المسنون يتعرضون للسرقة من أفراد أسرهم
غالبا ما يتعرض كبار السن إلى السرقة من قبل المحيطين بهم والقائمين على رعايتهم وخاصة من الأبناء الشبان والأحفاد، ويعيش الكثير منهم تحت هاجس افتكاك أموالهم وتثير هذه التصرفات فزعهم وخوفهم الدائم، فتجدهم يبحثون دائما عن مكان آمن ليخفوا ما يملكون مهما كانت قيمته المادية، ومهما حاولوا يظل الخطر يهددهم من قبل المقربين منهم والذين يجدون متعة كبيرة حين يسلبونهم أموالهم، معتبرين ذلك حقا مكتسبا ومستكثرين عليهم امتلاكهم للأموال على أساس أنهم لا يستحقونها.
بروكسيل – تتحدث الكثير من التقارير عن عمليات السرقة التي تستهدف كبار السن، إلا أن دراسة حديثة أشارت إلى أن أفراد أسرة المسنين هم الأكثر استفادة من هذه العمليات، نظرا لأن كبار السن يصبحون أكثر هشاشة من الناحية الجسدية، وبالتالي فإنهم أقل قدرة على الاعتناء بأنفسهم أو الدفاع عن أنفسهم أو الرد في حال تعرضوا للهجوم.
كما كشفت الدراسة أنه يمكن للأمراض العقلية أو الجسدية أن تشجع هؤلاء الذين يعتنون بهم على الاستمرار في إساءة معاملتهم. وقد لا يرون أو يسمعون جيدا أو يفكرون بوضوح كما اعتادوا، مما يترك فرصا للأشخاص عديمي الضمير للاستفادة منهم.
ويقول محمد السليماني ، البالغ من العمر 73 عاما وهو أب لأربعة أبناء وسبعة أحفاد، إنه لم يتم استغلاله مطلقا من قبل أفراد أسرته. وأضاف “إنهم يعلمون أنهم لن يحصلوا على أي أموال مني، ما عليهم سوى أن يخرجوا للبحث عن وظيفة”.
لكن السليماني يقول إنه لم يُفاجأ عندما علم عن دراسة جديدة نشرتها جامعة جنوب كاليفورنيا، كشفت أن حوالي 2000 مكالمة وردت إلى خط موارد المركز الوطني المعني بسوء معاملة المسنين، نصفهم تقريبا أقر بالإساءة إلى 818 حالة، وتعرض 449 حالة منهم إلى سوء المعاملة المالية.
عمل برايان أريت، مدير مركز “فالي سينيور سيرفسيز” للخدمات ، برعاية كبار السن لمدة 40 عاما، ويقول “إنه لأمر محزن للغاية. لقد رأينا ذلك أكثر من مرة”.
ويضيف أريت أن سوء المعاملة المالية يبدأ في الكثير من الأحيان ببراءة “الابن أو الابنة أو القريب يساعدون الأب أو الأم ويستخدمون دفتر شيكاتهم على سبيل المثال، وفجأة قد يكتبون شيكا لأنفسهم”.
سوء معاملة المسنين يحدث غالبا في المكان الذي يعيشون فيه، حيث يكون المعتدون في الغالب من المراهقين أو أفرادا العائلة مثل الأحفاد
وتعمل تينا أنيم كمديرة برنامج لمركز الموارد المالية في مركز “ذا فيلدج فاميلي سيرفيس سنتر” بفارغو. وقالت “عادة ما تكون هذه التصرفات أشبه بسرقة الشيكات من دفاتر الشيكات، أو استخدام بطاقات الائتمان الخاصة بهم، والسحب من حساباتهم. إنه أمر محزن ولكنه حقيقي. إن الأشخاص الأقرب إلى كبار السن ممن يعتنون بهم هم الذين يستفيدون منهم”.
ويقول الخبراء إنهم يبحثون عن بعض الممارسات الشاذة، مثل عمليات الشراء غير التقليدية، وتوضح أنيم “قد يكون هناك الكثير من عمليات الشراء التي تمت عبر الإنترنت، على سبيل المثال، إذا لم يكن الشخص ماهرا في استخدام الكمبيوتر”. هنا، يمكن تقديم تقرير للشرطة وتسجيل الوصول إلى البنك، مضيفة “معظم البنوك لديها أقسام قائمة لمنع حدوث أشياء من هذا القبيل”.
لكن أصعب عقبة يجب التغلب عليها هي الشعور بالإحراج، حيث تقول أنيم “أعتقد أن المشكلة تكمن في ما إذا كان كبار السن على استعداد بالفعل للاعتراف بذلك”.
وأوضح أريت قائلا “لقد أرادوا دائما مساعدة أبنائهم على النجاح. ويشعرون بالإحراج عندما يجدون ابنهم يقوم بفعل شيء خطأ بشكل واضح”. وفي السياق ذاته تعلق أنيم “عندما يحدث ذلك، لا يريدون تصديقه، بل ويريدون حماية أفراد أسرهم”.
لذلك، وفقا للخبراء، إذا تعرض أحد أفراد أسرتك للسرقة، حتى من جانب شخص آخر من أفراد الأسرة أفضل شيء يمكنك القيام به، هو تشجيعه على اتخاذ رد فعل. وتضيف أنيم “نجعلهم يدركون أن هذا في الحقيقة ليس شيئا يخجلون منه”.
وعلى الرغم من أن سوء المعاملة الأكثر شيوعا بين كبار السن كان ماليا في الدراسة التي نشرتها جامعة جنوب كاليفورنيا، إلا أن سوء المعاملة العاطفي يأتي في المرتبة الثانية بنسبة 35 بالمئة، ثم الإهمال في المرتبة الثالثة بنسبة 20 بالمئة.
وأكد الخبراء أنه نتيجة للاختلافات بين سوء معاملة الأطفال وسوء المعاملة المالية لكبار السن، قد تحتاج نماذج معالجة سوء المعاملة المالية للمسنين إلى اعتماد نهج مختلف عن النهج المستخدم في نماذج سوء معاملة الأطفال. وفي ضوء قلة البحوث حول هذا الموضوع، من الصعب تحديد كيف يمكن تطبيق نموذج سوء معاملة الأطفال بشكل مفيد على سوء المعاملة المالية للمسنين.
وأشاروا إلى أنه إذا كان من الصعب اكتشاف حوادث سوء المعاملة المالية للمسنين عنه في سوء معاملة الأطفال، فإن سوء المعاملة المالية للمسنين قد يتطلب إنتاج نموذج أكثر فاعلية في اكتشاف حالات سوء المعاملة والاستجابة لها. وبالمثل، إذا أشارت الأبحاث إلى أن عددا كبيرا من حوادث سوء المعاملة المالية للمسنين لا يتم الإبلاغ عنها أو معالجتها بموجب نموذج سوء معاملة الأطفال، فقد يكون من الضروري اتخاذ تدابير أكثر اتساعا من تلك المنصوص عليها في نموذج سوء معاملة الأطفال لتعزيز سرعة تقديم تقارير سوء المعاملة المالية والتعجيل بالتحقيق.
كما نبهوا إلى أن حوادث سوء معاملة المسنين تشمل كذلك الأذى الجسدي أو العاطفي أو الجنسي أو الاستغلال المالي أو الإهمال من قبل الأشخاص المسؤولين مباشرة عن رعايتهم. وفي الولايات المتحدة وحدها، يصل أكثر من نصف مليون تقرير عن سوء معاملة كبار السن إلى السلطات كل عام، ولا يتم الإبلاغ عن الملايين من الحالات الأخرى.
ونصحوا كل إنسان يشك في أن شخصا مسنا معرض لخطر إساءة المعاملة من قبل مقدم رعاية مهمل، أو لخطر السرقة، فمن المهم أن يتحدث أو أن يبلغ عن ذلك.
وشدد المختصون على أن كل شخص يستحق أن يعيش بأمان وبكرامة واحترام، وأشاروا إلى أنه “يمكن أن تساعد هذه الإرشادات في التعرف على علامات التحذير من سوء معاملة كبار السن وفهم عوامل الخطر ومعرفة كيفية منع المشكلة والإبلاغ عنها”.