احتجاجات الجزائر أمام طريق مسدود.. جيش متحصن ومتظاهرون مصممون
وصفت صحيفة “الغارديان” الوضع في الجزائر بعد ستة أشهر من التظاهرات التي أطاحت بالزعيم العجوز عبد العزيز بوتفليقة بالمأزق والطريق المسدود.
وفي تقرير أعدته روث مايكلسون، قالت إن المتظاهرين الجزائريين أكدوا إصرارهم على التظاهر حتى يتم استبدال الحكومة المدعومة من الجيش بحكومة مدنية. وتقول إن التظاهرات باتت تتبع وتيرة مألوفة منذ بدايتها في 22 شباط/ فبراير حتى هذا الشهر. وفي يوم الثلاثاء، حمل البعض لافتات كتب عليها: “لم نخرج للتفاوض بل خرجنا لطردكم”.
وتضيف أن أعداد المتظاهرين زادت يوم الثلاثاء عندما انضم الكبار إلى الطلاب الذين خرجوا متحدين الجيش، الذي حاول إغلاق المناطق المتاحة لهم للتجمع فيها وإصدار قوانين جديدة للتجمعات العامة. إلا أن الحركة التي أطاحت بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة تواجه حالة جمود، في وقت يحاول فيه النظام إبطاءها لكي يحتفظ بالقدرة على التحكم والاستمرار حتى بعد تعب المتظاهرين.
وأجبر بوتفليقة البالغ من العمر 83 عاما على التنحي عن السلطة في أبريل، وأجبرت التجمعات الأسبوعية المستمرة السلطات الجديدة على إلغاء الانتخابات التي كان من المقرر عقدها في يوليو.
ومنذ رحيل بوتفليقة، لم يبد التحالف الغامض بين الرموز السياسية والعسكرية المعروف بالسلطة ليونة في التعامل مع المتظاهرين وتقديم تنازلات؛ فلا يزال الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح في السلطة إلى جانب قائد الجيش القوي أحمد قايد صالح، في وقت يصر فيه المتظاهرون على رحيلهما واستبدالهما بحكومة مدنية.
إلا أن موعدا جديدا للانتخابات لم يعلن بعد. ويقول الطالب نور الدين عتماني: “لو نظرت إلى الصورة الأكبر فلا توجد هناك حكومة، بل الجيش. واعتقل عدد من أعضاء الحكومة وهم يواجهون محاكمات، وهذه هي طريقة رموز الجيش في الحفاظ على السلام بنفس الطريقة التي نحاول فيها الحفاظ على السلام”.
واعتقل رئيسا الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال إلى جانب أعضاء سابقين في البرلمان، وهم معتقلون من دون محاكمات. وفي الوقت نفسه، خاضت السلطات الجزائرية معارك هامشية لإثبات أنها لا تزال تملك اليد العليا، وتم اعتقال 18 محتجا وقدموا إلى المحاكمة في الشهر الماضي بتهم “تقويض الوحدة الوطنية”، وذلك لأنهم قاموا برفع أعلام تعبر عن الهوية البربرية.
وقامت الحكومة الجزائرية بوقف خدمات يوتيوب وغوغل لفترة قصيرة، وذلك بعدما نشر وزير الدفاع السابق شريط فيديو طالب فيه الجيش بـ”الاستجابة لمطالب الشعب” والتخلي عن السلطة، كما قامت السلطات بترحيل باحث في منظمة هيومان رايتس ووتش.
وفي نهاية الربيع، قاد صالح حملة مكافحة الفساد، فيما نظر إليه على أنه محاولة لتصفية الحسابات مع رموز في نظام بوتفليقة. واعتقل عدد من رجال الأعمال وسعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، بالإضافة لمديري مخابرات سابقين اتهمها صالح بالتآمر على الجيش.
وتقول مايكلسون إن صالح لا يحظى بشعبية، لكنه “صانع الملوك”، إذ تقول إيزابيل ويرينفلز، الباحثة في معهد الشؤون الدولية والأمنية الألماني: “هناك إشارات قليلة بأنه يريد التحكم في الحياة اليومية للبلد. وهو يريد رئيسا مقبولا بدرجة ما، وفي حاجة ماسة للانتخابات”، و”السؤال هو إن كان قادرا على الذهاب للانتخابات من دون تقديم تنازلات كبيرة؟”.
وتقول الصحيفة إن الهتافات المعارضة لقائد الجيش ورئيس الوزراء، نور الدين بدوي، وأعضاء لجنة الحوار الستة تملأ الشوارع في كل أسبوع. ويتركز الغضب الآن على اللجنة التي يجب أن تدير التفاوض بين الحكومة والمتظاهرين لتحديد موعد الانتخابات.
وقال متظاهر في سن الخمسين انضم للشباب إن “أعضاء لجنة الحوار هم خونة يرفضهم الشعب والمتظاهرون أنفسهم”. وأضاف أن اللجنة لا يعترف بها الشعب بل عينتها الحكومة لتدمير الاحتجاجات.
وتعلق الصحيفة أن نهاية العطلة الصيفية تعني عودة الزخم للتظاهرات والعصيان المدني. ويقول سفيان جيلالي، مدير منظمة “جيل جديد”: “قد يلجأ أحد الطرفين للعنف، أو أننا قد نجري انتخابات سلمية”. ولاحظ أن حركة الاحتجاج منقسمة على نفسها؛ إذ يطالب البعض بتغييرات جذرية قبل الانتخابات، فيما يدعو طرف آخر لانتخاب رئيس مؤقت يشرف على الإصلاحات.