عباس ينهي خدمات مستشاريه لمواجهة الأزمة المالية
أنهى الرئيس الفلسطيني محمود عباس خدمات مستشاريه، “بصفتهم الاستشارية”، بصرف النظر عن مسمياتهم أو درجاتهم، وقرّر إلغاء العمل بالقرارات المتعلقة بهم، وإيقاف الحقوق والامتيازات المترتبة على صفتهم.
وأصدر عباس قرارا الاثنين بإلزام رئيس وأعضاء الحكومة بإعادة المبالغ التي تقاضوها عن الفترة التي سبقت تأشيرة الرئيس الخاصة برواتبهم ومكافآتهم، مشدّدا على الوفاء بالمبلغ المستحق عليهم دفعة واحدة.
وأمر باستعادة كافة المبالغ التي تقاضاها رئيس وأعضاء الحكومة الـ17 كبدل إيجار، ممّن لم يثبت استئجاره لعقار خلال الفترة الماضية. وكشفت مصادر فلسطينية ، أن المكافآت التي يتقاضاها أعضاء الحكومة توازي قيمة رواتبهم الأساسية، وهو ما كان مثار انتقادات واسعة.
وأشارت إلى أنّ مستشاري عباس كانوا يتقاضون مكافآت تصل إلى 10 مليون دولار شهريا، يساهم توفيرها في حلّ جانب من الأزمة المحتدمة، بالتوازي مع قرارات أخرى ذهبت إليها وزارة المالية من خلال مشاوراتها مع إسرائيل، ربطت بين تمسّكها بالمكوّن الأمني مقابل توفير أموال المقاصة في توقيتاتها.
وبدت قرارات الرئيس الفلسطيني كجزء من مخطط طويل النفس قرر اتّباعه لمواجهة تراجع مخصصات المانحين للسلطة الفلسطينية، على إثر توقف المساعدات الأميركية رداً على رفض السلطة الفلسطينية لخطة السلام التي تعتزم الإدارة الأميركية الإعلان عنها رسميا بعد الانتخابات الإسرائيلية.
ويحمل توجّه عباس إلى هذا الخيار رسالة سياسية، مفادها أنه يستطيع التعامل مع الموقف الحالي الصعب، وسوف يستمرّ في رفضه للخطة الأميركية، ولديه أدوات تمكّنه من التغلّب على بعض التحديات، من بينها التقشف.
ويشكل الطريق الذي يسلكه الرئيس اعترافا ضمنيا بوجود “بذخ” في الدائرة المحيطة بالرئيس، وهو ما حذّر منه كثيرون. وقال متابعون إن خطة التقشف التي بدأها عباس بمكتبه الخاص وأعضاء الحكومة، سوف تتسع وتشمل دوائر وقطاعات أخرى الفترة المقبلة، وأنّ الدعم الشعبي الذي يلقاه في ظل موقفه من الخطة الأميركية للسلام يجعل هذه القرارات محلّ ترحيب شعبي.
وجاء القرار بعد أيام من عقد اللجنة المركزية لمنظمة التحرير لاجتماع تشاوريّ بشأن أحداث القدس الأخيرة، وانتهى الاجتماع بالتأكيد على ضرورة استخدام جميع الوسائل التي تضمن مواجهة صفقة القرن وتجليّاتها على الأرض.
وتبرهن المواقف على أن التصوّر الفلسطيني الذي يمثّله أبومازن قد يذهب بعيدا باتجاه اتّباع سياسة النفس الطويل في مواجهة الضغوط الأميركية، وأن القرارات التي يغلب عليها الطابع الاقتصادي سوف تشكّل تصحيحا لصورة سلبية بشأن صرف وتوزيع الأموال.
وأوضح طارق فهمي، رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط في القاهرة، أنّ السلطة تعاني أزمة مالية طاحنة ما يقتضي وجود خطة إصلاح اقتصادي للتعامل معها.
ويعدّ إقدام عباس على تلك القرارات جزءا من إجراءات احترازية، حال فشل في إيجاد حل لمشكلة الرواتب التي تؤرقه بشكل أساسي، والتي قد تؤدي إلى انفجار الأوضاع ضدّه.
وتعرّضت مصادر الدخل المباشرة للسلطة للتراجع بفعل الإجراءات الأميركية التي بدأت واشنطن في اتخاذها منذ فبراير، ووصل الوضع ذروته باحتجاز العوائد الضريبية المستحقة من الجانب الإسرائيلي.
وأكّد الخبير في الشؤون الفلسطينية، محمد جمعة، أنّ عباس يواجه أزمة جرّاء تقليص المخصصات الإسرائيلية بفعل قانون التعويضات الذي يقضي بخصم أموال التعويض التي تقرّها المحاكم للأسر التي فقدت أبناءها في مواجهات مع الفلسطينيين، وخصمها من المنبع قبل وصولها للسلطة.
وأضاف ، أنّ الحديث عن الفساد تصاعد بشكل كبير في الضفة وغزة الأشهر الماضية بفعل الأزمات المالية التي تعرّضت لها حركتا فتح وحماس، ومن الممكن أن تفضي الإجراءات ذات الصبغة التقشفية لتهدئة الشارع، وحلّ وقتي للمشكلات الاقتصادية.