خلافات داخل الأمم المتحدة تعرقل تعيين مبعوث جديد للصحراء المغربية
تعرقل خلافات داخل الأمم المتحدة من المرجح أن تحتدم خلال الفترة القادمة، بشأن جنسية المبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية، تعيين خليفة لهورست كولر الذي قدم مايو الماضي استقالته.
وكان كولر البالغ من العمر 76 عاما قد تولى منصبه كمبعوث للأمم المتحدة في أغسطس 2017، بعد اقتراحه من طرف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريش وترأس الطاولة المستديرة بين أطراف النزاع حول الصحراء المغربية في مارس الماضي، قبل أن يقدم استقالته لدوافع صحية.
وكشفت مصادر دبلوماسية من الأمم المتحدة أن أنطونيو غوتيريش عقد عددا من اللقاءات في نيويورك مع مسؤولين رفيعي المستوى من الدول الأطراف في ملف الصحراء من أجل تعيين مبعوث أممي جديد ليحل محل هورست كولر، مرجحة أن يتم الإعلان عن جنسية المبعوث الجديد في أبريل المقبل.
وأرجعت تقارير إعلامية محلية في المغرب التأخر في اختيار المبعوث الأممي للصحراء إلى وجود اختلاف في وجهة النظر بين روسيا والولايات المتحدة. ويتفق هشام معتضد، الأستاذ والباحث في العلوم السياسية مع تلك التوقعات مشيرا إلى أن “الاختلاف بين الطرفين يأتي في إطار الصراع الجيوستراتيجي بين القوتين للسيطرة على مفاتيح مناطق الثأثير داخل منطقة شمال/غرب القارة الأفريقية”.
وبخصوص المنهجية الاستراتيجية التي سيتم بناؤها في تدبير هذا الملف، لفت هشام معتضد إلى أنه سيتم بلورتها بناء على شخصية المسؤول الأممي الذي سيتولى الملف والمدرسة الفكرية التي ينتمي إليها بالإضافة إلى حنكته المرتبطة بتجربته الميدانية في تدبير النزاعات.
الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن سيأخذان بعين الاعتبار خلال تعيين المبعوث الجديد الطبيعة المعقدة للصراع وفشل خمسة مبعوثين سابقين لفريق الأمم المتحدة في قيادة العملية السياسية بنجاح
ويتوقع مراقبون أن تحتدم الخلافات خلال الفترة المقبلة داخل أروقة الأمم المتحدة بين واشنطن وروسيا وبين واشنطن وأوروبا. ويعتقد المحلل السياسي، سمير بنيس، أن الجزائر وجبهة البوليساريو رحبتا في الكثير من الأحيان بأن يكون المبعوث الشخصي أميركي الجنسية، لذلك من المتوقع أن تضغطا من خلال اللوبي المساند لها لإقناع الإدارة الأميركية بضرورة أن يكون خليفة كولر من جنسية أميركية أيضا.
وأضاف بنيس “بالمقابل فإن المغرب الذي خاب أمله في المبعوثين الشخصيين السابقين جيمس بيكر وكريستوفر روس الأميركيين اللذين اتخذا مواقف ضد مصالح المغرب، واتهما بالتحيز لصالح البوليساريو، سيعمل جاهدا كي يكون المبعوث الشخصي الجديد أوروبيا”.
أما في ما يتعلق بالشروط الواجب توفرها في المبعوث الأممي الجديد، فهناك حسب هشام معتضد، المسطرة الإدارية والقانونية التي يجب على الأمم المتحدة احترامها في اختيار المسؤولين الأمميين لضمان توفر الشروط اللازمة المتعارف والمتوافق عليها داخل المنظمة الأممية في طريقة اختيار الشخص لتولي هذه المهام.
أما الجانب الثاني فمرتبط أساسا بما هو سياسي موضحا أن الأمم المتحدة عليها أن تأخذ بعين الاعتبار الوضع السياسي في المنطقة، بالإضافة إلى ضمان وجود قبول سياسي ودبلوماسي فعلي من جل أطراف النزاع لضمان تعاون إيجابي ومهني يحترم أخلاقيات تدبير النزاعات للمضي قدما في إيجاد حل للملف.
مراقبون يرجحون أن تحتدم الخلافات خلال الفترة المقبلة داخل أروقة الأمم المتحدة بين واشنطن وروسيا وبين واشنطن وأوروبا
وبالإضافة إلى الخلافات يرى هشام معتضد أن تأخر تعيين خلف لكولر يعود أيضا إلى المسطرة الإدارية والقانونية التي يجب اتباعها في تعين المسؤولين الأمميين من هذا المستوى، بالإضافة إلى الحسابات السياسية التي يجب مراعاتها من طرف الساهرين على تدبير هذا الملف في اختيار الشخص المناسب الذي سيحظى بقبول جميع الأطراف ومستعد للخوض في غمار التوافقات الجيوسياسية للمنطقة.
ويرى سمير بنيس أن الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن سيأخذان بعين الاعتبار خلال تعيين المبعوث الجديد الطبيعة المعقدة للصراع وفشل خمسة مبعوثين سابقين لفريق الأمم المتحدة في قيادة العملية السياسية بنجاح، مستبعدا أن ينجح غوتيريش، في تعيين مبعوث شخصي جديد قبل نهاية مدة عمل بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء في 30 أكتوبر المقبل.
ويذكر أن مجلس الأمن جدد نهاية أبريل الماضي مهمة المينورسو في الصحراء، لستة أشهر بدل سنة وهي مدة فرضتها الولايات المتحدة تحت مبرر أن التجديد قصير الأمد يزيد الضغوط على أطراف الأزمة (المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا) للتوصل إلى حل لهذا النزاع خلافا لسائر أعضاء مجلس الأمن على رأسهم فرنسا التي تفضل تمديد ولاية البعثة لمدة عام.