انتهازية حركة النهضة توظف التصعيد بين الشاهد والقروي لصالح مرشحها
انتهزت حركة النهضة الإسلامية في تونس التصعيد الحاصل بين حزبي “قلب تونس” و”تحيا تونس” إثر إيقاف المرشح للانتخابات الرئاسية نبيل القروي بتهمة “تبييض الأموال”.
واعتبرت حركة النهضة هذا التصعيد بعد إيقاف المرشح لانتخابات الرئاسة ورئيس حزب “قلب تونس” فرصة سياسية بالنسبة إليها لكون الاتهامات المتبادلة بين حزبين حداثيين تخدم أجندة النهضة الإسلامية ومرشحها للرئاسة عبدالفتاح مورو.
ومارس رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي دور “المرشد” الناصح بعد التصعيد الحاصل بين حزبي يوسف الشاهد ونبيل القروي، في محاولة لاستقطاب الناخب التونسي.
وقال الغنوشي “لا يسرنا هذا الاعتقال ولا يسرنا تعطيل أي حزب أو أي مسؤول حزبي”. وأكد على تمسّكه باستقلالية القضاء معلنا أنه بانتظار القضاء ليقول كلمته في قضية توقيف القروي و”إعطاء تفسير لهذا الاعتقال”.
ووُجِّهت إلى نبيل القروي وشقيقه غازي تهمة “تبييض الأموال”، وقد أوقف الأول، الجمعة، في أثناء عودته من باجة في شمال غرب تونس حيث افتتح مقرا جديدا لحزبه.
ونبيل وغازي القروي مستهدفان بتحقيق قضائي يجريه القطب القضائي والمالي منذ 2017، إثر قضية رفعتها ضدهما منظمة “أنا يقظ” بتهمة التحايل الضريبي. وتم تجميد ممتلكاتهما وأصولهما ومنعهما من مغادرة البلاد.
وبينما اتّهم حزب “قلب تونس” الذي يرأسه القروي، رئيس الحكومة يوسف الشاهد بالسعي إلى قطع الطريق على منافسه القوي، مما يفاقم التوتر قبل ثلاثة أسابيع من موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، عبر حزب “تحيا تونس” عن استغرابه الزج بمرشحه للرئاسة يوسف الشاهد في قضية إيقاف القروي، مستنكرا في بيان له توظيف الحادثة في بعض المنابر الإعلامية لتشويه الحزب ورئيسه.
وأدان الحزب حملات التشكيك في استقلالية القضاء ومحاولة ابتزازه والتأثير في قراراته، معربا بالمقابل عن “تمسكه بمبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون دون استثناء أو تمييز وحقهم جميعا في التقاضي وفقا لما يضمنه الدستور”.
ووصف مراقبون تونسيون الاتهامات المتبادلة بين حزبين حداثيين بأنها ستستهلكهما معا قبل الانتخابات الرئاسية، لتصب تلك الخلافات بينهما في سلة حركة النهضة.
وطالبوا الحزبين بالتوقف عن تبادل الاتهامات من أجل مصلحتهما الانتخابية لكون “تحيا تونس” و”قلب تونس” يمثلان مشروعا مدنيا لا يلتقي مع مشروع النهضة في الإسلام السياسي.
واعتبروا أن النهضة لن تفرط في هذه الفرصة لانتهازها، مشيرين إلى أن تصريحات الغنوشي بدت ناصحة من الوهلة الأولى، إلا أنها تهدف في النهاية إلى زيادة التصعيد بين حزبين منافسين لها.
وأكد المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أن المناخ السياسي يثير قلق الكثير من التونسيين وهناك تساؤلات جادة تطرح حول ما جرى.
وتخوّف الجورشي من أن تؤدي عملية توقيف القروي الرامية إلى تقليص فرصه مفعولا عكسيا، وأن تعزز شعبيته بعدما أصبح الرأي العام يعتبره “ضحية سياسية”.
ولا يبدو أن التصعيد بين حزبي الشاهد والقروي، سيضر المرشح المستقل عبدالكريم الزبيدي، وفق مراقب سياسي تونسي.
واعتبر المراقب أن الزبيدي ما زال يمثل المرشح الوسطي المعتد بنفسه والذاهب إلى الانتخابات بثقة، مع أنه يلتقي مع الشاهد والقروي بمشروع الدولة المدنية المناقض لمشروع النهضة الإسلامية.
وبينما ينتظر الشارع التونسي توافقا بين مكونات العائلة الحداثية على تقديم مرشح واحد، احتدمت المواجهة بين المرشحين من هذه العائلة، ما يقلّص الآمال بشأن إمكانية التصدّي لتشتيت محتمل للأصوات، لاسيما بين وزير الدفاع المستقيل عبدالكريم الزبيدي المدعوم من حركة نداء تونس وحزب آفاق تونس ورئيس الحكومة الأسبق رئيس حزب البديل التونسي مهدي جمعة.
وأكد الزبيدي أن “أنصار مهدي جمعة، الذي تقترب حظوظه في الانتخابات الرئاسية من الصفر، يروّجون إشاعة انسحابه من السباق الانتخابي”.
ومن المقرر إعلان القائمة النهائية للمرشحين للاستحقاق الرئاسي، في 31 أغسطس الجاري، حيث تعول فئات واسعة بين التونسيين على الأحزاب المدنية في النهاية من أجل التفاوض في ما بينها من أجل مرشح يخدم المشروع المدني في مقابل مرشح النهضة الإسلامية.
ويرون أن هذه الخلافات غير المبررة تقلل من حظوظ المرشحين كما تفقد ثقة الشارع التونسي بهم.
وكان المسؤول في المكتب السياسي لحزب “قلب تونس” عيّاض اللومي قد اتهم رئيس الحكومة يوسف الشاهد بالسعي إلى “إقصاء” القروي و”إزاحته”. وأكد اللومي أن حزب “قلب تونس” سيواصل حملته الانتخابية وأن القروي سيفوز من الدور الأوّل.
وكان الشاهد أعلن، الخميس، تفويض صلاحياته مؤقتا لكمال مرجان وزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة والسياسات العمومية، طيلة حملة الانتخابات الرئاسية المبكرة.
والسبت، أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية نبيل بفون أنّ القروي، مؤسس قناة “نسمة” التلفزيونية، لا يزال يعتبر مرشحا للانتخابات الرئاسية في البلاد رغم توقيفه بتهمة تبييض الأموال.
وصرّح بفون لمحطة إذاعية خاصة بأنّ “القانون الانتخابي لا يمنع من الترشح ولو أن هناك أحكاما قضائية باتة، إلا إذا شمل الحكم منع الترشح”.
وصرّح مسؤول في وزارة العدل لوكالة الصحافة الفرنسية طالبا عدم كشف هويته أن وزير العدل كريم الجموسي أمر التفقدية العامة بالوزارة بالتحقيق في ملابسات إصدار بطاقتي الإيداع في حق كل من نبيل وغازي القروي والتثبت من سلامة الإجراءات القانونية المتبعة.