفسها في الآونة الأخيرة مسافة فاصلة بينها وبين نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وبينها وبين السلطة الحالية، حيث عبرت عن تأييدها ودعمها للحراك الشعبي منذ انطلاقته في فبراير الماضي، لتكون بذلك المنظمة الوحيدة المحسوبة على السلطة التي تظهر موقفا معارضا لنظام ما بعد بوتفليقة.
وبات مطلب تجريد الحزب الحاكم من الشعار التاريخي، لا يتعلق بمنظمة قدماء المحاربين فقط، بل تعداه إلى الشارع الذي يعتبر الحزب المذكور جزءا من السلطة الفاسدة وذهب إلى حد المطالبة بحله إلى جانب حل أحزاب السلطة الأخرى، التي ساهمت بمواقفها الداعمة لبوتفليقة في تفجير الوضع في البلاد.