جدل بشأن مطالبة منظمة المجاهدين بحل حزب جبهة التحرير الوطني في الجزائر
أثار نداء منظمة المجاهدين في الجزائر بحل حزب جبهة التحرير الوطني (حزب السلطة الأول) جدلا واسعا، خصوصا أن النداء جاء من طرف منظمة لها مصداقيتها، باعتبار أنها تمثل قدماء المجاهدين، والحزب يستمد شرعيته من الثورة ومؤسسيه، ومعظم قيادييه إلى وقت قريب كانوا من الأسرة الثورية، الأمر الذي وضع قيادة الجبهة الحالية في حرج كبير وجعلها تفقد صوابها.
وكانت منظمة المجاهدين، وفِي رسالة على موقع “يوتيوب” قرأها أمينها العام المؤقت، محند واعمر بن الحاج، قد طالبت وزارة الداخلية بسحب اعتماد حزب جبهة التحرير الوطني، مؤكدة أنه يتعين على الوزارة التدخل وتطبيق قانون 2012 المتعلق بمراقبة مطابقة القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية مع الدستور.
وأشار الأمين العام المؤقت إلى أن الوضعية التي يوجد عليها حزب جبهة التحرير الوطني غير قانونية، ولا يوجد سبب لوجوده، مشددا على أن المنظمة تطالب بحله، لأن القانون يمنع استغلال الرموز الوطنية ورموز الدولة ومقومات الأمة في العمل السياسي الحزبي.
هذا التصريح أثار موجة غاضبة لدى الحزب الذي أضحى يقوده محمد جميعي، بعد أن كان في سنوات سابقة مسيرا من قبل شخصيات لها وزنها ورصيدها التاريخي والسياسي، قبل أن يجعل منه بوتفليقة حزبا غارقا في الرداءة باختيار أسوأ المسؤولين لقيادته، خصوصا بعد الفترة الثانية من حكمه، ولكن حزب جميعي رد في بيان ناقم على المنظمة، وعلى أمينها العام المؤقت، قال فيه إنه “تلقى باستنكار كبير، تصريح المسؤول المؤقت عن المنظمة الوطنية للمجاهدين”، مؤكدا أن هذه “السلوكيات تعد خروجا عن مسار عمل المنظمة العريقة، وعقيدتها الوطنية الخالصة، وتدخلا سافرا في شؤون حزب، وهو ملك لمناضليه دون سواهم”.
وذهب البيان إلى حد وصف تصريحات بن الحاج بـ”الانحراف الخطير”، وكذا التشكيك في مسار الأمين العام بالنيابة للمنظمة الثورية، قائلا: “هذا الانحراف الخطير لا يعد الأول في مسار هذا الشخص المعروف بانتمائه السياسي الحاقد على العقيدة النضالية لحزب جبهة التحرير الوطني”.
وانتقل حزب جميعي بعدها إلى الاتهامات والتلويح بورقة لطالما استخدمها ضد كل من يخالفونه الرأي، بالتأكيد أن أمين عام المنظمة يقوم بـ”خدمة أجندات خفية تتقاطع مع دعوات أخرى لها امتدادات خارج الوطن، بهدف تحقيق ما عجز عنه الاستعمار الغاشم وأذنابه بسلخ الجزائر عن تاريخها المجيد بقيادة جبهة التحرير الوطني”.
وواصلت قيادة الحزب الهجوم على بن الحاج بالتأكيد على أن “هذا الشخص الذي يحاول مرارا حشر أنفه في قضية لا تعنيه، لا من قريب ولا من بعيد، مطعون في شرعيته من طرف الأمانة الوطنية للمجاهدين ذاتها، وبالتالي، فإن تصريحاته لا تلزم إلا شخصه، ولا يمكن أن تكون تعبيرا عن موقف المنظمة، التي تجمعها وحزب جبهة التحرير الوطني علاقة تاريخية، ملؤها الوفاء للشهداء، والحفاظ على ذاكرة المجاهدين ورموز الثورة التحريرية المباركة”.
وهدّدت جبهة محمد جميعي بالرد على مطالب عزلها من المشهد السياسي بالقول: “حزب جبهة التحرير الوطني، ومن خلال أبنائه من مجاهدين وأبناء الشهداء وأبناء المجاهدين وكل المناضلين، عازم على التصدي لكل محاولات النيل من الحزب، واستهداف تاريخه الوطني الزاخر، وإسهاماته الفعالة في بناء الدولة الوطنية، والدفاع عن المؤسسات، وهم (أبناء الحزب) مستعدون لمواجهة كل من تسول له نفسه التعدي على الحزب”.
وحرض الحزب بعدها على أمين عام منظمة المجاهدين، داعيا من أسماهم بـ”الخيــرين أعضاء الأمانة الوطنية والأمناء الولائيين، وكل المنتسبين لها، إلى الحفاظ على قدسية المنظمة، وصورتها الناصعة المرتبطة بجيل الثورة التحريرية، والتصدي للانحرافات الخطيرة، والتدخلات الفجة للمسمى محند أوعمر بن الحاج”، بحسب ما يقول البيان.
وزاد القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني، المجاهد عبد الكريم عبادة، في متاعب جبهة جميعي، بالتأكيد على مساندته موقف المنظمة الوطنية للمجاهدين فيما يتعلق “بضرورة حل الحزب”، معتبرا أنه “حل مناسب لتحرير الحزب وإنقاذه من القيادة الحالية التي وصفها بالعصابة”.
وفي تصريح لموقع “كل شيء عن الجزائر”، بخصوص المطالب التي ارتفعت بشأن إبعاد الحزب من الحوار الذي يقوده كريم يونس، شدد على “ضرورة التفريق بين الحزب كتشكيلة سياسية والأشخاص وما ارتكبوه من أخطاء في حق الحزب”، قبل أن يشير إلى ضرورة “إقصاء القيادة الحالية للحزب وعدم إشراكها في الحوار”.. “لكن هناك مناضلين حقيقيين، يمكن استشارتهم فيما يتعلّق بالوضع الحالي للبلاد”.